الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

المنصورة.. هنا اخترع الفراعنة الكتابة وأسسوا النحت

جداريه لأسد يمشي
جداريه لأسد يمشي بإرتياح متحف الاردبيرسون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحمل محافظة الدقهلية تاريخًا أثريًا امتد لعدة عصور ولعبت دورًا مهما في تأسيس الأسرات الفرعونية، اختراع الكتابة وضع أسس فن النحت.
أوضح سيف العراقي، باحث في الآثار المصرية، إن تاريخ محافظة الدقهلية قديم منذ فجر التاريخ وحتي العصر الإسلامي، وساهم بشكل كبير في وضع لبنات وميلاد حضارة المصريين القدماء في شتى العلوم والمجالات، وأشار إلى أن من تلك المواقع التاريخية  موقع «منديس»، ويقع على مسافة ٢٥ كيلو مترًا جنوب شرق مدينة المنصورة، ويعرف حاليًا بـ«تل الربع».
وأضاف: «كما أطلق على الموقع قديما في اللغة المصرية القديمة وتحديدًا فى الكتابة الهيروغليفية اسم (بانب-جدت) بمعني مدينة الكبش المقدس، نظرًا لمكانة الكبش المقدس (خنوم) الذى صور برأس كبش وجسم آدمي».
وقال «العراقي» إن عالم الآثار الشهير «نافيل» كشف فى هذا الموقع عن مجموعة توابيت كاملة للكباش المقدسة، التي تفترش ما يقرب من مساحة ٥ أفدنة التي كان يحج إليها الموكب الجنائزي، ولا تزال هذه التوابيت موجودة حتى الآن، وترجع تلك التوابيت إلى عصور ما قبل التاريخ، كانت تلك المنطقة مقر للآلهة «حات- محيت»، وكانت تعرف باسم «تا- محيت» بمعني أرض أو موضع إقليم السمكة، في هيئة سمكة «الدولفين»، والتي عثر علي لوحات بالموقع تحمل نقوش لسمكة الدولفين.
كانت «منديس» القديمة عاصمة الإقليم ١٦ من أقاليم الوجه البحري خلال العصور الفرعونية، وتضم «ناووس منديسا» ويعد أكبر ناووس فى مصر حجمًا على الإطلاق.
وأوضح «العراقي» أن الناووس يؤرخ إلى أنه يعود للأسرة ٢٦ وهو بقايا معبد «أحمس الثانى» أمازيس (غنم-ايب-رع)  في عام ٥٧٨-٥٢٥ قبل الميلاد، وتابع أن هذا «الناووس» مشيد من حجر الجرانيت الوردي بارتفاع ٧.٥متر ومقام علي قاعدة من الحجر الجيري بارتفاع ٧.٥متر ليبلغ الارتفاع الإجمالي لهذا الناووس ١٥ مترًا.
وأشار إلي أن موقع تبلله الأثرى بالدقهلية عُرف قديمًا باللغة الهيروغليفية «بر- نفر» بمعنى الفم الجميل، وتابع أن ذلك يرجع إلى أن التل كان يطل على الفرع المنديسي، حيث كان أقدم فروع نهر النيل وتم استغلاله كميناء بحري لمنديس آبان الدولة القديمة.
وأوضح «العراقى» أن ذلك خلال حكم الأسرة ٢١ وحتى الأسرة ٣٠، وتابع أنها حاليًا تُعرف باسم «تل تبللة» ويبعد ٣٠ كيلو شرق مدينة المنصورة، مشيرًا إلى أن «تبللة» تضم بحرًا كبيرًا تسير فيه المراكب بين المنصورة وبحيرة المنزلة، وكان بين تلك المدينة وبين المرساة ترعة صغيرة، تسير فيها المراكب من البحر الصغير إلى بحر تل بللة، حيث كانت المراكب المنحدرة والصاعدة في ذلك البحر، ترسي في محل المرساة ولذلك سميت تلك القرية بهذا الاسم.
وأضاف «العراقى» أن الإله «أوزير خاس» له مكانة مميزة في المدينة القديمة، وتابع أن بعثة نابليون الشهيرة أطلقت عليه «دبلة»، وأطلق عليه الأثرى «جريفيث» اسم «بللة» وأطلق علية بعض المؤرخين العرب اسم تل «بلالا».
وأضاف أن العالم «دي بورجيه» قد ذكر أن تل بللة هو جزء من عاصمة المقاطعة «الهرموبوليتية» من مقاطعات الوجه البحري، وعاصمتها «أشمون الرمان»، وأشار إلى أنه ذكر عثور الفلاحين بهذا التل عن طريق الصدفة علي مجموعة «جعارين» تحمل اسم «من-خبر-رع»، كما عثروا علي خوزة متأكلة من البرونز وتماثيل من البرونز تمثل الإله «أوزير»، والتي  كانت مقبرة مبنية من الطوب اللبن، وتمثال من الحجر الجيري بارتفاع ٧٠ سنتيمترًا، لشخص يدعى «أوزير نخت» علية نقش اسم ووالدة ووالدته.
كما أن هناك اكتشافات أثرية تعود للدولة القديمة، وعصر الانتقال الأول والعصر المتأخر، والعصرين اليونانى والرومانى حيث كانت «تل تبللة» ضمن مقاطعة مملكة «أوسركون الرابع» التانسية، فى نهاية عصر الاضمحلال الثالث، وخلال حملة الملك «بعنخى» عام ٧٢٨ ضد شمال مصر، وبعض منها موجودة في المتحف المصرى بالتحرير مثل تمثال لكاركالا مكتشف من «منديس» وناووس «نختنبو» مع الإله «حورس» مكتشف من تل تمي الأمديد وتمثال جرانيت لأسد مكتشف من تل المقدام وهذا التمثال يزين حديقة المتحف المصري ولوحة «منديس» الشهيرة للملك «بطليموس الثانى» التي تعد من أهم المصادر التاريخية للبطالمة، وقد عثر عليها في معبد تيس منديس المقدسة وهى مصنوعة من حجر الرملة ويبلغ ارتفاعها ١.٤٧ متر وعرضها ٧٨ سنتيمترًا.
أما الآثار التي تزين المتاحف العالمية فمنها جدارية تصور أسدًا يمشى بارتياح مكتشف من تل المقدام موجود فى متحف ألار بيرسون، وقلادة من الفيانس الأصفر على هيئة صقر مكتشفة من تل تمى الأمديد عام ١٩٦٤، وتابع أنها موجودة فى متحف الفنون الجميلة فى بوسطن، وقاعدة تمثال جالس يحمل اسم «بسماتيك الأول» فى متحف باليرمو بإيطاليا. وأضاف «العراقى»: نظرًا لأهمية المنصورة وتنوع الحقب الزمنية بها ساهمت آنذاك بشكل كبير في تأسيس الأسرات الفرعونية»، وتابع أنها ساهمت في اختراع الكتابة وتدوين أفكارهم، كما ساهمت  في وضع أسس فن النحت.