الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المعاقون يا محلب!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل شهرين تقريبا أصدر رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي قرار إقالة أمين عام المجلس القومي لشئون الإعاقة هالة عبد الخالق وإعفائها من مهام منصبها، بعد ستة أشهر من فترة ولايته، تجاهل خلالها عشرات التظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي نظمتها حركات المعاقين المختلفة للمطالبة باستبعاد الأمين العام السابق ومحاسبتها على جملة ما ارتكبته من مخالفات إدارية علاوة على إدارتها السيئة للمجلس، بخلاف ما تقدم به بعض أعضاء مجلس الإدارة من مذكرات تشرح أوجه العوار والفشل وتكشف كيف عملت الأمين العام السابق على أخونة هذا الكيان الحكومي خلال فترة حكم الإخوان والأشهر التي تلت ثورة الثلاثين من يونيو.
الببلاوي أقال الأمين العام ولم يعين بديلا لها وظل متجاهلا لشئون المجلس التابع لرئاسة الوزراء حتى تقدم باستقالته، وهو ما يعكس انعدام الإحساس بالمسؤولية تجاه نحو 12 مليون مواطن مصري من ذوي الإعاقة من المفترض أن يعنى هذا المجلس بأحوالهم، وقد ترتب على ذلك توقف كل أعمال المجلس بسبب عدم وجود مدير تنفيذي له صلاحية اتخاذ القرارت الإدارية والمالية حتى هذه اللحظة.
ليس ذلك فحسب فقد طلب أعضاء مجلس الإدارة من نائب رئيس الوزراء السابق زياد بهاء الدين حل مجلس الإدارة وإعادة تشكيله ومراجعة ميزانية العام المالي المنصرم 2012-2013 وفحص كافة أعمال المجلس في ضوء ما طرح من شكوك وعلامات استفهام حول الأداء المالي والإداري في مذكرات أعضاء مجلس الإدارة وكان كاتب هذه السطور واحد منهم.
الإهمال والتجاهل (سلو) الحكومة في عهد الإخواني هشام قنديل والليبرالي حازم الببلاوي, وأخشى ما خشاه أن يمضي مهندس إبراهيم محلب في نفس المسار ناسيا أن من بين الـ94 مليون مصري 12 مليونا من ذوي الإعاقة استبشروا خيرا بقرار الدكتور كمال الجنزوري بإنشاء هذا المجلس قبل نحو أسبوع من رحيله.
شخصيا التقيت مؤخرا بالمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء في مناسبة عامة وحدثته سريعا عن ضرورة الالتفات إلى هذا الكيان الحكومي وأجاب في عبارة مقتضبه أنه مهتم بشكل شخصي بالموضوع، ومع ذلك لا تزال المخاوف والشكوك بشأن جدية اهتمام الحكومة قائمة، لاسيما أن المواطنين من ذوي الإعاقة كانوا دائما من المنسيين في هذا البلد، بل وربما المحذوفين من اجندة عملها، ولا أقول حتى "المهمشين" والسبب في ذلك أن الذهنية العامة دائما ما تطرح قضية الإعاقة ليست بوصفها قضية مجتمعية تشتمل على جميع الأبعاد السياسية والاقتصادية والثقافية والمعرفية وإنما تطرحها كباب من أبواب إنفاق الصدقات والزكوات ومنح العطايا والهبات.
غاب دائما المفهوم الحقوقي والواجبات ذلك أن المجتمع بنخبه السياسية والثقافية اعتاد ألا ينتظر من المعاقين أداء ما عليهم من واجبات تجاه الوطن، ومن ثم لم ينتبه أن لهم حقوقا وتعامل مع تلك الحقوق بوصفها احتياجات لمجموعة من العجزة الطيبين.
وفي ظل إدارة المجلس الحالية فشل في أن ينقل هذا المفهوم إلى المجتمع، وإن كان قد نجح في فرض مواد دستورية عبرت عن هذا المفهوم في الدستور الحالي وربما تكون هذه هي الحسنة الوحيدة التي قام بها بفضل.

لكن تبقى هناك مشكلة دائما في ترجمة تلك المواد على أرض الواقع في ظل سنوات الإهمال والنسيان.
وأتصور أن على المهندس إبراهيم محلب أن يبدأ سريعا أو أن يسرع في خطواته وإجراءاته بشأن إعادة تشكيل مجلس الإدارة، وهيكلة المجلس من الداخل واختيار رئيس أو أمين عام من ذوي الإعاقة ويتمتع بخبرة علمية وفنية في المجال ولدية رؤيةً وخطة عمل حقيقية تتفق مع اختصاصات عمل المجلس الوارده في قرار إنشائه علاوة على تمتعه بوعي سياسي بطبيعة التحديات التي يواجهها الوطن.
وبالتوازي مع هذه الإجراءات يجب إن تتجه الحكومة إلى تشكيل لجنة محايدة تضم إعضاء في الأجهزة الرقابية المختلفة لفحص جميع المستندات والملفات الخاصة بأعمال المجلس وقراراته المالية والإدارية منذ بداية عمله وحتى الآن مع مراجعة ما تم تحريره من عقود عمل شابها العوار وغابت عنها معايير تكافؤ الفرص والنزاهة والشفافية، إلى جانب مراجعة ما بقي من آثار الإخونة داخل الهيكل الوظيفي، لكن الالتفات إلى المجلس القومي لشئون الإعاقة ليس الواجب الوحيد المفروض على محلب تجاه المعاقين بوصفه رئيسا للحكومة، بإمكانه إصدار قرارات بتفعيل جاد لنسبة 5% المقررة قانونا لذوي الإعاقة في العم   واتخاذ قرار بتخصيص نسبة 10% على الأقل من الوحدات السكنية التي تبنيها الحكومة وفي هذا السياق أدعو إلى الإعلان عن تخصيص هذه النسبة في المليون وحدة سكنية التي ستبنيها إحدى الشركات الإماراتية بالتعاون مع القوات المسلحة المصرية.
بإمكان محلب أيضا أن يفعل قرارات مجانية ركوب المواصلات العامة، بالإضافة إلى فرض كود الإتاحة على جميع المباني الحكومية بشكل خاص حتى يتمكن ذوو الإعاقة الحركية من ارتيادها ومعظم أقسام الشرطة ومقار المحافظات والمحليات لا يوجد بها ما يسهل على المعاقين حركيا دخولها.
أجندة العمل لا تنتهي لكن التنظيم والاهتمام ومعهما النية الصادقة والعمل الجاد عوامل تضمن بداية حقيقة لا سيما أن بعض الجمعيات الاهلية الممولة من قبل جماعة الإرهابية وبعض التيارات السلفية المتشددة تعمل على تقديم بعض الخدمات لذوي الإعاقة وأسرهم لتستثمرهم ككتل تصويتية في ظل الفقر وقلة الوعي، كما أنها تبيعهم أفكارها المسمومة مع كل جنيه أو تذكرة علاج أو كرسي متحرك أو عصا بيضاء تمنحها لأحدهم.
طالما نبهت وحذرت من الاستخدام السياسي لحاجة ملايين المصريين من ذوي الإعاقة من قبل تيارات الإسلام السياسي كوني واحدا من هذه الملايين، ولكن دون جدوى فهل يدرك إبراهيم محلب هذا الخطر كأولوية آنية ثم هل هو يدرك هذه المسؤولية تجاه مواطنين أسقطوا عمداً من ذاكرة الدولة؟!