الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

أحمد البشر الرومي.. أول من أرخ للكويت في يومياته

احمد البشر الرومي
احمد البشر الرومي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"إنما الصحف كطير، يشتهي الحر هديله، كل من شاء رقيا، صير الصحف سبيله".. هذين البيتين وردا عن الكاتب والمؤرخ الكويتي أحمد البشر الرومي ولم يأت بغيرهم قط.

الرومي يعد أحد أوائل الكويتيين الذين كتبوا مذكراتهم الشخصية وانتقد بعض العادات الخاطئة، وهو واحداً من كبار الأدباء والمؤرخين والمفكرين الذين أنجبتهم الكويت، ولم يصل لتلك المكانة البارزة إلا بعد جهد مضن وعناء بذلهما بانكبابه على المخطوطات النادرة والكتب القيمة حيث نهل علومها بتعمق ودراسة وافية، إلى أن لقي ربه عن عمر يناهز الـ 77عاماً.

المؤرخ احمد البشر الرومي 

ميلاد وتعليم الرومي
ولد الكاتب أحمد الرومي في عام 1905 ، بأحد أحياء دولة الكويت ، والتحق بالمدرسة المباركية وذلك في سن السابعة من عمره ، حتى ينتهل منها المعارف خلال الأعوام التي قضاها هناك ، ثم بعد ذلك قام بالالتحاق بكتاب الملا عبد الوهاب الحنيان والذي يعتبر من أهم المدارس الشعبية التي تخصصت في تلاوة و حفظ القرآن الكريم و تعلم قواعد الدين الإسلامي الحنيف ليعود مرة أخرى ويستكمل تعليمه بداخل المدرسة المباركية حتى عام 1921، واستطاع خلال هذه الفترة أن يلتقي بعدد كبير من المثقفين والرواد في الأدب آنذاك ليكتسب منهم الخبرة ، ليأتي عام 1939 ويصبح أحمد البشر الرومي ، أحد الأساتذة في المدرسة الشرقية الإبتدائية، كونه أستاذاً لمادتي التاريخ والجغرافيا.


بدأ الرومي كتابة يومياته في 1939م، يُحسب له أنه كان أول كويتي يقوم بكتابة يومياته، فصارت تلك اليوميات مرجعاً للمشتغلين في التاريخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمع الكويتي ومجتمعات المنطقة، ولعل ما ساعد الرومي على خوض هذا الميدان، والتألق فيه عوامل منها ثقافته، وعلاقاته المتشعبة مع رجالات عصره في الداخل والخارج، ومعاصرته لأحداث مصيرية غيّرت وجه وطنه، ناهيك عن عمله في التجارة والغوص والتدريس والوظائف الحكومية من جهة، وتشعب اهتماماته ما بين فنون الغناء والشعر والأدب من جهة أخرى.

 

رائد التنوير

 امتلك حساً تنويرياً مبكراً نجد تجلياته في دعوته مبكراً إلى ضرورة تعليم المرأة الكويتية في حقبة كان الناس فيها يرفضونه ويقاومونه، وهذه الشجاعة في التصريح بما كان يؤمن به تكررت حينما قام أحد رجال الدين المتشددين بإهدار دم مؤرخ الكويت الأكبر الشيخ عبدالعزيز الرشيد، بسبب إباحته قراءة الصحف وطباعتها ودعوته لتدريس العلوم والمعارف العصرية، إذ تصدى آنذاك لهذا الموقف، وكان في مقدمة من دافعوا عن الرشيد.
 

مقتنيات الرومي :
كان الرومي يمتلك مكتبة ممتلئة بالكتب والأفلام والكتب المصورة ومخطوطات مصورة وآلة لقراءة الأفلام وخرائط برية وبحرية، وفي 5 يناير 1981 ذهب إلى المحكمة ليوصي بأن تقدم مكتبته الخاصة إلى المكتبة العامة التابعة لوزارة التربية والتعليم أو أي جهة تؤول إليها المكتبة العامة، ومن الذين شهدوا على هذه الوصية عبد العزيز علي المجرن وعباس سيد طالب عبد النبي مصطفوي ، وكانت مكتبته تحتوي على أكثر من سبعة آلاف كتاب.

مؤلفات الرومي :
كتب الرومي مقالات مهمة كثيرة في جريدة البعثة الكويتية جمعها في كتاب بعنوان "مقالات عن الكويت" ، وأصدره سنة 1966، وكما أصدر كتاباً ضخماً من جزأين عن "الأمثال الشعبية الكويتية" جمع فيه نحو 7 آلاف مثل شعبي، بعد عمل مضن استغرق 30 عاماً درس وحلل وقارن فيها الأمثال الشعبية في الكويت مع ما يقابلها في الوطن العربي. وصدر له أيضاً كتاب سنة 1970 اشتمل على الأشعار المتناثرة لصديقه صقر الشبيب مع إسهاب في المقدمة عن الشاعر بحكم ملازمته له منذ شبابه.

ديوان شعر الرومي :
كتب الرومي مقدمة ديوان الشاعر الشعبي فهد بورسلي وراجع مادته وضبطها قبل صدوره عام 1974، وعمل الشيء نفسه مع ديوان الشاعر عبدالمحسن الرشيد، كما كتب مقدمة كتاب "الموسيقى والغناء في الكويت" لأحمد علي، الصادر عام 1980، وله العديد من مخطوطات الكتب ذات الصلة بتاريخ الكويت ومنها مخطوطة عن الألعاب الشعبية وأخرى عن أسماء السفن وأجزائها طبعت بعد وفاته في كتاب بعنوان "معجم المصطلحات البحرية" في الكويت.

وفاة الرومي :
6  يناير 1982، غيب الموت المؤرخ الكويتي الرومي ، تاركاً وراءه ثمار جهده الكبير في البحث والتنقيب والدراسة والتحليل في ميادين التاريخ والتراث والفن والأدب، ما جعله خالداً في وجدان وطنه وشعبه.
والجدير بالذكر أنه كان له عبارة مهمة بشأن الموت، حيث قال: "إنني لا أخشى الموت، وقد جربتُ الحياة 72 سنة، وما يضرني أن أجرب الموت فربما يكون ما وراء الموت خيراً من الحياة"، وذلك في معرض رده على طبيبه البريطاني حينما كان يتعالج في لندن من مرض خطير سنة 1978.