الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

العلاقات المصرية الإماراتية.. الأبناء دائمًا على درب الأب

الإمارات
الإمارات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لا يخفى على أحد عمق العلاقات الإستراتيجية القائمة بين مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة وتجذرها، حيث تعد نموذجًا للعلاقات الاخوية التي يجمعها المصير والمستقبل واحد.

وتتوافق العلاقات المصرية الإماراتية إلى درجة التطابق شبه الكامل في وجهة نظر الدولتين تجاه القضايا الإقليمية والدولية؛ حيث تتفق القاهرة وأبوظبى على ضرورة احترام القانون الدولي، ومكافحة الفكر المتطرف والتنظيمات الإرهابية، وإرساء قيم التعايش المشترك وقبول الآخر، وحل الخلافات بين الدول بالطرق السياسية والسلمية وطاولة الحوار، وليس بالبندقية والرصاص، وهو ما أثمر أن تحول محور «القاهرة - أبوظبي» إلى رافعة سياسية لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة العربية والشرق أوسطية.

والبلدان لديهما إيمان كامل بأن «الاستثمار في الاستقرار» هو أفضل طريق لبناء المستقبل في الإقليم العربي، ولهذا تعمل مصر والإمارات بشكل دائم من أجل تعزيز العمل العربي المشترك، وتوحيد الصوت العربي في مواجهة كافة التحديات والتدخلات الخارجية، وأثمر هذا التعاون المصري الإماراتي عن دعم وتقوية «الدولة الوطنية العربية» في مواجهة التنظيمات والميليشيات الإرهابية والظلامية.

الأمن القومي العربى

ساهم التوافق في الرؤى بين الإمارات ومصر تجاه مختلف القضايا والتحديات الإقليمية والدولية، في تعميق وترسيخ العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، التي أصبحت رصيدًا لكل الأمة العربية، من أجل التصدي لكل ما يحاك ضد الأمن القومي العربي، وهو ما تعكسه تصريحات ومواقف البلدين، حيث تؤكد القيادة المصرية، والرئيس عبدالفتاح السيسي، دائمًا أن أمن مصر القومى مرتبط بأمن منطقة الخليج العربي عامة، وبدولة الإمارات خاصة.

تعاون عسكرى

وإدراكًا لخطورة ما يمر به الإقليم العربى من تعقيدات وتشابكات شهدت الفترة منذ عام ٢٠١٤ وحتى اليوم، تعاونًا غير مسبوق فى المجال العسكرى بين مصر والإمارات، حيث شاركت قوات البلدين البحرية والجوية والبرية في سلسلة من التدريبات العسكرية المشتركة كان أبرزها فعاليات التمرين العسكرى المشترك «زايد ٣» فى مايو الماضى، ومشاركة القوات الإماراتية في فعاليات التدريب المشترك «سيف العرب» في ٢٢ نوفمبر الماضي، كما نفذت القوات المسلحة الإماراتية والمصرية التدريب العسكري المشترك «صقور الليل» في نوفمبر ٢٠١٩، وفي ٢٥ يوليو ٢٠١٨ انطلقت فعاليات التدريب البحري المشترك «استجابة النسر ٢٠١٨»، وقبلها في أبريل من العام ذاته جرت فعاليات التدريب البحري المصري الإماراتي المشترك «خليفة ٣»، وغيرها الكثير والكثير من التدريبات والمناورات المشتركة بين البلدين.

وتشكل الجوانب الاقتصادية أحد الأعمدة القوية للعلاقات المصرية الإماراتية، وقد ساهمت الإرادة السياسية القوية لدى قيادتي البلدين في الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية حتى أصبحت نموذجًا في العلاقات العربية والإقليمية، وقدمت الإمارات ٤ مليارات دولار لدعم الاقتصاد المصري عقب ثورة ٣٠ يونيو، كما يعد السوق الإماراتى الوجهة الأولى للصادرات المصرية ويستقبل سنويًا نحو ١١٪ من إجمالي صادرات مصر للعالم، في حين تساهم الإمارات في السوق المصرية بمشروعات تزيد استثماراتها على ١٥ مليار دولار، بالإضافة إلى تأسيس منصة استثمارية بـ٢٠ مليار دولار، بحسب بيانات رسمية للحكومة المصرية.

وتعد الإمارات الشريك التجاري الثاني عربيًا والتاسع عالميًا لمصر، حيث بلغ حجم التبادل التجارى غير البترولي بين البلدين خلال عام ٢٠١٩ نحو ٦ مليارات دولار، بنسبة نمو بلغت ٩.٦٪ مقارنة بعام ٢٠١٨، وتعد مصر سادس أكبر شريك تجاري عربي للإمارات، حيث إن عدد الشركات الإماراتية في مصر يزيد على ١١٦٥ شركة، تعمل في مختلف المجالات الاقتصادية.

محطات تاريخية

شهدت العلاقات الإماراتية المصرية محطات تاريخية على مدى ٥٠ عامًا، ستبقى محفورة فى سجل التاريخ وذاكرة البلدين، ومن أهمها تلك المساعدات الاقتصادية التي أمر بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات للقاهرة في عام ١٩٦٧، عقب نكسة يونيو.

ثم أعقب ذلك بـ٤ أعوام، بداية العلاقات السياسية بين الإمارات ومصر، لينطلق بعدها بأقل من عامين دعم جديد من الإمارات لمصر في حرب أكتوبر ١٩٧٣.

وكما لا ينسى العرب مقولة الشيخ زايد، لا ينساها المصريون حين أطلق مقولته الشهيرة «النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربى».

وفى عام ١٩٩٥، أمر الشيخ زايد ببناء مدينة زايد في مصر لإسكان ١٥٠ ألف نسمة، وفي عام ٢٠١٣ جاء الدعم في الظروف الحرجة التي مر بها المصريون، ليكون سياسيا واقتصاديا بعد ثورة ٣٠ يونيو.

ويسجل التاريخ للشيخ زايد أنه الرجل الذي غرس التوجه نحو مصر بكل الحب والتقدير وتعهد العلاقات الإماراتية-المصرية بالرعاية والعناية، ونسج علاقات بالغة التميز والخصوصية معها.

وهناك العديد من المشروعات التي أقامها على أرض مصر، ومن أهمها مدينة الشيخ زايد، وهي إحدى المدن الجديدة التي أنشئت عام ١٩٩٥ بتمويل صندوق أبوظبي للتنمية.

كذلك حى الشيخ زايد بمدينتى السويس والإسماعيلية، وهما من الأحياء التي قدمها زايد للمصريين كمساهمة جادة في إزالة آثار العدوان الإسرائيلي على مدن القناة في حرب يونيو عام ١٩٦٧.

ومنها قناة الشيخ زايد بطول ٥٠ كيلومترًا فى توشكى، لزراعة ٤٥٠ ألف فدان، وقدمها رحمه الله هدية لمصر، وترعة الشيخ زايد في منطقة وادى النطرون، وترعة الشيخ زايد شرق قناة السويس فى قلب سيناء، والتي تروى ٤٠ ألف فدان، كل ذلك عن إيمان عميق منه بمصر ودورها الحيوى والتاريخى تجاه أمتها العربية.

والمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان هو صاحب المقولة الشهيرة «مصر بالنسبة للعرب هى القلب، وإذا مات القلب فلا حياة للعرب».

تظل العلاقات المصرية الإماراتية شاهدا على أن الأبناء دائمًا على درب الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي ظل عاشقًا ومحبًا لمصر وشعبها.