السبت 01 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ألغام في طريق السيسي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدأ الشعب المصري في التعامل مع وزير الدفاع المشير عبدالفتاح السيسي على أنه الرئيس القادم لحكم مصر لما له من شعبية جارفة حققها الرجل بكفاءته العالية حينما انحاز إلى ثورة الشعب يوم 30 يونيه وانحازت معه القوات المسلحة دون أن يكون هناك أي إشارة لوجود تصدع في جسد القوات المسلحة وهذه تحسب لأي قائد أن ينجح في إقناع قوات بالتوجهات دون حدوث أي حركة تمرد ضده تخالفه في الرأي أو فيما ذهب إليه وهذه من حسنات الجيش المصري، حيث إنه يتربى على عقيدة عسكرية هي مصلحة الوطن أولاً وأخيرًا ولذا عندما عرض الرئيس المعزول الإخواني محمد مرسي على اللواء محمد زكي قائد الحرس الجمهوري منصب وزير الدفاع بدلاً من المشير عبد الفتاح السيسي مقابل إلقاء القبض على المشير عبد الفتاح، رفض ذلك وقال للمعزول نحن نربى في الجيش على احترام الرتبة الأعلى وعلى احترام القيادة والسمع والطاعة لأوامر قادتنا مما يدلل على أن المعزول وجماعته لم يكن لديهم دراية بالتربية العسكرية داخل الجيش المصري، ولا العقيدة العسكرية لهذه المؤسسة الأهم والأخطر في دولة مصر، وبإذن الله سوف يختار الشعب قائده في المرحلة القادمة لأنه يرى صورة الزعيم أو ظهور البطل الذي يصنع التاريخ وخاصة بفرض الإرادة الحرة للشعب المصري عندما توقفت أمريكا عن إرسال المعونات العسكرية والمدنية إلى مصر بحجة الانقلاب وتمارس الضغوط لعودة الإخوان، فكان الرد على هذا الموقف الأحمق وتجاهل ثورة 30 يونيه على درجة عالية من التحدي المنضبط عندما توجه المشير صوب روسيا التي وجد فيها أسمى آيات الترحيب ولما لا ومصر هي "رومانة الميزان" لمنطقة الشرق الأوسط؟ فمن هنا أسس الأسكندر الأكبر إمبراطورية ومن مصر حاول نابليون بونابرت تقليد الإسكندر باحتلال مصر لتحقيق حلم الإمبراطورية، وقد صدقت رئيسة المحكمة الفيدرالية السابقة عندما وبخت أوباما على موقفه من مصر، وقالت له "أعلم بأنك جاهل ولا تقرأ كيف تعامل الشعب المصري صاحب أقدم حضارة إنسانية وكأنك تتعامل مع نيكارجوا".
فأمام السيسي حقل ألغام سوف يدخله مع دخوله القصر الرئاسي فإما ينجح السيسي في تخطي هذه الألغام أو أن يبطل مفعولها فتدوم له الرئاسة ويستطيع أن يحقق بعض أحلام المواطن والوطن أو يفشل وينفجر فيه لغم أو أكثر كفيل بأن يطيح به ليس خارج قصر الرئاسة فقط، ولكنها نهاية الحياة السياسية له ويتحول من متفوق مع مرتبة الشرف إلى فاشل مع مرتبة سرير البيت، ونحن بقلة خبرتنا وجهدنا المقل من باب حب هذا الوطن وحبنا أن يعبر من مجموعة الأزمات التي تلتف حول عنقه تريد قتله ومن باب حبنا ودعمنا للمشير نضع بعض هذه الألغام وهي كثر، ونحاول أن نلقي الضوء على أحلام الأمل في النجاح، وذلك لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
أولاً: سيواجه السيسي وضعًا خارجيًا سيئًا بسبب الدعم الأمريكي القوي لجماعة الإخوان وجماعات إفشال الدولة على غرار 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين ومن على شاكلتهم وليس بمستغرب أننا نجد تحرك الناشطات الفرنسيات لزيارة قطاع غزة مدفوعا من جمعيات حقوقية أوروبية تدعم جماعة الإخوان وعلى علاقة وثيقة بأجهزة مخابراتها ونجد أن أعضاء 6 أبريل ومن على شاكلتهم في استقبالهم في المطار ومحاولة تسويق أن ثورة 30 يونيه انقلاب ضد الرئيس الشرعي المعزول محمد مرسي وكأنهم يعزفون جميعًا على أنغام البيت الأبيض رب نعمتهم الذي أنقذهم من الفقر وركوب الميكروباص إلى الغنى والثروة وركوب الـB.M.W وغيرها وضع آخر متأزم مع إثيوبيا ومشكلة "سد النهضة" الذي لو اكتمل بهذه الطريقة كما يقول الخبراء سوف يقلل من حصة مصر في مياه النيل والتي هي في أشد الحاجة لتنمية مواردها المائيةو لمن يريد المعرفة فإن المياه التي تدخل نهر النيل سنويًا تقدر بحوالي 85 مليار متر مكعب من المياه نصيب مصر هو 55 مليار متر مكعب والسودان 22 مليار متر مكعب فيكون مجموع مصر والسودان قرابة 77 مليار متر مكعب من إجمالي 85 مليار وإثيوبيا لم تكن بحاجة إلى مياه النيل على مدار مئات السنين، وكان حوالي 14 مليار متر مكعب من المياه يتم هدرها في البحر المتوسط حتى قامت مصر ببناء السد العالي، وأنشأت أكبر بحيرة صناعية في العالم وهي بحيرة ناصر، ويقدر مخزون المياه خلف بحيرة ناصر بوالي 180 مليار متر مكعب وهو بطول قرابة 500 كيلو متر منها 300 كيلو داخل حدود مصر و200 داخل حدود السودان وبعرض تقريبي يصل إلى 20 كليو متر، أما سد النهضة فسوف يتم تخزين قرابة 74 مليار متر مكعب بعد استكمال بنائه بـ6 سنوات هي فترة التخزين القصوى للسد.
تعنت إثيوبي مدعم بدولة قطر الأمريكية ودولة تركيا والتنظيم الدولي للإخوان ويحرك الجميع جهاز المخابرات الإسرائيلية والأمريكية لتركيع أي حكومة وطنية تحكم مصر وجعلها فاقدة السيادة وقرارها الوطني، أما احتياج إثيوبيا لمياه النيل فلا حاجة لإثيوبيا لمياه النيل، حيث يتساقط المطر على جميع محافظات إثيوبيا طوال العام بكمية تقدر بأكثر من 1500 مليار متر مكعب وكل ما تحتاجه إثيوبيا من السد هو توليد الكهرباء وبكمية وفيرة وهذا لا يحتاج لأكثر من 11 مليار متر مكعب للتخزين حتى لا تضر إثيوبيا بحصة مصر في المياه التي هي بالنسبة لمصر مسألة حياة أو موت، حيث إن مصر ليس لديها أي مصادر مياه أخرى سوى نهر النيل بخلاف إثيوبيا التي لديها مصادر متعددة.
وسوف تصنع أمريكا مشاكل خارجية كثيرة للسيسي، منها انتهاكات حقوق الإنسان وقمع الحريات ومخالفة اتفاقيات كامب ديفيد وهلما جرا وغيرها من الألغام الخارجية كمنع المستثمرين من العمل في مصر ووقف الدعم عن مصر.. إلخ فماذا سيفعل السيسي؟
ثانيًا: سيجد السيسي نفسه أمام مشاكل داخلية مستعصية على جهابذة الحلول ومع استعصاء هذه المشاكل فهي مطلوب حلها على عجل، فهذه مشاكل قوية تحتاج لحل في أسرع وقت مع فقد الإمكانيات أولها: مشكلة الإرهاب المدعوم دوليًا من أمريكا وقطر وإسرائيل وتركيا وينفذ بأيدي الإخوان وحلفائهم من التكفيريين المدعومين ماديًا جيدًا واستخباراتيًا جيدًا، أيضًا هذا الإرهاب الذي يستهدف تقويض أركان الدولة كضرب الاقتصاد والسياحة وخطوط الغاز والبترول وخطوط الكهرباء "الضغط العالي" وشبكات المياه وشبكات المحمول كل هذه الضربات هدفها إفشال الدولة أو أي حكومة تريد أن تنهض نهضة حقيقية بهذا البلد وتعطيل الدراسة تعطيل المواصلات وحرق مقرات الشرطة والجيش واستهداف عناصر هذه المؤسسات مع عناصر الدولة الفاعلين في هذه الحكومة وإصرار الإخوان وحماس الجناح العسكري للجماعة بقطاع غزة على إرباك المشهد المصري واستدراج الجيش لتوزيع قواته في كل محافظات مصر وفي آخر تقرير "لأوضاع الجيش الإسرائيلي في المنطقة" ذكر مركز الدراسات الاستراتيجية بإسرائيل بأن الجيش الإسرائيلي الآن في أفضل أحواله منذ نشأة إسرائيل في 1948 حيث إنه تم إخراج العراق من الصراع العربي الإسرائيلي وحيث تم إخراج سوريا أيضًا من الصراع العربي الإسرائيلي على الأقل لمدة 10 سنوات قادمة في حالة هدوء الوضع في سوريا وهذا الأمر بعيد المنال الآن، كما أن جماعة الإخوان وحلفائها في مصر نجحت في تشتيت جهود الجيش المصري في سيناء واستدرجته لتوزيع قواته على المدن، وبذلك يتحقق للجيش الإسرائيلي التفوق في المنطقة وهذه من الخدمات التي قدمتها جماعة الإخوان للجيش الإسرائيلي فقد ساعدوا في هدم العراق وسوريا والآن السعودية لهدم الدولة المصرية مدعومين من الغرب وإسرائيل وقطر وتركيا فهكذا يجد السيسي نفسه وقد فرضت عليه مشكلة المحافظة على الدولة المصرية في مواجهة الغرب بزعامة أمريكا وإسرائيل والإخوان ما هم إلا أداة من أدوات الاستعمار وقد كان مسئول الإخوان حسن عبدالمجيد يتفاوض مع قائد القوات الأمريكية في العراق لمرحلة ما بعد صدام ودخلت جماعة الإخوان بغداد محمولة على دبابات بول بريمر، وقد سرح حسام العواك القائد العسكري للجيش الحر في سوريا بأن جماعة الإخوان تسرق ثورة الشعب الثوري عن طريق التنسيق مع جهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد" للتنسيق سوريا لما بعد بشار الأسد ومسئول الإخوان في سوريا عصام حنيتو مقيم إقامة دائمة في تل أبيب فماذا سيفعل السيسي مع إعلام موجهة لتشويه أي مواجهة مع هذا الطابور الخامس على أنها انتهاك لحقوق الإنسان وانتكاسة للديمقراطية.. إلخ.
ثانيًا: من الألغام الداخلية التي يتحتم على السيسي مواجهتها وبكل حسم مشكلة "الفساد" الذي أصبح يأكل مجهود الدولة في مشاريع التنمية وأصبح متجزأ في أركان الدولة ووصل إلى كل مكان وله من يحميه وسوف أضرب بعض الأمثلة على الفساد التي لو نجح السيسي في القضاء عليها وملاحقة المجرمين فلن يحتاج إلى أي مساعدات خارجية، فعلى سبيل المثال تنظر المحكمة الآن قضية فساد رفعها المناضل حمدي الفخراني على رجل يدعى "محمد قورة" حصل على 125 مليون متر أرض في منطقة العياط، بحجة استصلاحها للزراعة قرابة 30 ألف فدان بسعر المتر (5 قروش) أي 20 مترا بجنيه واحد ثم بعد سنتين بدأ تقسيمها أرض مبان لبيع المتر الواحد بقرابة "500 جنيه" تخيلوا الأرقام الفكلية التي دخلت جيب هذا الفاسد، فقط أظن أنها تصل 75 مليار جنيه هذا واحد فقط ممن أكلوا أموال الشعب المسكين وغيره كابن أخت يوسف والي حصل على ألفي فدان بسعر الفدان 50 جنيها وبعدها أي بعد تسجيل الأرض رسميًا باع الفدان بـ50 ألف جنيه ناهيك عن الغبن والظلم الشديدين في بيع القطاع العام وسوف أضرب مثلاً، كان في "منطقة طره" مصنع على النيل يقع على مساحة أربعين فدانا يسمى مصنع المراجيل تم بيعه بأبخس الأثمان على أساس أنه مصنع غير مربح بـ12 مليون جنيه مصري، ثم قام المالك الجديد بتفكيك المصنع وبيع الأرض "إسكان" على الكورنيش، وملف القطاع العام وحده أهدر على الدولة (240) مليار جنيه وتم بيع أكثر من 250 شركة ومصنع بأقل من عشر ثمنها لمكاتب يهودية وأمريكية عن طريق المسئولين في حكومة عاطف عبيد وغيره الذين كانوا يعملون كسماسرة لهذه المكاتب وحصلوا على مليارات عمولة لبيع وطنهم.
فماذا سيفعل السيسي الذي لو نجح في وقف نزيف الفساد واسترجاع حقوق الشعب فلا أظن أنه يحتاج إلى مساعدات خارجية، واليوم بدأت مافيا الفساد والحزب الوطني الفاسد تلف خيوطها حول السيسي في صورة دعم حملات ترشيح السيسي، وكما كان يفعل لمبارك بدأت قوى الفساد تفعل مع السيسي فهل ينجح السيسي في إبعاد نفسه عن  النظامين السابقين أم أنه سيقف لا حول ولا قوة له أمام سطوة الفاسدين والمفسدين في الأرض؟
ثالثًا: من أكبر الألغام في طريق السيسي إيجاد فرص عمل لملايين العاطلين وفتح أبواب رزق لهؤلاء العاطلين وأصحاب الحرف الطفلية وملايين من الباعة الجائلين الذين نشروا الفوضى في الشارع المصري وتحولوا إلى عصابات يحمي بعضها بعضا، وأصبح لهم سطوة يخشاها رجل الشارع في ظل فوضى عارمة وغياب تام للأمن الاجتماعي غيابًا متعمدًا من رجال الشرطة الذين ما زالوا يصممون على تلقين الشعب دروسًا بسبب ما حدث لهم في ثورة 25 يناير وأهانتهم وحرق مقراتهم فمازالوا يتركون الشارع لقوى البلطجية والعصابات، كما أن عددًا من رجال الشرطة عادوا بالوجه القبيح من إهانة للمواطنين متعمدة في أقسام الشرطة والإهمال المتعمد للبلاغات حتى أصبح الناس وقد يئسوا من إنصاف الشرطة لهم وهذه كارثة إن لم يتداركها السيسي فهي سوف تأذن بثورة أخرى حتى لو جاء في الحكم عمر بن الخطاب وليس السيسي.
رابعًا: انهيار المنظومة التعليمية وتكدس الفصل الدراسي وعدم التزام هيئة التدريس بالحضور وتفشي الدروس الخصوصية التي ثلثهم 3/1 دخل أي أسرة مصرية متوسطة الحال والتسرب من التعليم الأساسي ووجود آلاف من المدرسين وأساتذة الجامعات المنتمين لجماعة الإخوان يحرضون الطلبة والطالبات على النظام ويبثون ثقافة التكفير في عقول نضرة مستهدفة فإن لم يتم تدارك منظومة التعليم كلها فلا أمل في مستقبل لهذه البلاد، فماذا سيفعل السيسي في هذا اللغم.
خامسًا: تكدس الأحياء العشوائية هبوط مستوى المعيشة تحت خط الفقر وتدني الخدمات الأساسية الصرف الصحي والمياه والكهرباء وأنبوبة البوتجاز أو الغاز الطبيعي وانتشار تجارة المخدرات وانتشار الفوضى وغياب الأمن تمامًا من هذه المناطق فهذه المناطق هي مهد لكل الثورات وهي مهد لكل جماعات العنف والتطرف ففيها مصانع السلاح المحلي والشباب المستعد للخروج على أي نظام كائن من كان طالما هناك من يدفع المال ناهيك عن تدني مستوى الخدمات الصحية التي ؟؟ وأن يكون لا وجود لها وإن وجدت ففي أسوأ أحوالها والانهيار الأخلاقي لسكان هذه المناطق وأضف إلى ذلك تدني الدخل وانفلات الأسعار وينتشر في هذه المناطق أفران تعتمد في دخلها على سرقة الرغيف المدعم (أجولة الدقيق الخضراء) وغيرها الكثير نكتفي بذكر هذه الألغام على أن نعود إليها بأذن الله في مقال آخر، فماذا سيفعل السيسي؟
أمام السيسي فرصة ذهبية ندعو الله أن يحسن استغلالها ألا وهي ظهور بوادر وحدة عربية قوية بل قوية جدًا تملك كل ما تحتاجه من أموال لحل مشاكلنا أقولها مرة أخرى تملك كل ما نحتاجه من أموالها للتنمية والخروج من حقل الألغام بسلام تقوم بقيادة هذه الوحدة المملكة العربية السعودية وتبعتها دول مجلس التعاون الخليجي وهم جميعًا في انتظار الدور المصري الذي بلا شك سوف يكن له ريادة هذه الوحدة وتوظيفها للصالح العام العربي عامة والمصري خاصة فتوظيف قدرات هذه الدول سوف يكون بداية انطلاقة حقيقية لدول ذات أهمية قصوى لعالم من حيث الموقع والثروات والنفوذ فها هو الخيل فهل من خيال؟