الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

نجوى عانوس: صلاح عبدالصبور شاعر بدرجة فيلسوف

الدكتور نجوى عانوس
الدكتور نجوى عانوس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قالت الناقدة الدكتورة نجوى عانوس الأستاذ بكلية الآداب جامعة الزقازيق أن الكاتب والشاعر الكبير صلاح عبد الصبور قد تجلي في أعمالها الإبداعية، فهو شاعر بدرجة فيلسوف إذ نجده دائمًا ما يبحث عن ماهية الأشياء، في أغلب أعماله. 

وتابعت "عنوس" في تصريحات خاصة لـ "البوابة نيوز" :" أنه في مسرحيته " بعد أن يموت الملك" وهي إحدى روائعه المسرحية الشعرية،  فنجد أن "عبد الصبور" قد بدأت المسرحية بعد موت الملك، -والتي كانت في الأصل كانت قصيده- ففيها نجد الملكة أسيره، فما بالك بباقي الشعب، وكان عبد الصبور مبدعًا، وفنانًا تشكيلاً فرسم لوحات متفردة من خلال نصه المسرحي، إذ وصف المكان وكأنه مدينة تطوقها طرقات ممزقة، ولم يحدد الزمن التي تدور فيه أحداث المسرحية، فهي يمكن أن تتناسب مع كل العصور، وهو أي عصر به حكام ديكتاتور، ولكننا هنا أمام إشكالية كبرى، فلم يكن ملك المدينة كأي ملك، فهو قد نصّب نفسه كإله، -أي يدعي الأولوهية- وتمحور حواره حول "الآنا" فكان دائمًا ما يستخدم كلمة "أنا" ويطالب الحاشية بأن تقف بجواره حتى في لحظات نومه. 

ولفتت "عانوس" إلى أن عبد الصبور استطاع أن يقدم الحاكم المستبد الديكتاتور، الذي ظل صوته يرن في أذن شعبه حتى بعد وفاته، وظلوا يهابونه ويخشون بطشه، لدرجة أنهم لم يصدقوا أنه قد مات، فقد توغل الشعور بالقهر والخوف بداخلهم، ولم يستطيعوا التخلص من ذلك الإحساس، لأن الشعب – للأسف – قد تعود على القهر ومن هنا جاء الشعور بأن الملك لايموت. 

وتابعت الدكتور نحوى عانوس قائلة:" ونجد  صلاح عبد الصبور قد تطرق أيضًا خلال مسرحيته "بعد أن يموت الملك" إلى العادات الشعبية والتي تجلت في سردته للعادات الخاصة بالموت، والطقوس التي تتم خلال دفن الموتي. 

ولفتت إلى أن صلاح عبد الصبور كان حريصًا على وجود شخصية المثقف في جميع أعماله، فتظهر في المسرحية شخصية المثقف المكتوف الأيدي، والذي لا يقدم حلولاً بقدر ما يقوم بالإشارة فقد، حيث ظهر المثقف في صورة العاجز عن تقديم حلاً للمشكلة وإنما يترك المتلقى حائرًا أمام الإشكالية التي تطرحها المسرحية، وفي الحقيقة أن هذه هي أزمة المثقف الحقيقة فهو مغترب والشعور الاغتراب يجعله شخصًا متردد ومأزوم ولا يستطيع اتخاذ أي قرار وهذه سمة من سمات العصر الحديث بوجه عام. 

فقد تجلى عبد الصبور من خلال أعماله المسرحية الشعرية فهو – كما قولت سابقًا- هو الفيلسوف الباحث عن ماهية الأشياء، فدائمًا ما كانت تساؤلاته حول ميتافزيقية الأشياء، مثل ماهية الموت ماهية العدالة ماهية الحياة.. إلخ. 

يذكر أن مسرحية "بعد أن يموت الملك" هي واحدة من روائع المسرحيات الشعرية، ومن أجمل ما كتب الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور، والتي تتناول عدة مرادفات ومنها الحرية والعبودية والملك والشعب، والفساد والعدل، الظلم والقهر، وذلك في إطار كوميدي، ولكنها كوميديا سوداء .

ويهدي عبد الصبور العمل إلى "الملكة الأسيرة" وهي الوطن الذي تم أسره من قبل الحاكم المستبد، الديكتاتور الذي لا يقوى حتى على الإنجاب، وتتطرق المسرحية إلى حياة هذا الملك الذي استبد بحكمه، وكيف تُحول السلطة المثقف والمبدع الي خادم يمنح الملك كلمات الغزل، كما تظهر المسرحية أيضًا كيف يمتلك الملك كل المؤسسات في قبضته، ومنها القضاء.