تحتفل الكنيسة القبطية اليوم بتذكار القديس مارافرام السرياني الملقب بقيثارة الروح القدس
البوابة نيوز تستعرض مسيرة حياته حسب ماوثقها المؤرخ والباحث ماجد كامل الذي أكد في رصده أن القديس مارأفرام يمثل " حلقة هامة وفارقة في تاريخ آباء الكنيسة الجامعة بصفة عامة ؛ وتاريخ آباء الكنيسة السريانية بصفة خاصة. وما زالت كتاباته وأشعاره تعتبر ترانيم هامة في الكنيسة السرياية الشقيقة.
القديس مارافرام ولد في نصيبين نحو سنة 306 في أسرة مسيحية ؛ أهتمت بتثقيفه بكل العلوم المسيحية المتاحة في ذلك العصر. وتتلمذ في بداية حياته علي يد يعقوب أسقف نصيبيبن ؛واستفاد من علمه كثيرا ؛ وقيل أنه أصطحبه معه إلي مجمع نيقية. وقام بتاسيس مدرسة لاهوتية ذاع صيتها كثيرا ؛ ونظم فيها أعظم القصائد.
لكنه أجبر علي النزول من نصيبين بعد سقوطها في أيد الاعداء ؛ فانتقل الي مدينة الرها التي كانت خاضعة تحت الحكم الروماني ؛ وهناك تنسك في مغارة في الجبل ؛كما عمل بالتدريس في مدرستها الشهيرة ؛وأسس أول فريق ترانيم من الفتيات السريانيات ؛وعندما حدثت مجاعة كبري في مدينة الرها ؛ أخذ القديس ما رأفرام يدور علي البيوت والمنازل يجمع منهم التبرعات من أجل ضحايا المجاعة ؛كما أسس دارا للمسنين. وكان يشرف بنفسه علي الاعتناء بهم ورعايتهم ؛ولكن مع الأسف وبعد انتشار المجاعة ؛ حل بالمدينة مرض الطاعون ؛ فأنهمك القديس في علاجهم ومداواتهم ؛حتي أصيب هو أيضا بنفس المرض (الطاعون ) ورحل به عن عمر يناهز 67 عاما تقريبا
من القصص المتداولة عنه أنه في يوم من الأيام شاهد عمود من نور ممتدا من الأرض للسماء ؛فتعجب من ذلك كثيرا ؛ وسمع صوت من السماء يقول "هذا العمود الذي رأيته هو القديس باسيليوس أسقف قيصرية الكبادوك " فقرر مارأفرم أن يزور هذا القديس ؛وعندما توجه إلي الكنيسة شاهد القديس باسيليوس وهو يعظ ومرتديا كامل ملابسه الكهنوتية ملابس زاهية ؛فشك في قداسته ؛فأراه ملاك الرب رؤيا حمامة بيضاء حلت علي رأسه وهو يعظ. وإذ علم القديس باسيليوس به رحب كثيرا ؛وأصطحبه إلي غرفته الخاصة ؛ وهناك كشف له عن الملابس الخشنة التي يرتديها تحت الجلد ؛وشرح له أن هذه الملابس الفاخرة التي رأه بها هي من أجل الكرامة الكهنوتية فقط .
أيضا من القصص المتداولة عنه أنه ذهب إلي برية شيهيت لزيارة آباء شيهيت (منطقة وادي النطرون حاليا ) وكان يتوكأ علي عصا من فرط النسك الشديد ؛فظن رهبان برية شيهيت أنه يتظاهر بالضعف متشبها بالشيوخ ؛فعرف بالروح فكرهم ؛فقام بغرس عصاه في الأرض بكل قوة ؛ فنيتت وصارت شجرة تمر هندي ضخمة ما زالت موجودة حتي الآن في دير السريان العامر ( وللعلم هذه الشجرة غير قصة شجرة الطاعة المنسوبة للقديس يوحنا القصير ؛ وكانت توجد قرب اطلال دير الأنبا يؤحنس القصير ؛ولكنها قطعت حاليا وذلك لأن كثيرين يخلطون بين القصتين ).
وأثري القديس مارأفرام السرياني المكتبة اللاهوتية بالعديد والعديد من الكتب والأشعار والميامر لخصها المؤرخ فيما يلي
1- تفسيرات الكتاب المقدس:-
قيل أن مار أفرام السرياني قام بتفسير الكتاب المقدس كله ؛متتبعا المدرسة الأنطاكية في التفسير ؛ القائمة علي التفسير الحرفي (عكس مدرسة الإسكندرية التي قامت علي التفسير الرمزي ) . ولكن لم يصل إلينا من التفاسير إلا تفسير سفر التكوين وجزء من سفرالخروج
2- رسائل وخطب نثرية:-
ويوجد له رسائل مختلفة منها رسالة وجهها إلي الرهبان المتنسكين في جبال الرها ؛ وخطبة في "التأنيب والدعوة إلي التوبة علي أثر سقوط نصيبن " ؛ وخطب ألقيت في حفلات وصلوات عامة تشمل موضوعات متنوعة مثل "مخافة الله – باطل الأباطيل
3- الأناشيد والأشعار:
ولعلها أهم إنجاز يحسب لمار أفرام السرياني ؛ وله فيها إنجازات متعددة يصعب حصرها ؛يقدر البعض منها بحوالي " 78 نشيدا " ضد الأريوسين ؛و"51 نشيدا " في الفردوس يتغني فيها بجمال السماء التي يمثلها فردوس آدم. و"52 نشيد " في الكنيسة . و"51 نشيدا " في الصليب وآلام السيد المسيح. و"8 أناشيد في الصوم ".
وحول أهمية أشعاره من الناحية الأدبية ؛يقول عنه الراحل البطريرك زكا عيواص " هو شاعر فحل ؛طويل النفس؛يمتاز أسلوبه بالاسهاب ؛وشعره عامة سلس يرسله علي السليقة فيتدفق كالسيل العارم. وتناول شعره شتي المواضيع الدينية العقائدية منها والروحية ولأهمية مؤلفات ما أفرام نقلت إلي اليونانية وهو حي في العقد الاول بعد وفاته ؛كما نقلت بعدئذ إلي لغات شتي نخص بالذكر منها لغة الضاد فقد نقل إليها إبراهيم بن يوحنا الأنطاكي سنة 930 م عددا من مقالاته في الرهبنة . كما وصل إلينا منها أيضا أحدي وخمسين مقالة نقلت من اليونانية إليها حوالي القرن الحادي عشر نقلا فيه الجيد وفيه الغير الجيد وأصلها السرياني مفقود. ومنذ القرن الثامن عشر وحتي اليوم حقق علماء الاستشراق الأفذا"ذ أغلب مؤلفات مار افرام الشعرية والنثرية ونشروها وترجموها إلي اللغات اللاتينية المختلفة كما زينت آثار مار أفرام مكتبات الشرق والغرب وهي تعتبر من نفائس المخطوطات في دنيا المكتبات ؛ وتوجد في معظم مكتبات حواضر الشرق العربي الشهيرة ؛ومدينة الفاتيكان ؛ والمتحف البريطاني ؛ وأوكسسفورد ؛ وبرمنهجام ؛وكميردج ؛وباريس ؛ وشيكاغو ذكرت أنه يوجد له حوالي 12 الف قصيدة وخمسين نشيدا