الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

العلاقات الأمريكية التايوانية تشهد ازدهارا بعد توتر علاقات واشنطن مع بكين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أفاد باحثون وخبراء أمريكيون بأنه على الرغم من مرور العلاقات الأمريكية / التايوانية بمراحل صعبة منذ عام 1996 ، إلا أن هذه العلاقات أخذت تشهد إزدهاراً بعد حدوث توتر فى العلاقات بين الولايات المتحدة والصين .
وأوضحت الباحثة " شيلى ريجر " أستاذة الدراسات السياسية بمنطقة شرق آسيا فى كلية "دافيدسون" بولاية نورث كارولينا الأمريكية، والزميلة الكبيرة فى البرنامج الآسيوى بمعهد أبحاث السياسة الخارجية، أن "منذ إجراء أول انتخابات رئاسية مباشرة فى تايوان خلال عام 1996 ، حدث تداخل فى الفترات الرئاسية الأمريكية والتايوانية بشكل دقيق ، حيث تداخلت فترة رئاسة /لى تينج - هوى/ أول رئيس منتخب بطريقة ديمقراطية فى تايوان مع فترة رئاسة بيل كلينتون ، وتداخلت فترة رئاسة الرئيس الثانى /تشين شوى بيان/ مع فترة رئاسة جورج بوش الابن، وتداخلت فترة رئاسة ما ينج- جو مع فترة رئاسة باراك أوباما ، وكانت العلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان خلال هذه الفترات تتسم بالصعوبة وكانت تجرى على مستوى منخفض، مع الأخذ فى الاعتبار أن المسئولين الأمريكيين كانوا يتجنبون إجراء اتصالات مباشرة مع نظرائهم التايوانيين منذ فترة طويلة تمتد إلى عام 1979 " .
واستدركت الباحثة قائلة فى تحليل لها عن تطور هذه العلاقات:"إن نمط ذلك التداخل انكسر عندما رفض الناخبون الأمريكيون تأييد مساعى دونالد ترامب للحصول على فترة رئاسية ثانية، مما جعل الرئيسة التايوانية /تساى إنج وين/ أول رئيسة تايوانية منتخبة تتداخل فترة رئاستها مع فترتى رئيسين أميركيين مختلفين هما ترامب و جو بايدن ".
وعلى الرغم من أن كثيرا من المراقبين التايوانيين كانوا يتكهنون بصعوبة حدوث تحول فى الوضع ، إلا أن تايوان حصلت خلال عهد ترامب على مستويات غير مسبوقة من الاعتراف والتأييد فى واشنطن ، واكتسب ترامب شعبية فى جزيرة تايوان التى تتمتع بالحكم الذاتى ، وعزا معلقون سبب ذلك التقدم إلى تأييد ترامب شخصيا لتايوان بالإضافة إلى تجاهله لسوابق السياسة الخارجية والتفاصيل الدبلوماسية.
وقالت شيلى ريجر إن سبب هذه الاستمرارية ليس له علاقة بالأفضليات الشخصية لأى رئيس، بل إن المحرك الحقيقى لسياسة ترامب وبايدن بشأن تايوان كان يتمثل فى التوتر الذى تعرضت له علاقات الولايات المتحدة مع الصين، التى تعتبر تايوان جزءا من أراضيها وتوعدت بإخضاع هذه الجزيرة لسيطرتها فى نهاية المطاف.
وأعادت الباحثة إلى الأذهان أن واشنطن كانت قد وافقت خلال عام 1979 على تقليص علاقاتها مع تايوان إلى مستوى غير رسمى، وذلك فى إطار اتفاقها فى ذلك الوقت على تطبيع علاقاتها مع بكين، لكن سياسة ترامب إزاء تايوان والصين أثارت حالة من البلبلة والجدل لأنها كانت سياسة متأرجحة وغير ثابتة، وترددت شائعات عن احتمال قيامه بإلغاء سياسة واشنطن التى استمرت عشرات الأعوام وكانت تعترف فيها بالحكومة الصينية باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة للصين، و ذلك فى الوقت الذى تحافظ فيه على علاقاتها غير الرسمية مع تايوان.
وأكدت الباحثة أنه: "لم يتم حسم الأمر ، إلا بعد تفشى وباء فيروس كورونا المستجد /كوفيد 19/الذى شكل تهديدا لإعادة انتخاب ترامب ، مما دفعه إلى التخلى عن جهوده للتفاوض بشأن اتفاقية تجارية شاملة مع بكين واتخذ موقفا متشددا إزاء الصين، وذلك فى الوقت الذى تزايد فيه القلق بشدة بين مسئولى الحكومة الأمريكية والرأى العام بشأن تزايد القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية الصينية، وأدى تفشى وباء كورونا إلى تعزيز المشاعر السلبية إزاء الصين فى الولايات المتحدة لبعض الوقت".
وشددت الباحثة " شيلى ريجر "، أستاذة الدراسات السياسية بمنطقة شرق آسيا فى كلية "دافيدسون" بولاية نورث كارولينا الأمريكية، قائلة: "إن المنافسة بين القوتين كانت تتزايد منذ عشرات السنين، وإن تزايد شعور بكين بالثقة أثناء الشهور الأولى من تفشى الوباء دفعها إلى تحدي الولايات المتحدة بصورة مباشرة على المسرح العالمي، لكن واشنطن لا ترغب فى التخلى عن القيادة في منطقة آسيا والمحيط الهاديء" .
جدير بالذكر أن كورت كامبيل المنسق الأمريكى لشئون /الاندو باسيفيك/ بمجلس الأمن القومى الأمريكى كان قد أكد خلال ندوة استضافتها جامعة ستانفورد مؤخرا أن الولايات المتحدة تدخل فترة منافسة شديدة مع الصين، وأن الفترة التى كانت توصف على نطاق واسع بأنها فترة خطب ود وتجاذب بين الجانبين قد وصلت إلى النهاية.
وقال إن السياسة الأمريكية إزاء الصين ستدار وفقا لمجموعة جديدة من المعايير الاستراتيجية، وسيكون المعيار المهيمن هو معيار المنافسة، مضيفا أن السياسات الصينية الراهنة مسئولة بدرجة كبيرة عن التحول الذى حدث فى سياسة الولايات المتحدة. واستشهد على ذلك بحدوث اشتباكات عسكرية على حدود الصين مع الهند وشن حملة اقتصادية ضد استراليا.
وأعرب عن اعتقاده بأن سلوك بكين يرمز إلى حدوث تحول لانتهاج أسلوب القوة الخشنة أو القوة الشديدة ويشير ذلك إلى أن الصين عازمة على القيام بدور أكثر حزما.
وتقول الباحثة الأمريكية شيلي ريجز في تحليلها إن استمرارية السياسة بشأن تايوان من عهد ترامب إلى بايدن تعكس بدرجة كبيرة الأهمية الجيوسياسية لتايوان، وأن تزايد الرخاء الاقتصادى الصينى وتزايد نفوذ الصين السياسى وقوتها العسكرية يكثف الضغوط على شركاء الولايات المتحدة وحلفائها فى شرق آسيا؛ لذلك فإن السياسة الأمريكية بشأن تايوان تمثل وسيلة تستخدمها الولايات المتحدة لإظهار عزمها مساعدة شركائها على مقاومة ضغوط بكين مع الاحتفاظ بحرية التصرف داخليا وفى المنطقة.
وبالتالى فإن الإدارة الأمريكية الجديدة تواصل المبادرات التى تم اتخاذها خلال عهد ترامب لإظهار التزامها القوى إزاء تايوان التى توصف بأنها نموذج للديمقراطية الناجحة فى المنطقة.
وقد أدلى مسئولون فى وزارة الدفاع بتصريحات قوية بشأن ضرورة ردع الصين فى مضيق تايوان، وأعرب البيت الأبيض عن تأييده لتايوان على الساحة الدولية، وقامت واشنطن بشحن 5ر2 مليون جرعة لقاح تطعيم ضد فيروس كورونا إلى تايوان حتى يمكن تجنب تفشى الوباء هناك، وكانت الرسالة التى وجهتها واشنطن إلى بكين بذلك رسالة واضحة وهى أن الولايات المتحدة لن تتراجع عن تأييدها لتايوان، بحسب الباحثة شيلي ريجز.
ولفتت الباحثة الأمريكية إلى أن إدارة بايدن مستعدة لإجراء تغييرات جوهرية وخطابية فى سياستها بشأن تايوان تتجاوز الإجراءات التى كان قد اتخذها ترامب لأن البيئة الاستراتيجية التى تولى فيها بايدن منصب الرئيس تختلف عن البيئة التى واجهها حينما كان يشغل منصب نائب الرئيس عام 2008.
وأضافت أن على الرغم من أن إدارة بايدن لم تقم بتسريع العملية حتى الآن، إلا أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن أبلغ إحدى لجان الكونجرس مؤخرا بأن الولايات المتحدة تشارك فى مباحثات مع تايوان بشأن إطار اتفاق، ويشير ذلك إلى أن العلاقات الاقتصادية الأمريكية التايوانية يمكن أن تتحرك بسرعة خلال فترة الأعوام الأربعة المقبلة.
وفى الختام ، أشارت الباحثة الأمريكية شيلى ريجر إلى أن بايدن له تاريخ طويل فى تثمين شركاء الديمقراطية والحلفاء التقليديين وأن له سجل قوى كمؤيد للديمقراطية والحرية، وأن تصرفاته بعد توليه منصبه كانت تعكس اقتناعه، ولحسن الحظ أن أجندته الداخلية التقدمية بشأن قضايا العدالة العنصرية والمساواة وحماية البيئة تتوافق مع أولويات الرئيسة التايوانية، وهذا التوافق من شأنه المساهمة فى تعزيز العلاقات الأمريكية التايوانية.