الخميس 23 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

السيناريو الخطير لعودة الإخوان!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ماذا لو تحصَّل الإخوان وحلفاؤهم فى الانتخابات البرلمانية المقبلة على بعض ما يُعوِّضهم عن خسائرهم الهائلة فيما بعد 30 يونيو وحتى الآن؟! لو حدث هذا، فلن يكون بفضل استعادتهم لثقة الشعب فيهم وتعاطفه معهم كسابق العهد، ولكن لسببين رئيسيين تتفرع عن كل منهما عوامل متعددة. أول السببين، ما يُشهَد لهم به من إتقان لمهارات الانتخابات على الطريقة التقليدية بالرشوة والتزوير والابتزاز والتكفير..إلخ، والسبب الثانى، وهو الأهم، أخطاء المنافسين، وهو ما يطول فيه الكلام!
من الحقائق الراسخة أن للإخوان أموالاً طائلة وخلايا نائمة وتنظيماً شديد الانضباط ومبادئ صارمة فى السمع والطاعة وكوادر وقواعد مؤهَّلة ومدَرَّبة على الانصياع لقادتهم، وكلها أسلحة ماضية تساعد على شحذها الظروف العامة المضطربة، وأهم ما ينبغى رصده هنا، والآن، هو تعمُّد الإخوان وحلفائهم أن يسود الاضطراب إلى أقصى مدى عموم البلاد وشتى المجالات، وأن يزداد حدة بقدر كل ما يملكون من طاقة، لتوفير هذه الأجواء المواتية لهم!
ومن حُسن التدبر أن يُوضَع فى الاعتبار أن الإخوان يخططون الآن لتحقيق فوز نوعى فى مجلس النوّاب يردّ لهم الروح التى سُلبت، لأن حساباتهم عبر تاريخهم تؤكد أنهم لا يدعون فرصة كهذه تتبدد بين أيديهم، بل لعل الرفض الشعبى الكاسح الذى تبين لهم يكون دافعاً إضافياً يعزز من ضرورة تواجدهم فى البرلمان، وسوف يناورون فى ذلك بكل السبل، ولذلك فسوف يدفعون بمن لم ينكشف انتماؤه لهم من خلاياهم النائمة، وسوف يُغدقون على الدعاية له، ولن يتخلوا عن رشوة الفقراء وشراء أصواتهم، وقد يجددون بابتكار سبل أخرى غير نفحات السكر والزيت والسمن وبدل المواصلات النقدى بعد أن انفضحت وأصبحت على كل لسان، وسوف يستغلون كل المنابر المتاحة، وخاصة الميليشيات الإلكترونية التى لم يتراجع نشاطها حتى فى عزّ الانهيار العام الذى أصاب الجماعة، وحتى بعد أن غُيبَت القيادات الكبيرة المعروفة وراء القضبان، بما يشير إلى أن مصادر تمويل هذه الميليشيات لا تزال تحت الحماية كما أن الأموال تتحرك بسلاسة وفاعلية، كما أن مديرى هذه العمليات مطلقو السراح وربما يكونون غير معروفين لأجهزة الرصد والتحرى حتى الآن!
ولن يكون فوز الإخوان فى التمثيل فى مجلس النواب مجرد رد اعتبار أدبى، برغم ما فى هذا من مردود هائل لهم فى الداخل والخارج، وإنما سيكون، إ ذا نجحوا فيه، ضربة للثورة التى رفض من أداروها، لأسباب غير مقنعة، أن يعرضوا أمر عزل ممثل الإخوان فى القصر الرئاسى على الشعب فى استفتاء عام، وكانت نتيجته مضمونة آنذاك بأغلبية ساحقة ضد الإخوان، وأما فى حالة الانتخابات البرلمانية المقبلة، فمن الممكن أن يكون نجاح الإخوان الذى يأملونه رداً عملياً قوياً معززاً بنتائج الصندوق فى الاتجاه الآخر المفيد لهم! كما أنه سيكون أيضاً سلاحاً جديداً فى يدهم فى معاركهم السياسية التى يعلمون أنها ممتدة لسنوات قد تطول، وكلما كانت قوتهم فى البرلمان الجديد أكبر كلما كانت قدرتهم على المناورة لصالحهم وعلى النيل من الثورة أشدّ وأنكى!
يكفى أن أول واجبات البرلمان الجديد حسم القوانين التى صدرت فى غيابه، وله السلطة الكاملة فى إقرار ما يراه مناسباً وإلغاء ما يراه غير جدير بالبقاء، ويكفى فقط الإشارة إلى قانون اعتبار الجماعة إرهابية وما يترتب عليه! فهل يمكن أن يوافق ممثلو الإخوان فى مجلس النواب الجديد على استمرار قانون مثل هذا؟
ثم، تعالى للمهام الأساسية للبرلمان، التشريع ورقابة الحكومة، فكل آمال الثوار أن يُسرع البرلمان الجديد فى إصدار التشريعات التى تساعد بأسرع ما يكون على تحقيق أهداف الثورة، ومنها ما هو بالضرورة فى غير صالح الإخوان وحلفائهم، بعد أن أثبتوا أنهم أعدى أعداء الثورة، ومن المنطقى أن يتصدى ممثلو الإخوان بكل قوة لكل هذا!
كما ستكون فرصة ثمينة لممثلى لإخوان للتصدى للرئيس الجديد، وعرقلة عمل الحكومة التى تُشكل بعد البرلمان، بل ووضع الموانع أمام تشكيلها من الأصل، ثم السعى لإفساد عمل الرئيس والحكومة، والمناداة بعودة مرسى إلى الكرسى! وسيكون وقع كلامهم مختلفاً عندما يُقال تحت قبة البرلمان ويُسجل فى المضبطة، وسيكون له أصداء فى الداخل على كوادرهم التى توارى بعضها بعد الضربات الأخيرة، كما سيلقى كلامهم هذا تأييداً كبيراً من قوى عظمى جاءت الثورة ضربة قاصمة لمخططاتهم الإقليمية التى كان الإخوان عوناً على تحقيقها!
كما سيكون لدى الإخوان فى البرلمان الجديد الفرصة بحكم الدستور لتقديم طلبات تعديلات على الدستور..إلخ إلخ، أى باختصار سيعملون بكل السبل على تعويق مسار الثورة بل والنيل من ممثليها!
ينبغى أن يُوضع فى الاعتبار إن مخططات الإخوان خطيرة حتى إذا لم يتحقق منها سوى بعضها!
وكل هذا أدعى لأن تُولى الانتخابات اهتمام حقيقي من كل من يهمه نجاح الثورة!
ولكن هل بالفعل هنالك جهود تسعى بجدية وبأدوات عملية للفوز فى انتخابات مجلس النواب ممن يمثلون الثورة ويتخذون مواقف جادة فى التصدى للإخوان؟ وهل تُبشِّر هذه الجهود بفوز حقيقى بنسب مؤثرة فى البرلمان؟
هنالك خطر حقيقى يتهدد مسيرة الثورة من جراء الارتكان إلى الكلام القائل بأن الإخوان قد انتهوا، وأن الخلاص النهائى منهم أصبح مسألة وقت قصير! لأن الإنجازات فى السياسة، خاصة القضاء على عدو شرس، لا تتحقق بالقصور الذاتى!!
ahmadtawwab@gmail.com