الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

متى يتم تكريم "درويش" السينما التسجيلية

الصحفي محمد لطفي
الصحفي محمد لطفي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تسابق إدارة مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة برئاسة الناقد السينمائي الكبير عصام زكريا، الزمن، في سبيل الخروج بدورة استثنائية من دورات المهرجان وسط ظروف عمل صعبة ومعقدة، سواء على المستوى الداخلي بتغيير جزء كبير من طاقم إدارة المهرجان وضخ دماء جديدة، أو على الصعيد الخارجي وما يحيط بالعالم من استمرار جائحة كورونا في العديد من الدول، ومن ثم إحجام الكثير من المبدعين عن المشاركة في فعاليات هذه الدورة.

ورغم كل هذه الصعوبات فإن عامل الوقت أيضا كان أحد التحديات المهمة التي كانت يمكن أن تهدد المهرجان لولا الخبرة الكبيرة التي صارت تتمتع بها إدارة المهرجان، وهو الأمر الذي دفعها إلى أن تتحرك لوضع سيناريوهات عديدة للخروج من الأزمات التي يمكن أن تقف حجر عثرة في طريق إقامة الدورة، وابتكرت إدارة المهرجان حلولا ذات دلالات عديدة سواء بتغيير مكان افتتاح المهرجان أو باختيار أعمال جديدة للمشاركة في الدورة الوليدة.

وقد جاء الإعلان عن إقامة الدورة الثانية والعشرين من المهرجان يوم ١٩ مايو المقبل، مواكبا لصدور كتاب مهم للزميل محمد المالحي بعنوان "٥٠ سنة سينما.. درويش" تناول خلاله السيرة الذاتية للمخرج الكبير أحمد فؤاد درويش، الذي قضى من حياته نصف قرن في خدمة السينما التسجيلية والوثائقية والروائية الطويلة ولم ينل حظه من التكريم في بلده حتى الآن رغم تكريم الكثير من المبدعين الذين ينتمون لأجيال تالية له في العمل السينمائي.

وفي الكتاب يطالب المؤلف بشكل غير مباشر بضرورة تكريم درويش بعدما رصد مسيرته السينمائية الحافلة ومعاركه وانتصاراته وحزنه أحياناً رغم ابتسامته العذبة التي لا تفارق وجهه.

عمل درويش بالمكتب الفني بالمؤسسة المصرية العامة للسينما، الذي كان يترأسه الروائي العالمي نجيب محفوظ، عام ١٩٦٧، كما عمل بإدارة تخطيط الإنتاج بشركة القاهرة للإنتاج السينمائي برئاسة عالم الاقتصاد الدكتور عبد الرازق حسن، وشارك في التخطيط لإنتاج عدد من أهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية، ومنها الزوجة الثانية، القاهرة ٣٠، يوميات نائب في الارياف، شيء من الخوف، البوسطجي، الأرض، المومياء، وغيرها من الأعمال حتى يونيو ١٩٦٩.

بعد قبول الرئيس عبد الناصر مبادرة روجرز بهدف بناء حائط الصواريخ، طلب من ثروت عكاشة وزير الثقافة آنذاك إبعاد القيادات اليسارية بالوزارة، فتغيرت الخريطة تماما وترك عمله بسبب تغيير المسئولين عن السينما في الوزارة، فغامر بنفسه وأسس شركة أسماها "فرعون فيلم"، وبدأت أفلام درويش الوثائقية في التوالي، "الوزير تي"، "الماشطة وآمون حوتب"، وعندما شاهدها ثروت عكاشة أثنى عليها، ودعم طموحه في إنتاج موسوعة سينمائية للحضارة الفرعونية، قوامها ثلاثون فيلما وثائقيا، تحت عنوان"فرعونيات درويش"، خلال السنوات من ١٩٦٩ إلى ٢٠٠٨، عن مواد كتبها عدد من الأثريين مثل كمال الملاخ، أحمد فخري، جمال مختار، خليل مسيحة، أحمد قدري، علي الخولي، ومن موضوعات الموسوعة، مراكب خوفو، الحياة اليومية، الحرف، الطب، الكيمياء، الفيزياء، الهندسة، الفلك، الطعام، وغيرها.
ثم تغير الوضع تماما مع استقالة الدكتور ثروت عكاشة.

اعتمد درويش طوال مشواره الفني ثلاثة محاور "وطني، ثقافي، تنويري"، وكان متعدد المواهب، دخل مجال الكتابة الصحفية وهو ابن ١٧ ربيعاً، وكتب القصة القصيرة، والرواية، والسيناريو، وله العديد من الإصدارات الأدبية والعلمية، كما أنتج العديد من الأعمال الفنية مثل فيلم "اعدام طالب ثانوي" بطولة محمود عبد العزيز، نور الشريف، محيي اسماعيل، كريمة مختار، وحقق نجاحاً كبيراً وقت عرضه، وكانت له عشرات الأفلام الآخرى التي شارك بها إما إخراجا أو إنتاجا أو كتابة.

كما جاءت مجموعة "درويش" الثانية تحت مسمي "أفلام الفن التشكيلي" ومن أبرزها "وجوه من القدس"، "امرأة وديك وسمكة" عن أعمال الفنان حامد ندا، "أسطورة عبد الهادي" حول عالم الفنان عبد الهادي الجزار، "من الاسكندرية الي النوبة" حول الفنان الأثري لطفي الطنبولي، "بنات الغورية" حول فنان الباتيك علي الدسوقي وغيرها من الأفلام. وحول فن العمارة في مصر قدم "درويش" فيلم "مصر مهد الحضارة"، "العمارة في مصر"، الي جانب أفلام السياحة ومنها: "جولة حرة في مصر"، "مصر .. البحر الأحمر" .

هذه المسيرة السينمائية الحافلة، يجب أن يتم تتويجها بتكريم صاحبها من قبل أهم المهرجانات الدولية الوثائقية في مصر والعالم العربي، وهو مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، برئاسة الناقد الكبير عصام زكريا، وأنا على ثقة من تبني السيناريست الكبير محمد الباسوسي رئيس المركز القومي للسينما لهذا الأمر.