الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فيلسوف الإدارة ورائد التنوير المعاصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان تولي أ.د. محمد الخُشت رئاسة الجامعة بمثابة فاتحة عهد جديد في تاريخ جامعة القاهرة، حيث ظهرت الجامعة في السنوات الثلاث السابقة – منذ توليه رئاسة الجامعة - في صورة تليق بالمكانة التي يجب أن تكون عليها جامعتنا العريقة وقعاً ومستقبلاً.
عرفت أ.د. محمد الخُشت منذ أكثر من ربع قرن بحكم انتمائنا لكلية واحدة، هي كلية الآداب العريقة، عرفته مجتهداً وجاداً لا ينشغل إلا بالعلم، يكاد يكون الأستاذ الوحيد في كلية الآداب الذي ألف كتباً ونشرها وهو طالب في المرحلة الجامعية الأولى؛ يسير في طريق العلم يتحسَّس معالمه ولا يلتفت لصغائر الأمور، ولا يسمح لأحد أن يعيقه عن تحقيق هدفه المنشود الذي يرمي إليه مفكرا وباحثاً وفيلسوفاً مبكراً.
عرفته أكثر عندما توليت عمادة كلية الآداب، وجدته رئيس جامعة بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ، تعامل راقٍ محترم يليق بمكانة رئيس جامعة القاهرة، لم يتدخل في أي قرار أتخذه، ويؤمن تماماً بالعمل المؤسَّسي، ولم إلجأ أليه في مشكلة إلا وكان رده سريعاً أحياناً كثيرة، وحاسماً في كل الأحوال.
لا يعرف أ.د. محمد الخُشت إلا من تعامل معه واقترب منه، وأعلم الكثير عن مواقفه ومساعدته لكل من يلجأ إليه دون مَنّ او استعلاء.
وعندما كنت عميداً لكلية الآداب – جامعة القاهرة واتخذت قراراً بإلغاء امتحانات الميدتيرم نظراً لإنتشار وباء كورونا في الموجه الأولي وجدته يقف جانبي ويساندني في قراري بكل قوة.
وخلال فترة عمادتي للكلية وجدت منه كل دعم.
وشرفَّنى أ.د. محمد الخُشت باختياري نائباً لرئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب، واقتربت منه أكثر، ويشهد الله أنه لا يتدخل في أى أمر يتعلق بشؤون التعليم والطلاب في الجامعة. وحتى إذا ورد إليه أمر يتعلق بشؤون التعليم والطلاب يحوله إلىَّ مباشرة. وجدته معطاءً للخير يحثُّ الجميع على مساعدة مرؤوسيهم والتعامل في إطار من الشفافية والصدق والاحترام المتبادل، وتحت مظلة اللوائح والقوانين الجامعية.
شهدت جامعة القاهرة في عهد أ.د. محمد الخُشت انجازات كثيرة لا تكاد تعد ولا تحصي يشهد لها القاصي والداني في البنية التحتية في الجامعة بإنشاء الفرع الدولي ومستشفي ثابت ثابت، ومستشفي 500500 والمدينة السكنية المتكاملة لأعضاء هيئة التدريس والعاملين في الجامعة وهذا قليل من كثير مما تم انجازه في البنية التحتية مم إصلاح وتجديد.
وبالنسبة للوائح والتصنيف الدولي للجامعة، فحدث ولا حرج فقد تم تطوير كل لوائح كليات الجامعة وإنشاء أكبر منصة تعليمية وهى منصة black board كما أنشأت الجامعة أول كلية للنانو تكنولوجي في الشرق الأوسط.
وقاد رئيس الجامعة أ.د. محمد الخُشت منظومة استقبال العالقين المصريين باقتدار أثناء الموجة الأولى من جائحة كورونا من حيث توفير كل سبل الراحة لهم وحسن استقبالهم في المدينة الجامعية بجامعة القاهرة وتوفير كل سبل الراحة لهم.
أما مشروعه التنويري الذي يتبناه بشجاعة في الوقت الذي يتوارى فيه كثيرون بعيداً عن مجرد التفكير فيه فيتمحور حول تطوير العقل المصري وتجديد الخطاب الديني، وإعادة قراءة التراث بما يتفق مع روح العصر نقدا وتحليلا ومراجعة ودراسة، لأن التراثيين بشر في نهاية المطاف وقد اجتهدوا كثيراً بما يتفق مع العصور الذي عاشوا فيها وظروفها الفكرية. وتأتي مقالات أ.د/ محمد الخُشت الأسبوعية في صحيفة الأهرام لتكشف لنا عن رؤيته في الطبيعة النوعية لتجديد الخطاب الديني بالاعتماد على القرأن الكريم والصحيح من الحديث النبوي الشريف.
من يريد أن يعرف مشروع أ.د. محمد الخُشت التنويري يطلع على كتابة نحو "عصر ديني جديد " الذي رصد من خلاله كيفية التعامل مع التراث، حيث إن من كتب هذا التراث بشر في نهاية المطاف وكتبوا هذا التراث في عصرهم وبما يتفق مع الواقع الذي يعيشونه، ولكن ظروف العصر الحالي تحتاج إلى تجديد العقل وتغيير طريقة التفكير وعدم التمسك بأحادية التفكير التي نتج عنها تيارات تعتقد أنها تمتلك الحقيقة المطلقة، وبالتالي أصبح تفكيرها تفكيراً مغلقاً.
وعندما تولي أ.د. محمد الخُشت إدارة مركز للغات بجامعة القاهرة وكان المركز قبلها يعاني من عثرات كثيرة، نهض بالمركز نهضة كبرى وكانت للإنجازات التي حققها دور فاعل في أن يصبح مركز اللغات الأجنبية القبلة التي يتجه إليها كل الباحثين في مصر، بل الوطن العربي لتعلم اللغات الأجنبية وحقق فائضاً لم يحققه المركز من قبل، كما أطلق مشروع جامعة القاهرة للترجمة الذي أصبح نافذة لنشر الكثير من الترجمات المهمة بكل اللغات.
وعندما تولى أ.د. محمد الخُشت منصب المستشار الثقافي المصري في السعودية حقق إنجازات لا تعد ولا تحصي في المملكة العربية السعودية، والتي تضم أكبر جاليه مصرية في العالم، ونظراً لنشاطه الثقافي الكبير في السعودية فقد حصل على لقب شخصية العام في المملكة العربية السعودية وعندما تم ترشيحه لتولي منصب نائب رئيس جامعة القاهرة لشؤون التعليم والطلاب ترك كل شيء ولبنى النداء فوراً.
أما الجانب الوطني في شخصية أ.د. محمد الخُشت فحدث ولا حرج، يؤكد دائماً على مفهوم الدولة الوطنية والتأكيد على أن الوطن هو الشرف وأن الجيش المصري هو بيت الوطنية المصرية والحصن المنيع الذي يحتمى به الشعب المصري عندما تضيق به السبل.
أ.د/ محمد الخُشت واحد من أهم الفلاسفة في العصر الحديث وحصل على أكثر من درجة علمية في فلسفة الدين عبر أعماله الفكرية التحدية، حتي وصفته اليونسكو بأنه واحد من أهم الفلاسفة المعاصرين.
هذا قليل من كثير يمكن أن أكتبه عن أ.د. محمد الخًشت وهي شهادة خالصة لوجه الله أقدمها على ما يشهده الجميع على أرض الواقع، فهو رئيس جامعة بدرجة إنسان ومفكر.
وبناء على كل ما سبق أرجو أن يتقدم أ.د. محمد الخُشت بالترشح للمرة الثانية لرئاسة جامعة القاهرة لفترة أخري، لاستكمال ما بدأه في الأولى التي يشهد لها القاصي والداني بأنها كانت فترة استثنائية لرئيس جامعة استثنائي بالمعنى الحقيقي لهذه الكلمة حتي بدا من خلالها نمط فريداً من نوعه.

*أ.د. جمال الشاذلي نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب