الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لماذا زكى مجلس جامعة القاهرة الخشت؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في نهاية مجلس جامعة القاهرة الأخير رقم(1202) الذي عُقد يوم الأربعاء الموافق 31-3- 2021، طَلب الأستاذ الدكتور عبدالرحمن ذكري نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث من السادة أعضاء المجلس البقاء لفترة بعد انصراف الأستاذ الدكتور محمد الخشت، وتحدث للأعضاء عما تحقق من إنجازات خلال فترة رئاسة الدكتور الخشت في مختلف المجالات، جعلت الجامعة تتبوأ مكانتها اللائقة بها في العديد من التصنيفات الدولية، وتحقق تقدمًا غير مسبوق وبخاصة في التخصصات النوعية، وطالب الدكتور الخشت بالتقدم لفترة رئاسة ثانية لاستكمال ما بدأه من مشروعات عملاقة، والحفاظ على ما تحقق من إنجازات ملموسة على أرض الواقع يشهد بها القاصي والداني. ثم توالت كلمات أعضاء المجلس من النواب والعمداء والحضور من المستشارين مؤكدين كل ما قيل. وأجمعوا على تزكية تقدم الدكتور الخشت للتقدم لفترة رئاسة ثانية للجامعة، بعد استعراض ملامح الإنجازات التي تحققت في كلياتهم والجامعة. وكان كل ما ذكره أعضاء مجلس الجامعة عبارة عن تقييمات موضوعية لأحداث فعلية ونتائج واقعية. فضلًا عما غلفوا به كلماتهم من مشاعر الحب والود لرئيس الجامعة، وسعادتهم في العمل معه، وبعد ذلك توجه السادة أعضاء المجلس لمقابلة رئيس الجامعة بمكتبه، مؤكدين له هذه المعاني الجميلة التي دونوها في وثيقة تاريخية وقعوا عليها تزكي ترشحه لفترة رئاسة ثانية من أجل صالح الجامعة. وبدوره عبر الدكتور الخشت عن امتنانه لما حدث، وسعادته بهذه المفاجأة، وأنه يكن أرقى المشاعر الودية والأخوية لكل أعضاء مجلس الجامعة الموقر، مؤكدًا أنه يضع نصب عينيه الارتقاء بالجامعة والنهوض بالوطن كجندي من جنوده في ظل أسرة الجامعة وروح فريق العمل.
ولكن لماذا أقدم أعضاء مجلس الجامعة على هذه المبادرة التي تؤرخ لفترة زمنية مهمة في تاريخ جامعة القاهرة؟ وماذا كانت مبرراتهم التي ساقوها؟ الإجابة عن هذين السؤالين وغيرهما تمثلت في كل المبررات الموضوعية والواقعية التي قدمها أعضاء المجلس، ورصدت ما تحقق من إنجازات خلال السنوات الماضية، مغلفة بمشاعر الود والحب والامتنان لرئيس الجامعة الدكتور محمد الخشت على كل ما قدمه للجامعة. ومن ثم تسجل هذه الكلمات ما تحقق خلال السنوات القليلة الماضية، لتبرر كل ما قيل في حق الدكتور محمد الخشت على كافة المستويات الشخصية والإنسانية والخلقية والإدارية.
فقد تولى الدكتور محمد عثمان الخشت رئاسة الجامعة في الأول من أغسطس عام 2017. وبدأ مهام عمله بعقد مؤتمرين صحافيين، الأول أعلن خلاله خطة عمله ورؤيته في إدارة الجامعة، والتي بدأت بتطوير الخطة الاستراتيجية للجامعة، والمؤتمر الثاني أعلن خلاله عن إنشاء مجلس جامعة القاهرة للثقافة والتنوير وإعلان وثيقته التنويرية. وكانت الخطة الاستراتيجية للجامعة ووثيقة التنوير هما النبراس الذي انطلق منه العمل على مدار السنوات السابقة وحتى الآن، فقد مهدت الخطة الاستراتيجية الطريق للعمل الجاد والدؤوب، وأنارته وثيقة التنوير بمختلف مبادئها الأربعة عشر التي تعكس رؤيته لإدارة الجامعة.
وهناك مجموعة من الاعتبارات التي حكمت العمل في نطاق تلك الرؤية التنويرية، وما انبثق عنها من أهداف استراتيجية قابلة للتحقق على أرض الواقع، أُنجز منها الكثير، ومازالت تتوالى تلك الإنجازات، أهمها الالتزام بالأسس العلمية لإدارة التغيير، والعمل طبقًا لمنطق الأفعال لا الأقوال، والإنجاز الفعلي لا الشعارات الرنانة، وأنها تستند إلى المنهج العلمي في مختلف مراحلها، وترى أنه السبيل الأمثل لتحقيق كل الأهداف المأمولة، والقابلية لتعميم الأفكار والنتائج، وإجرائية كل مبادئها وقابليتها للتطبيق على أرض الواقع، في ظل آليات محددة الملامح والخطوات، والتكامل والتنسيق بين تلك المبادئ لتحقيق الأهداف المنشودة، والاستناد إلى معايير موضوعية للتقييم، والإيمان بقيمة العمل الجماعي والانطلاق من روح الفريق، وانتهاج اللامركزية الإدارية، وترسيخ أسس البيئة التنافسية العادلة، دون تمييز على أية أسس غير الكفاءة والقدرات المتميزة.
وبناء على ذلك تمثل الهدف الاستراتيجي الأساسي في جعل جامعة القاهرة إحدى الجامعات الذكية من الجيل الثالث، ليس بالمفهوم الغربي فحسب، ولكن بتطوير يتناسب مع واقعنا الاجتماعي والثقافي والعلمي. فقد تم توسيع مفهوم جامعة الجيل الثالث ليشمل التحديات القومية الراهنة غير المندرجة في محاور جامعة الجيل الثالث بالمفهوم الغربي، بجوار عناصره التقليدية. وذلك ليشمل محاور إضافية، من أهمها محور التنوير وتغيير طرائق التفكير، وتطوير العقل المصري، وتأسيس تيار عربي حداثي عقلاني، ومحور ربط التعليم بنظرية التنمية الشاملة، والتوسع في المشروعات الجامعية ذات البعد القومي، ومحور إنتاج العقول المفتوحة، وإزاحة التعليم المولد للإرهاب، ومحور التوسع في الأنشطة الإبداعية، وإعادة تشكيل الوجدان، ومحور أخلاق التقدم وغيرها.
وكانت النظرة المستقبلية هي الحاكمة لمسيرة التعليم في جامعة القاهرة، في ظل المشروعات الكبرى التي هدفت لبناء إنسان مصري يُدرك قيمة وطنهِ وأهمية الحفاظ عليه من خلال تغيير طرائق التفكير التقليدية والعقيمة والجامدة لطرائق إبداعية ومتفتحة وقادرة على إعمال العقل. وهو ما يصب في النهاية في تحقيق التنمية المستدامة، وتأسيس دولة وطنية حديثة قادرة على مواجهة كل التحديات وعلى الارتقاء بأبنائها وتحقيق رفاهيتهم.
وقد تواصل العمل في مختلف المحاور التي تمثل ركائز جامعة الجيل الثالث، سواء ما يندرج منها ضمن المفهوم الغربي، أو ما تمت إضافته ليشمل التحديات القومية الراهنة، وتحققت إنجازات متميزة في مختلف هذه المحاور، وتسابق أسرة الجامعة الزمن لمواصلة كافة الإنجازات التي حققتها الجامعة في ظل إدارة الفيلسوف المستنير الدكتور محمد الخشت للجامعة، وكان أهمها أن تتبوأ مكانتها المتميزة في التصنيف العالمي بين أرقى الجامعات في مختلف التصنيفات العالمية، وحدوث طفرة في ترتيب البرامج النوعية في الهندسة والصيدلة والطب والزراعة، ودخول العلوم الاجتماعية والإنسانية واللغات في تلك التصنيفات لأول مرة، وظهورها بترتيب مشرف تجاوز التوقعات خلال المدة الوجيزة الماضية.
ويبرز مشروع تطوير العقل المصري الذي نهضت به الجامعة خلال السنوات الماضية. وهو المشروع الذي يقوم على التفكير العلمي والنقدي والعقلاني من أجل بناء مجتمع جديد، وترتب عليه أنشطة تنموية عديدة، وجاء ذلك في إطار تفعيل دور الجامعة كإحدى المؤسسات التنويرية التي يقع عليها الدور الأكبر في بناء شخصية المواطن بوصفه جوهر الدولة وأساس الأمن القومي. واقترن بذلك ما ذهب إليه الدكتور محمد الخشت من ضرورة صياغة خطاب ديني جديد لمجتمعنا الإسلامي والعربي، وليس مجرد تصحيح الخطاب الديني السائد حاليًا، لاعتقاده بأنه لم يعد مناسبًا لواقعنا، ولا صالحًا لعصرنا بما نعايشه من تغيرات هائلة أفرزها النظام العالمي الجديد، وما أوصلتنا إليه العولمة، وأثرت تأثيرًا مباشرًا وغير مباشر في سلوك الناس.
وانبثق عن ذلك مشروع بناء شخصية الطالب الجامعي وتطويرها بالشكل الذي يحقق له التوافق النفسي والاجتماعي والتربوي، وتكون قادرة على مواجهة التحديات في ظل عقل سليم وناضج يتبنى التفكير الإبداعي والنقدي في حل مشكلاته واتخاذ قراراته الحياتية الاجتماعية والنفسية والتربوية والمهنية مستقبلًا، وكان تعزيز المشاركة في الأنشطة الطلابية الهادفة هو السبيل الأساسي للارتقاء بشخصية طلاب وطالبات الجامعة، وما اقترن بها بالعديد من الفعاليات الثقافية والأدبية والعلمية والفنية الجادة، والمسابقات التي شهدتها. والأهم هو تطوير هذه الأنشطة بنظام "الأون لاين" خلال فترة توقف الأنشطة المباشرة. وكذلك إنشاء مركز الدعم النفسي وبناء الذات لتقديم الخدمات النفسية لطلاب وطالبات الجامعة بمختلف مستوياتها، بدءًا من الخدمات الإرشادية النفسية والتربوية، وحتى الخدمات العلاجية المجانية بالتعاون مع قسم الطب النفسي بكلية الطب. هذا فضلًا عن تطوير المناهج الدراسية، وربط مناهج التعليم بسوق العمل والتنمية الشاملة، وتطوير طرائق التدريس وطرائق التقييم التقليدية القائمة على الحفظ والتلقين، والتي تعزز التفكير المنغلق الذي يمهد الطريق للفكر المتطرف، واستبدال ذلك بتعزيز التفكير الإبداعي والناقد وجعله أسلوبًا حياتيًا داخل الجامعة في كل نشاطاتها العلمية والتربوية.
وكان أهم ملامح هذا التطوير هو إدخال مقرري التفكير النقدي وريادة الأعمال ضمن المناهج التي يدرسها كل طلاب جامعة القاهرة في مختلف كلياتها النظرية والعملية، إيمانًا من الدكتور محمد الخشت أن مواجهة التفكير المتشدد لن تتم بدون تطوير طريقة التفكير، وتطوير العقل، وتأسيس خطاب ديني جديد، لأنها كلها أمور مرتبطة ببعضها، ولأن المنهج الذي يحكم كل هذا في النهاية كامن في العقل البشري وآلية عمله، ومن ثم الاتجاه إلى تغيير طرائق تفكير الطلاب والطالبات التقليدية والجامدة، ليحل محلها طرائق التفكير الإبداعية والنقدية.
وكان الاستحداث والتطوير الذي حدث في اللوائح والبرامج الدراسية على مستوى مرحلتي الدراسة الجامعية (الليسانس والبكالوريوس) والدراسات العليا لافتًا لتعدده وتنوعه في فترة زمنية قياسية، مواكبته للتطورات العلمية العالمية. فعلى مستوى الليسانس والبكالوريوس، تم استحداث أكثر من 323 برنامجًا دراسيًا مميزًا بالجامعة وفق متطلبات جودة العملية التعليمية وسوق العمل، ضمت 65 برنامج بكالوريوس وليسانس بنظام الساعات المعتمدة، و25 برنامج بكالوريوس وليسانس بنظام التعليم المدمج، و150 برنامجًا بمرحلة الدراسات العليا الجديدة بكل من نظام الساعات المعتمدة والتعليم المدمج والنظام الأوروبي.
وتبرز هنا الإنجازات التي تحققت في التحول الرقمي للجامعة، وتمثلت في توظيف التقنيات الرقمية للارتقاء بالخدمات التعليمية والبحث العلمي وكافة الإجراءات الإدارية داخل الجامعة، مما يحقق السهولة والانسيابية واستغلال الوقت. بمعنى آخر كان أحد الدعائم الرئيسية لتحول جامعة القاهرة إلى جامعة ذكية من الجيل الثالث هو التحول الرقمي الذي يهدف إلى التوظيف الفاعل للتقنيات الرقمية للارتقاء بالخدمات التعليمية، والبحث العلمي، وخدمات المجتمع المحيط بالجامعة. وكان أهم معالم النقلة النوعية في التحول الرقمي بجامعة القاهرة هو نجاح فريق العمل في تطوير لوحة قيادة مركزية للجامعة هي الأولى من نوعها. وكما كانت جامعـــة القاهــرة أول جامعة مصرية تضع في خطتها استهداف مفهوم الجامعة الذكية من الجيل الثالث، كانت أول جامعة يتم اعتماد لوائح كلياتها في التدريس والامتحانات لتصبح بنظام التعليم الإلكتروني الذي يجمع بين التعليم عن بُعد والتعليم الحضوري المباشر (التعليم الهجين).
واستكمالًا للجهود المثمرة والبناءة السابقة التي بذلتها الجامعة من أجل المضي قدمًا لاكتمال حلم التحول الرقمي لتطوير العملية التعليمية والبحثية، كان آخر الإنجازات إنشاء منصة جامعة القاهرة التعليمية الذكية Smart CU التي تضم مجموعة من الأنظمة العالمية المتكاملة من أهمها نظام Blackboard Ed Tech Platform، ونظام جورميه للتقييم الشامل Gourmet Assessment، الذي يتيح لأعضاء هيئة التدريس إعداد أنواع مختلفة من الاختبارات، سواء الإلكترونية أو الورقية بأكثر من لغة، وإنشاء وتصحيح جميع أنواع الأسئلة. كما يتيح مراقبة الاختبارات، وعرض تقارير تحليلية مفصلة عن النتائج والدرجات وجودة الاختبارات والأسئلة. وتقدم المنصة تجربة تعليم وتعلم أبسط وأكثر قوة تتجاوز نظام إدارة التعلم التقليدي. كما تشمل المنصة نظام Collaborate للاجتماعات والمؤتمرات، وبرنامج كشف الانتحال، كما تتيح المنصة نظامًا متكاملًا للمراجع العلمية والمواد التعليمية، فضلًا عن العديد من الأدوات التعليمية المتعددة الأخرى. فهي تمثل أقوى نظام للتعليم الذكي في العالم، لما لها من مميزات أهمها الإتاحة اليسيرة للمادة العلمية، وسهولة الاستخدام، وسرعة الاستجابة، وكذلك فهي تعزز التفاعل مع الطلاب، وتدعم استراتيجيات التعلم الحديثة، وتحقق معايير جودة التعليم العالمية.
كما أطلق الدكتور محمد الخشت مشروع " الإصلاح الديني والتنمية الاقتصادية"، حيث يرى أن كافة أشكال الإصلاح ليست جزرًا منعزلة، وإنما هي على علاقة وثيقة ببعضها البعض، بما في ذلك الإصلاح الديني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والصحي والتعليمي وغيره. ومن ثم، فإن الإصلاح الاقتصادي يرتبط ارتباطًا جذريًا بالإصلاح الديني، لأن منظومة الأفكار والقيم الحاكمة للسلوك الاقتصادي هي نفسها منظومة الأفكار والقيم الحاكمة للمعتقدات والسلوك الديني. فلا توجد دولة متقدمة في الاقتصاد ومتخلفة في التعليم والصحة أو الأفكار الدينية، ولا توجد دولة متقدمة في التعليم والصحة والخطاب الديني ومتخلفة في الاقتصاد وهكذا.
وكانت الجامعة حريصة على تقديم الدعم الكامل للبحث العلمي، وزيادة النشر الدولي، لتحسين مركز الجامعة في التصنيفات العالمية، حيث تؤكد رؤية الجامعة أهمية استثمار الأبحاث العلمية التي يقوم بها أعضاء هيئة التدريس في معالجة القضايا ذات المردود على التنمية والاقتصاد الوطني، لذلك قامت الجامعة بتمويل عدد من المشروعات البحثية التطبيقية في مجالات المياه، والطاقة، والزراعة، والغذاء، والعشوائيات، والصحة وغيرها انطلاقًا من توجهها الاستراتيجي في ربط المشروعات البحثية بالأمن القومي الشامل. وقد انتهجت الجامعة سبلًا عديدة لتحقيق الارتقاء بالبحث العلمي وزيادة النشر الدولي، منها تقديم الدعم المادي للكليات لتعزيز البحث العلمي، والزيادة المتتالية في مكافآت النشر الدولي، وتطوير مجلات الجامعة والكليات ودورياتها العلمية بصورة ترتقي إلى مثيلتها العالمية في أكثر من مجلة.
وتأتي المشروعات الكبرى لتحظى بمكانة متميزة ضمن خارطة إنجازات الجامعة خلال السنوات الماضية مثل إنشاء الفرع الدولي لجامعة القاهرة، ومستشفى 500500، وتطوير قصر العيني، وتطوير مستشفى معهد الأورام، وتطوير مستشفى الطوارئ، والانتهاء من مشروع إسكان أعضاء هيئة التدريس والعاملين، والتطوير الشامل لكل منشآت الجامعة على مجموعة من المراحل المتكاملة، وغير ذلك من المشروعات التي حققت إنجازات حقيقية على أرض الواقع في فترة محدودة.
وتوجد قناعة لدى الدكتور محمد الخشت بأن الإصلاح الإداري هو الأساس الذي يمكن البناء عليه، وهو الذي يجعل منظومة العمل في مؤسسة كبيرة مثل جامعة القاهرة منضبطة، وقادرة على الوفاء بمتطلباتها الأساسية وتحقيق أهدافها. وقد تمت جهود متعددة لتحقيق الإصلاح الإداري والنهوض بالجهاز الإداري بالجامعة. وكان التحول من المركزية الجامدة نحو اللامركزية الإبداعية آلية أساسية أدركت إدارة الجامعة أهميتها في عملية الإصلاح الإداري بالجامعة، والتي تمت بخطوات مرحلية مدروسة حتى لا يحدث خلل في المنظومة الإدارية، وقد أنجز منها حتى الآن قرابة الثمانين في المائة، مما أتاح للجميع العمل الدؤوب والإنجاز المثمر في ضوء القوانين واللوائح، وتفعيل آليات المحاسبة (الثواب والعقاب) بتروٍ وعقلانية جعلت الجميع يشعر بالعدالة والشفافية، وإعلاء المصلحة العامة على كل الاعتبارات الشخصية.
ولا يمكن إغفال الدور الوطني للجامعة خلال السنوات الماضية، مثلما كانت دومًا عبر تاريخها العتيد، وثيقة الصلة بقضايا وطنها، تقدم ما في وسعها من أجل صالحه، وتجند كل إمكاناتها لتحقيق الآمال والطموحات، وتسعى جاهدة للمساهمة في رفاهية أبناء وطنها. ومن ثم، يظهر الدور الوطني الحقيقي للجامعة في مواجهة التحديات، والتعامل الأمثل مع الأزمات مثل استقبال المواطنين المصريين العالقين في مختلف الدول، والمشاركة في المبادرات الرئاسية، ومبادرة 100 مليون صحة، ومبادرة حياة كريمة، ومبادرة مودة، ومبادرة صنايعية مصر، والمساهمة في المشروعات القومية والتنموية، وحسن إدارة الأزمات والكوارث، وبخاصة أزمة جائحة فيروس كرونا المستجد، وغير ذلك.
ولا شك أن ما حققته الجامعة من إنجازات لم يكن وليد الصدفة، ولكن تحقق بالتخطيط الصائب لإدارة الجامعة، والعمل المثمر بروح الفريق في مختلف كليات الجامعة ومعاهدها ومراكزها وقطاعاتها الإدارية على كل المستويات، والمتابعة الجادة للعمل في مختلف المحاور، وتفعيل مبادئ الثواب والعقاب. وقد تجاوزت تلك الإنجازات بكثير ما وعد به الدكتور الخشت في خطابي التنصيب اللذين قدمهما. وهو ما يؤكد أن الجامعة تسير في الطريق السليم من أجل تحقيق طموح الوصول إلى درجة النموذج المثالي للمؤسسات العاملة في استغلال المعرفة، وإنتاج قيمة مضافة للاقتصاد، وتقديم الاستشارات الاستراتيجية، والتوسع في العمل المجتمعي والشراكة مع المؤسسات الاقتصادية والإنتاجية والمجتمعية ذات التوجهات الداعمة للدولة الوطنية والساعية للحفاظ على هويتها وكيانها من مختلف التهديدات المحيطة بها.
ونظرا لحاجة الجامعة لاستكمال النهضة الحقيقية التي عاشتها على كل المستويات خلال السنوات السابقة، ومواصلة الإنجازات التي تحققت، وبخاصة ما يتعلق بمكانة الجامعة في التصنيفات الدولية، ودفعها قدمًا لتحقيق طموح أن تصبح جامعة القاهرة إحدى جامعات الجيل الرابع، وأن تدخل ضمن أفضل مائة جامعة على مستوى العالم، سواء على المستوى المؤسسي أو البرامج التخصصية. وكذلك استكمال المشروعات العملاقة التي بدأت بقوة، وتحققت طفرات في إنجازها، لذلك زكى مجلس جامعة القاهرة ترشح الدكتور محمد الخشت لرئاسة الجامعة لمدة ثانية، يستطيع خلالها استكمال هذه الجهود المخلصة لتواصل الجامعة تقدمها وازدهارها في تحقيق أهدافها الاستراتيجية كقاطرة للتنمية في وطننا الغالي، تضع كل إمكاناتها لرفعة شأنه، وتحقيق رفاهية أبنائه وسعادتهم.