السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

علم الدلالات في عربية القرآن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
* عاش العرب ينتفخون ويفتخرون بأبشع عيوب العربية وهى الميوعة والالتباس الدلالى والتداخل الدلالى بين دلالات الالفاظ، تحت عنوان (الترادف) الذى ظنوه ميزة الميزات وفضيلة الفضائل ودليل قوة ورصانة الشاعر وتمكنه، وهذا أكبر (وهم) يجب أن يتخلص منه العرب، فى تعاملهم مع اللغة.
* فلقد جعل التعامل مع العربية وفقا لقاعدة الترادف لغة عبارة عن (عجين، فى عجين) لإحداثيات معرفية ابستمولوجية لأفاظها، كما كان له بالغ الأثر على التفكير العربى والعقل العربى، حيث جعل العقل العربى عقلا  ملتبسا، مشوها، مضطرب الفكرة، مائعا  وغير منضبط ضبابى الدلالات وغير محدد وغير دقيق ومتداخل فى أفكاره ، وغير محدد الدلالة.
* فاللغة كما نعرف نتاج العقل وتتطور بتطوره وقد تحولت اللغة بشكلها الحالى القائم والمتأسس على الترادف والتماهى الدلالى دون أى تطور أو حداثة فى عصر البرمجيات والكمبيوتر والدقة المتناهية الذى نعيشه.
' وفى القرن الثانى الهجرى صرخ ثعلب الكوفى صرخته المشهورة فى عرب الترادف وقال( ما تظنوه مترادفا متشابها هو فى الحقيقة متابينا ومختلفا) ودخل حمله مشاعل التعامل مع العربيه بدقه ووفقا للاترادف فى معركه ضروس مع عرب الترادف، انتهت للأسف بغلبة تيار الترادف الكاسح.
* ولقد جاء القرآن بلسان عربى نعم ولكن بلسان عربى لكنه ( مبين) أى واضح جدا وجلى ومحدد وحصرى، ومفصول عن غيره من حيث الدلالة وغير ضبابى فى دلالاته أى غير متداخل الدلالة، وعربية الله دقيقة ومعجزة وهى غير عربية الناس التى تعج بالعيوب مثلها مثل أى لغة إنسانية.
* لكن للأسف الشديد لم يلتفت أحد إلى أن القرآن جاء بلسان عربى لكنه (مبين) ومبين من الإبانة والوضوح التام الجلى والتحديد التام للدلالة اللفظ والمفصول للدلالة مع الألفاظ الأخرى والذى يخلوا من التداخل الدلالى بين الألفاظ وبعضها البعض وهو العيب الكبير والتاريخى فى العربية والذى ظنوه ميزة كبرى للعربية حيث يخلو اللفظ تماما من الضبابيى والالتباس فى دلالته ولا يشترك أو يتداخل دلاليا مع غيره من دلالات الألفاظ الأخرى وهذا مالم يدركه العرب، فعاشوا يظنون الترادف ميزة العربية بينما الترادف والتداخل الدلالى هو أخطر عيوب العربية حيث يجعلها لغة غير محددة لدلالات ألفاظها ولغة ضبابية ملتبسة المقصد وملتبسة المعانى ومشتركة ومتداخلة فى دلالاتها فالفقراء هم المساكين والكتاب هو القرآن وهو الفرقان وهو الذكر، والإسلام هو الإيمان والزوج هو البعل وجاء هى آتى والعمل هو الفعل والإبلاغ هو البلاغ والموت هو الوفاة وهو الهلاك والمتقين هم الأبرار هم المحسنون هم المؤمنوين والمجرمون هم الكفار هم المشركون هم الفجار والفاحشة هى الفحشاء.
* وعربيه المصحف غير عربيه العرب وعلينا ان ندرك ذلك وعندما استخدم الله العربيه خلصها من عيوبها طبعا وفى مقدمة تلك العيوب عدم قدرتها على الإيجاز وكثرة المجاز أيضا وهما العيبان الكبار للعربية.
* كما خلص القرآن العربية من عيبها الكبير وهو اشتباك وتشابه الدلالات للفظين مختلفين فى المبنى، حيث ضبط دلالات ألفاظها وفصل بين تلك الدلالات بدقة وإعجاز وجعل لكل لفظ دلالة محددوة خصةه فصارت اللغة أكثر تحديدا وأكثر دقة وأصبح لكل لفظ حدود ابستمولوجية محددة وفارقه عن غيره ولم يعد هناك لفظان مختلفان لهما نفس الدلالة وعليه أصبحت التماثيل غير الأوثان غير الاصنام، وأصبح الزوج غير البعل والموت غير الوفاه غير الهلاك وهكذا.
* ولقد وضع الله علم جديد فى المصحف اسمه علم ( الدلالة)، دلالة (اللفظ) فى القرآن، فالقرآن ورد على( اللفظ) دقيق للغاية ومعجز وحصرى، ولم يرد المصحف على المعنى وفى عربية المصحف لكل لفظ (دلالة) خاصة به تختلف عن دلالة اللفظ الآخر، ولا يوجد فى عربية المصحف (لفظان) لهما نفس الدلالة أبدا، ولقد جعلت عربية القرآن اللغة العربية اللغه الأكثر تحديدا وضبطت وفصلت مدلولات ألفاظها وكلما زاد مبنى اللفظ أو تغير فيه حرف زاد المعنى وتغيرت الدلالة وفى المصحف أربع رسومات مختلفة للفظه الصلاة (الصلاة / الصلوة / الصلوت / الصلة) لتعبير عن أربعة دلالات مختلفة، والقاسطون غير المقسطون والفقراء ليسوا هم المساكين مثلا لكل لفظ دلالة محددة خاصة به فالفقراء من العوز والمساكين من السكن وعدم الحركه (ذوى الاعاقة)، والزوج غير البعل فهو (زوج) اذا كانت هناك علاقه جنسيه بينهما وهو( بعل) إذا انتفت العلاقة الجنسية، وجاء لا تعنى أتى، والعمل ليس هو الفعل ( فمن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) ) الزلزلة ( قَالُوا مَن فَعَلَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) الأنبياء.
* ولقد حدد الله (دلالة) كل لفظ على حدة لأن الله دقيق ومعجز، وكتابه غير الكتب البشرية وعربية المصحف غير عربية الناس دقيقة محددة جدا فالله دقيق وعلينا أن نحترم دقته فى صناعته ونتعامل مع المصحف بالدقة الواجبة له.
* فإذا أراد الله أن يفرق بين نوعين من (الرؤية) ممكن أن نراها نحن، رؤية حقيقية وأخرى فى المنام فتجد فى رسم المصحف ( رءا) و(رأى) للتفريق بين النوعين من الرؤية، الأولى فى اليقظة والثانية فى المنام وامرأة غير امرٱت.
*امرأة : أى أنثى لم تتزوج بعد ويقابلها امرئ
*امرآت : أى امرأة متزوجة أى منسوبه لذكر
قال تعالى (إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) ﴿٢٣ النمل﴾
وقال تعالى
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) التحريم.
* فإذا تزوجت المرأة بسط الله التاء وقال امرأت وإذا حدث تباعت يعود لإغلاق التاء المبسوطة قائلا امرأة مع تحويل الزوج إلى بعل
قال تعالى (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) (128) النساء.
*وإذا أراد الله أن يفرق بين زوجين متوافقين يستخدم ( زوجه) وإذا كانوا غير متوافين قال تعالى (امرأته).
*قال تعالى( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) (90) الأنبياء.
وقال تعالى (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ) (83) الأعراف.
* وللتفريق بين نوعين من الرحمة نجد (رحمة) (رحمت) الأولى للتعبير عن رحمة واحدة فقط والثانية للتعبير عن أكثر من رحمة أو نقول عندما يبسط الله رحمته تأتى التاء مبسوطة لتشير إلى مزيد من الرحمات.
* ونوعين من النعمة (نعمة) و(نعمت) لتدل الأولى عن نعم دنيوية وتدل الثانية عن نعم إللهية لك، ونجد ( مطهرين) و(متطهرين) بزيادة (تاء) لتفصل بين وضعين وضع نهاية نزول الدم فى الحيض ووضع قيام الحائط بالنظافة بعد توقف نزول الدم وعودة حالة الطهر وهو ما يتطلب بذل جهد من المرأة و(اسطاعوا) و( استطاعوا) بزيادة تاء أيضا، لتعبر عن فرق الجهد المطلوب بين الاستطاع والاستطاع فأنت عندما تحفر نفقا تحت قاعدة جبل وبطول تلك القاعدة أصعب بكثير من أن تصعده لذلك فرق فى الاستطاعة بين جهدين جهد بسيط وهو الصعود فاستخدم (اسطاعوا) وعندما تطلب جهد أكبر للحفر وعمل نفق زاد تاء مع زياده الجهد وقال (استطاعوا)، و(يسطع) و(يستطيع) بزيادة تاء أيضا فى حالة الخضر وموسى، ولقد سماها الدكتور محمد شحرور رحمه الله ( تاء الجهد) اي عندما تزيد تدل على أن هناك جهدا قد حدث مثل الطهر والتطهر وطبعا القاعدتقول كلما زاد المبنى زاد المعنى كلما زاد مبنى اللفظ زاد معناه وتغيرت دلالته، كلما زاد اللفظ حرفا واحدا زادت وتغيرت دلالته على الفور، الله دقيق ومحدد للدلالات الألفاظ بشكل غاية فى الدقة والإعجاز ويضع لك الحدود الدلالية لكل لفظ ويفرقه عن اللفظ الآخر بتغيير حرف أو زيادة حرف فلا ترادف فى عربية المصحف ولا حشوية ولا حروف زائدة دون دلالات زائدة.
عربية المصحف مختلفة عن عربية العرب ولقد طور القرآن العربية تطورا ضخما وجعل ألفاظها محددة الدلالة بدقة شديدة وحصرية بعد أن خرقت قرون فى الترادف والتشابه الدلالى فى لغة العرب الدارجة، وفى شعرهم الذي بنى كله على وهم الترادف بين الألفاظ لقد أزل الله التداخل فى المعنى وفصل الدلالات للأالفاظ بدقة متناهية.
* حاول تدرك أن عربية المصحف مخلتفة عن عربيتك تعاملك مع معنى اللفظ فى عربية المصحف والاستخدام الإلهى على أنه نفس معنى اللفظ لديك يدمر المصحف تماما ويفسد فهمك للدين،فمثلا (الخيانة) لديك لها مدلول طبعا وهو خيانة زوجتك لك وممارستها الجنس مع غيرك وفى عربية المصحف لها مدلول مختلف تماما عما لديك فهى تعنى فى كتاب الله (الافتراء) على الغير والتقول عليه والحط من قدره، الصدر لديك هو القفص الصدرى فى المصحف هو ( رأسك) القلب لديك هو (المضخه) والقلب فى عربية المصحف من التقليب وهو( المخ) المفكر، (الروح) فى لغتك هى( النفس) وفى عربية المصحف هى (أوامر الله) الزوج فى لغتك له مدلول شريك الحياة، الزوج فى المصحف شريك المهمه أو القرين وهو أيضا المفرد من الصنف زوج حمام أو ماعز أو... الرجال لديك هم الذكور البالغين، الذكور فى عربيه المصحف هم الذكور والاناث المترجلون، النساء لديك جمع امرأة وفى عربية المصحف قد تكون جمع امرأة وقد تكون جمع نسئ (المتأخرات) المخترعات الحديثة أو الأصغر سنا، الملحد لديك اسمه المجرم فى عربية المصحف.
 الانزال والتنزيل لديك معناهم واحد فى المصحف مختلف تماما فالتنزيل هو وجود خارج الوعى الإنسانى والانزال إدراك لغير المدرك، المشلولة فى لغتك فى المصحف اسمها القاعدة أو القواعد من النساء، الفقراء والمساكين فى لغتك واحد، أما فى عربية المصحف فالفقراء غير المساكين والمساكين من السكن وقله الحركة (المعاقين)، القلم فى لغتك له دلالة معروفة هو أداة الكتابة والقلم فى المصحف من التقليم والتميبز والتفكيك، الإسلام والإيمان فى لغتك شيء واحد وفى المصحف الإسلام كل أهل الكتاب والمؤمنون أتباع هم المحمديون، النبى هو الرسول فى عربيتك وفى عربية المصحف الرسول تعنى رسالة والرسول معصوم وكل ما ينطق به الرسول هو دين والنبى غير معصوم وكل ما ينطق به كلامه هو كبشر وليس كلام الله، والكتاب لديك هو القرآن لكن فى عربية المصحف القرآن هو جزء من الكتاب أحد مكوناته جاء لإثبات ألوهية الرسالة وليس كل الكتاب.
* وإذا كانت اللغة هى الحامل الحصرى للفكر، وإذا كانت اللغة العربية حتى تاريخه غير محددة الدلالات ومتداخلة المعانى فى ألفاظها، فكيف سيكون حال الفكر العربى إلا فكرا ملتبسا وغير دقيق ومتداخل الدلالة يعج بالمترادف ويظنه الغافل ثراء وغنى بينما الترادف هو ميوعه وخلط وعدم تحديد وغياب لدقة الدلالات وتداخل مخل للغاية.
* وعليه فإن العقل العربى سيظل عقلا ملتبسا وغير دقيق وغير محدد لما ينطق ومايقول ولا أمل فى ضبط العقل العربى إلا إذا حاولنا أن نستفيد بعربية المصحف الجديدة علينا والدقيقة الدلالة والمحددة الدلالة وأن نتعلم منها وأن نقلدها وأن ننجز معجم عربى عصرى على أساس(اللاترادف) يكون منضبطا وحاذقا وفاصلا فى دلالات الألفاظ كل لفظ على حدة  ومحددا الدلالات بدقة وفاصل لدلالة كل لفظ عن اللفظ الآخر كى ينضبط الفكر العربى كله والعقل العربى والتفكير العربى كى نستطيع الولوج الى الحداثه التى هى انعكاس للتحديد الشديد والفصل الدقيق والتقليم والتمييز الحاذق بين الاشياء.