الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شمعة «الشربينى» تقاوم عتمة التغييب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كثر الحديث عن تردى أحوالنا الثقافية، وما يرتبط بها من آثار على الشخصية المصرية ككل.. وفى ظل من يكتفون بالشكوى والنقد فقط، هناك من قرروا أن ينتقلوا من موقع المتفرجين لموقع الفاعلين، فلم يستسلموا للإحباطات واختاروا القيام بما يستطيعون بحثا عن طاقات النور.. أحد هؤلاء هو الكاتب الصحفى الكبير/محمود الشربينى، والذي تخرج من قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة عين شمس عام 1984، بتقدير جيد جدا، وكان أول الخريجين ذلك العام..وقد عمل بالكويت منذ 1993 وحتى 2019، وترأس قسم"وراء الأنباء" بدار الأنباء للصحافة، وعمل محررا للصياغة بصحف الوطن والسياسة والدار، وسكرتيرا عاما لجريدة الشاهد اليومية(والذى أصدرها بشكل يومى بعد أن كانت أسبوعية فقط)..بالإضافة إلى كتاباته العديدة التى تثرى العديد من الصحف المصرية والعربية، والتى من أبرزها الوفد وروزاليوسف.. أما عن دوره التنويري، فبالإضافة لإسهاماته الصحفية والأدبية، فقد قرر أن يجعل إتمامه لعمر الستين، بداية حياة جديدة وليست نهاية الحياة المهنية كما يعتبرها البعض، فأسس في أكتوبر الماضى صالونا أدبيا وثقافيا بإسم"ملتقى الشربينى الثقافى" وشعاره(شمعة تقاوم العتمة)..وكان هدفه إنشاء منتدى ثقافي يناقش كل القضايا الأدبية والثقافية بجرأة وشفافية، ويقدم كبار المبدعين للأجيال الجديدة، ويربط بينهم بجسور ثقافية تقيم حوارا بين الأجيال، بالإضافة إبراز المواهب الفنية الوليدة وتبنى إبداعها، وكذلك مناقشة القضايا الراهنة في الثقافة..فهو يرى أن قصور الثقافة والمسارح التابعة للدولة والمكتبات العامة خرجت من المعركة وتركت الأمن منفردا للمواجهة، وبالتالي لايزال التطرف ينمو ويترعرع، لذلك قرر مواجهة طيور الظلام من خلال منارته الثقافية، إلى جانب إبراز ملامح الثقافة المصرية وإيضاح خصوصيتها، وإيجاد جسور بين الشرق والغرب لنواكب العصر، وفي نفس الوقت نخلق أجيالا جديدة واعية بحضارتنا وميراثنا الثقافي..ورغم أن عمر الملتقى لم يتجاوز شهورا حتى الآن، إلا أنه ساهم بدورا تنويريا مؤثرا منذ تأسيسه، من خلال ما يطرحه للنقاش من موضوعات مهمة، تثرى العقول وتدعم الإبداع وتنشط الحركة الثقافية ككل، وكذلك الشخصيات التى ينتقيها كى تصبح محورا لأمسياته، فيعيد اكتشافها وتقديرها وينعش الحركة النقدية والحراك الثقافى بشكل عام..فمثلا كانت إحدى الأمسيات عن الشاعر والأديب الكبير رفعت سلام(والذى توفاه الله في 6 ديسمبر2020) فأقام الملتقى أمسية إحتفاءا بهذا المبدع الكبير، وفاجأ فيه الأستاذ/محمود الشربيني جمهور الملتقى بإعلانه عن إطلاق جائزة أدبية سنوية على نفقته الخاصة تحمل إسم رفعت سلام تكريما لمسيرته وعطائه.. وأمسية أخرى لمناقشة كتاب "الشيطان..وتجديد الفكر الديني) الذى صدر مؤخرا للكاتب الصحفى الكبيرأستاذ/نبيل عمر أحد أهم أعمدة الملتقى، وأحد رموز الصحافة والثقافة المصرية الآن..وأمسية للشاعر القدير/حسن طلب الملقب بفيلسوف الشعر، ألقى خلالها مجموعة من أحدث قصائده التي يستكمل بها "ثلاثية إنجيل الثورة وقرآنها"..وأخرى تناولت الإبداع بين الممنوع والمباح، وإستضاف فيها الشاعرة/أمينه عبد الله وناقش بعض نصوصها التى تعرضت لهجوم شديد من بعض الشعراء والمثقفين..وأمسية أخرى للإحتفاء بالأديبة والشاعرة والناقدة والمترجمة منال الشربيني..وغيرها الكثير من الأمسيات والمناقشات الثرية التى تزخر بحضور قامات فكرية وثقافية شامخة.. وقد تشرفت بمعرفة الأستاذ/محمود الشربينى من خلال الصديق والأخ الغالي الأستاذ/حمدى حماده الكاتب الصحفى الكبير، والذى أعتز بصداقته منذ سنوات طويلة، وكان قد دعاه لإحدى حفلاتي بدار الأوبرا المصرية منذ عامين، ومنذ ذلك الوقت أسرنى برقة وبريق كلماته وتعليقه على الحفل، والذى كان بمثابة طبطبة ربانية أزالت عنى إحباطات كثيرة، ومنذ ذلك الحين صرت أتفاءل بوجوده في حفلاتي، وأستمد قوة من طيبة قلبه وبشاشته وعينيه المشجعتين، وكلماته التى التى أفتخر بها وأعتبرها تتويجا لي..
كما أننى من جمهوره وأنتظر بشغف مقاله الإسبوعى في جريدة الوفد "ضوء في آخر النفق" لأستمتع بجرأته وروعة أسلوبه السلس والجذاب..ورغم أننى لا أتمكن في بعض الأحيان من حضور أمسياته الممتعة، إلا أننى أحرص على متابعة أصدائها عن بعد، ولكنى أتمنى أن ينال هذا الملتقى الهام إهتماما أكبر، بحيث تفتح القاعات الثقافية الكبرى أبوابها لإستضافته، كى تتاح فرصة الحضور لعددا أكبر من المثقفين والمهتمين، كما أتمنى أن يتم تغطيته إعلاميا من خلال القنوات التليفزيونية ليتسع نطاق المستفيدين من هذا الزخم الثقافى.. دمت لنا أيها الكاتب والمثقف الكبير، ودامت لنا ملتقياتك وإسهاماتك الثقافية التى تقاوم بها العتمة وتنير لنا الحياة.