الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

رئيس على ما تفرج

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

اهتمت الصحف الفرنسية بما سمته، الخلاف بين «رأسي» الدولة في خيرت الشاطر، نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي، ولم تكتفِ الصحف الفرنسية بالتلميح، بل قالت علناً إن «الخليفة» خيرت الشاطر، يريد أن يأخذ مكان «الفرعون» محمد مرسي، وإن محمد مرسي تحول إلى «فرعون» في محاولة منه للتخلص من نفوذ الشاطر عليه.
وتساءلت صحيفة «لوموند»، أشهر وأهم الصحف الفرنسية: «هل مرسي مجرد لعبة يحرك الإخوان المسلمون خيوطها، أم أنه مشروع ديكتاتور، يسعى للإفلات بكل قوته من سيطرة الجماعة التي كان ينتمي إليها في بدايته؟».
«لوموند»: «خيرت» اختار «مرسي» ووضع حوله رجاله.. وفرض عليه سلطته بإرسال الميليشيات إلى «الاتحادية».. والرئيس يحاول الاستقلال.. وقرارات رفع الأسعار كانت المحاولة الأولى للتمرد.
وتابعت الصحيفة: «مرسي كما يقول البعض، هو صنيعة خيرت الشاطر، الرجل القوى الحقيقي في الجماعة، لكن البعض، يرى أن مرسي رجل يسعى لتأكيد ودعم سلطته المستقلة بعيدًا عن الجماعة».
وأشارت لوموند إلى أن أحد مكونات العلاقة المعقدة بين الشاطر ومرسي، هي أن الشاطر يدرك أنه كان الخيار الأول للجماعة عند تقديمها مرشحًا للرئاسة، وبسبب عجزه عن خوض الانتخابات، اختار هو بنفسه محمد مرسي بدلًا منه، وتصف «لوموند» أسباب اختيار الشاطر لمرسي بدلًا منه بأن مرسي رجل بلا حضور، ومنضبط، لن يسبب له مشكلات، ولأن ولاءه للجماعة ليس محل نقاش.
لكن على ما يبدو، فإن ثقة الشاطر في مرسي لم تكن كاملة إلى هذا الحد، تقول «لوموند»: «كل المحيطين بمرسي هم من رجال الشاطر، أيمن على وأحمد عبد العاطي وخالد القزاز، وأسعد شيخة المسئول عن أمن الرئيس، ومحمد رفاعة الطهطاوي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، كل هؤلاء الرجال مقربون من مكتب إرشاد الجماعة الذي يتحكم به خيرت الشاطر من الانتخابات الداخلية للجماعة التي تمت عام 2009».
وتواصل الصحيفة: «لا يكتفي الشاطر بوجود رجاله حول مرسي، لكنه يتدخل بنفسه في بعض الأحيان، ورجل الأعمال البارز يتدخل علنًا بشكل منتظم، كما لو كان رئيسًا ثانيًا، وعندما يأتي وفد من رجال الأعمال الأمريكان إلى مصر مثلًا، يتولى هو مهمة طمأنتهم بعدم وجود تعارض بين الإسلام والديمقراطية».
وترى لوموند أن «مرسي» مجرد عسكري يحركه الإخوان، ورأت أن أقسى اللحظات التي مارس فيها الشاطر سلطته على مرسي كانت في قراره إرسال ميليشيات الإخوان لمواجهة المتظاهرين أمام قصر الاتحادية، وتضيف: «مرسي ليس سوى مجرد عسكري شطرنج، ينفذ الأوامر التي يصدرها آخرون اتخذوا القرارات بدلًا منه، بل ويبدو حتى إن من يتخذون قراراتهم في ظل الرئيس لا يهتمون بإحاطته بها، كان هذا هو الحال على ما يبدو عندما قررت الجماعة إرسال ميليشياتها يوم 5 نوفمبر لفض اعتصام المتظاهرين أمام قصر الاتحادية، بما أسفر عن مصرع 8 أشخاص، وإصابة العشرات».
وتساءلت الصحيفة: هل تمت استشارة مرسي في هذا القرار؟ هل تم إشراكه في الأمر؟ وتابعت: «أغلب الظن أن الإجابة بلا، كما تقول مصادر مقربة من قيادة الإخوان المسلمين، فعلى امتداد الأزمة التي بدأت بالإعلان الدستوري الذى منح صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، بدا الأمر وكأن مرسي صار رهينة لجماعته التي تستخدم ميليشياتها لممارسة ضغوط على القضاء، خاصة قضاة المحكمة الدستورية العليا».
وتواصل لوموند: «هناك احتمال آخر، هو أن مرسي يسعى للإفلات من السيطرة الثقيلة التي يفرضها عليه خيرت الشاطر، وهو ما يفسر التصريحات المتضاربة، وتراجعاته عن قراراته بشكل غير مفهوم في الأسابيع الأخيرة، فمثلاً، يوم 9 ديسمبر الماضي، أكد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية توقيع قرار بزيادة أسعار 70 سلعة رئيسية، الأمر الذى أثار ردة فعل فورية من حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، الذين اعتبروا القرار غير ملائم في الأسبوع الذى يسبق التصويت على استفتاء الدستور».
ونقلت «لوموند» عن مراقبين في القاهرة قولهم: «إن محمد مرسي أثبت بقرار رفع الأسعار قلة خبرته وعدم نضجه، إذ كان يريد أن يثبت نفسه، وأن يظهر نفسه في صورة الرجل القوي القادر على الإفلات من سيطرة خيرت الشاطر عليه، وقاده ذلك إلى اتخاذ قرارات متخبطة، لم تدرس جيدًا، وكان على الجماعة أن تعيد ترتيب الأمور بعدها».
صحيفة «لو جورنال دو ديمانش» الفرنسية كانت أكثر حدة وصراحة في حديثها عن الصراع بين الشاطر ومرسي، نشرت مقالاً بعنوان: «خيرت الشاطر: الفرعون الحقيقي لمصر»، قالت فيه: «إن خيرت الشاطر هو الرجل الذى يهمس في أذن الرئيس مرسي، وإن لهذا الرجل هدفًا واحدًا، هو إقامة الخلافة الإسلامية، باعتباره العقل المدبر والمفكر والمحرك الحقيقي لجماعة الإخوان».
وذكرت الصحيفة الوصف الذى اشتهر به محمد مرسي بين المصريين بعد ترشحه في الانتخابات بديلًا عن خيرت الشاطر وهو وصف «العجلة الاحتياطي» أو «الاستبن»، ثم تساءلت: «هل ما نراه الآن هو أن «الاستبن» يتحدى «العقل المدبر»؟ المتخصصون في شئون جماعة الإخوان المسلمين يرون أن الأمور قد لا تصل إلى هذا الحد، لكنهم يتفقون على أنه في الأيام الأخيرة على الأقل، ظهرت بعض الخلافات على السطح في مكتب إرشاد الجماعة، وحدث شد وجذب بين مرسي والشاطر، وبدا الأمر وكأن أحدهما يقول للآخر: من هو رئيس مصر؟ أنت أم أنا؟».
وواصلت الصحيفة: «إن خيرت الشاطر لديه هدف ومشروع كبير، هو إقامة خلافة تضم سوريا وتونس مع مصر، لكنها ليست خلافة عام 632، إنها خلافة بوسائل وأساليب عصرنا، وبتحالفات وتكتلات اقتصادية، لكن، سواء أكان الشاطر أم مرسي هو صانع القرار الحقيقي، وأيا كان الرجل القوي الفعلي منهما، فإن النتيجة هي أن الإخوان ارتكبوا خطأ سياسيًا فادحًا، وتعجلوا، فقسموا البلاد».
وفى تقرير آخر، نشر موقع «جورناليزم» الإخباري الفرنسي تقريرًا عن خيرت الشاطر بعنوان: «خيرت الشاطر الذى يريد أن يصبح خليفة بدلًا من الفرعون، «قال فيه إن خيرت الشاطر يبدو وكأنه يريد الانقلاب على الرئيس مرسي، قالت فيه: «مصر ما بعد الثورة صارت في حالة سيئة، انقسمت على نفسها في كل شيء، ووصل الانقسام حتى إلى قلب جماعة الإخوان المسلمين أنفسهم، فعلى رأس السلطة في البلاد يبدو الانقسام واضحًا بسبب رجل واحد، هو خيرت الشاطر الذي يبدو وكأنه يريد خلع الرئيس محمد مرسي».
وواصل الموقع الإخباري: «يقف خيرت الشاطر في قلب هذه الانقسامات، هو الذى يحكم مصر فعلياً في ظل محمد مرسي، كان مرشحاً بدلاً منه في انتخابات الرئاسة، ولهذا السبب يرى أنه كان من الممكن أن يكون «الخليفة» المنتظر، لا يبدو أن خيرت الشاطر قادر على التخلي عن تمسكه بالسلطة، فسواء كان على رأس جماعة الإخوان أو في مكاتب قصر الرئاسة، يسعى ذلك الرجل الذى يبلغ من العمر 62 عامًا إلى إدارة وحكم مصر على طريقته».
“,”هكذا يبقى مرسي رئيس على ما تفرج“,”.