الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حرب الدولة المصرية على الإرهاب «5-5»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يمكن تحديد مجموعة من التحديات الرئيسة التي تواجهها الدولة في مكافحة الإرهاب والتطرف والتي تتطلب معالجة جادة، والتي أشار إليها بعض الباحثين والخبراء ومن بينهم إيمان رجب وأحمد كامل بحيري الخبيريْن بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، وهي كالتالي:
1-غياب آلية مؤسسية للاستفادة من الخبراء المتخصصين في مجال الإرهاب والتطرف؛ فتشكيل المجلس القومي لمكافحة الإرهاب تضمن فئتين، هما الجهات والوزارات الحكومية ذات الصلة والشخصيات العامة، ولم يتم إدراج فئة الخبراء المتخصصين والذين لديهم متابعة جيدة وتراكم معرفي بموضوع الإرهاب والتطرف ضمن أعضاء المجلس. إلى جانب ذلك، فإن الجهات المختلفة المهتمة بهذا الملف في الدولة تتواصل مع هذه الفئة من الخبراء بصورة متقطعة ولا تتعامل معهم بصورة مؤسسية، على نحو يترتب عليه عدم الاستفادة الحقيقية من المعرفة والتوصيات والمقترحات التي يقدمها الخبراء، وبالتالي لا يحدث تقدم حقيقي في التعامل مع هذه القضية.
2- القراءة غير المتخصصة للمؤشرات الدولية الخاصة بالإرهاب والتطرف، وهو تحدٍ مرتبط بالتحدي السابق، ومثال على ذلك القراءات الخاطئة للمؤشرات الدولية الخاصة بالإرهاب في مصر، حيث اتخذ بعض المهتمين بالإرهاب في مصر من تراجع ترتيبها في مؤشر الإرهاب العالمي الذي يصدر عن معهد دراسات الاقتصاد والسلام، من الترتيب رقم 9 في تقرير 2016 إلى الترتيب رقم 11 في تقرير 2017 مؤشرا على تراجع عدد العمليات الإرهابية في 2017. ورغم أهمية هذا التقرير، فإنه من المهم ملاحظة أنه يصنف الدول بالنظر إلى مقياس مركب لتحديد مستوى تأثير الإرهاب عليها، من حيث عدد الضحايا وليس بالنظر إلى عدد العمليات الإرهابية. والنتيجة المترتبة على ذلك هو تقديم توصيات غير مفيدة لصناع القرار المعنيين بموضوع الإرهاب والتطرف.
3- التطور النوعي في العمليات الإرهابية التي وقعت في شمال سيناء وباقي محافظات الوادي، سواء من حيث تزايد اتجاه الإرهابيين لاختيار أهداف تُعرف في دراسات الإرهاب باسم "الأهداف الرخوة" soft targets التي تمتاز بطبيعتها المدنية وكثافة وجود المدنيين فيها، أومن حيث قدرة العناصر الإرهابية على بناء شبكات دعم لوجستي غير تقليدية، أومن حيث طبيعة العناصر التي نفذت تلك العمليات.
4- تعدد وتكرار أدوار المؤسسات الدينية في التعامل مع الفكر الديني المتطرف فما يُبذل من جهود في مواجهة التطرف الديني هي جهود متناثرة بين مؤسسات الدولة ولا توجد جهة تنسقها، وتعد كيفية مواجهة الأفكار المتطرفة دينيا على الإنترنت مثالًا جيدًا على ذلك، في حين أنه من المهم أن تتكامل الجهود بهدف تطوير رسائل تتلاءم مع طبيعة الفئة التي يتم استقطابها على الإنترنت من قبل العناصر الإرهابية.
5- أهمية الجهود الخاصة بتمكين المواطن من لعب دور مسئول في مكافحة الإرهاب والتطرف حيث يظل المواطن هو خط الدفاع الرئيسي في مواجهة الإرهاب والتطرف، وترتبط تلك الجهود المحدودة بالخطوط الساخنة التي توفرها وزارة الداخلية والقوات المسلحة للإبلاغ عن أنشطة يشتبه في تطورها إلى عمل إرهابي، وكذلك بالاستعانة بالأعين الراصدة المدنية خاصة في شمال سيناء. ولكن تفعيل دور المواطن يتخطى هذه المقاربة لتشمل عقد المؤسسات الأمنية جلسات توعية مع المواطنين على مستوى الأحياء والمربعات السكنية من أجل تعليمهم كيفية التعامل مع الحادث الإرهابي، سواء فيما يتعلق بالمشاركة في مساعدة المصابين خاصة في حال تأخر وصول سيارات الإسعاف، أو فيما يخص التعامل مع الموقف بعد وقوع العمل الإرهابي.
ولعل أهم جهود الدولة المصرية لمكافحة الإرهاب – كما رصدتها د. خلود صبري السواح المدرس بقسم الإعلام بآداب الزقازيق - في رسالتها للدكتوراة هو ما قامت به القوات المسلحة المصرية في العملية الشاملة "سيناء 2018"، وهي عملية تطهيرية يقوم بها الجيش المصري لمكافحة الإرهاب في سيناء وأهم ما يميزها أنها تعد العملية الأولى من نوعها في سيناء من حيث درجة التنسيق الشامل والمنظم والدقيق بين قوات الجيش وقوات الأمن، وشاركت فيها كل من القوات البرية والبحرية والجوية، وتمت بناء على جهود استخباراتية دقيقة وشاملة، وهو ما جعلها العملية الأضخم في تاريخ مواجهة التشكيلات الإرهابية، وهو ما مكن القوات المسلحة من النجاح في تدمير العديد من الأهداف الخاصة بالتنظيمات الإرهابية.
كما أن العملية "سيناء 2018" هي الأكثر شمولية في تاريخ العمليات العسكرية التي تم إطلاقها لمواجهة التنظيمات الإرهابية في سيناء. فبالإضافة إلى ما اتسمت به العملية من درجة عالية من التنسيق بين مختلف أجهزة الدولة، فإنها تضمنت مشاركة ضخمة لحجم القوات، بالإضافة إلى اتساع النطاق الجغرافي الذي شاركت في تغطيته مختلف أجهزة الدولة في تنسيق وتكامل أشادت به العديد من المواقع والصحف العالمية، والذي تضمن شمال ووسط سيناء، ومناطق بدلتا مصر والظهير الصحراوي غرب وأدى النيل، ولم تقتصر فقط على استهداف العناصر الإرهابية، وإنما تضمنت عملية تطهير شاملة للعناصر الإجرامية الأخرى. واستخدمت القوات المسلحة المصرية في العملية أنواعًا مختلفة من الأسلحة. وقد أثارت أنواع الأسلحة المستخدمة في العملية اهتمام العالم الذي حرص على رصد ومتابعة تفاصيل ما تم استخدامه من أسلحة.
ولا تزال حربُ الدولة المصرية على الإرهاب وأعوانه مستمرةً لا هوادةَ فيها.