الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كيف تهدم دولة؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كيف تهدم دولة؟ سؤال صعب لكنه سهل على من يصنعون العالم، والإجابة في تقرير للكاتبة الصحفية والباحثة في شئون كبرى بلدان الرأسمالية والمنظمات الدولية التابعة لها، نختصره في بضع كلمات على أمل أن يقرأه أولى الأمر.
إليكم كلاما قديما كتبته الدكتورة حنان البدرى ولم يلتفت إليه أحد:
تقول: لم أجد صعوبة في كتابة تقرير يرصد من واشنطن وعبر المحيط ما آلت إليه الأمور في مصر والخطر الداهم الذى ترصد أم الدنيا على مدى العقود الثلاثة الماضية كالصعوبة التى وجدتها في كتابة هذا التقرير من حيث كم المعلومات وتفاصيل هذا المخطط - والذى استدرجت مصر إليه وهذا ليس كلامى بل نتيجة لمحصلة كلام كل من تحدثت معهم من أكاديميين وخبراء أمريكيين منهم التقدمى ومنهم اليمينى ممن كان يطلعنى أو يؤكد لى المعلومة متباهيا بسياسات طوقتنا وحققت نصرا لبلده!
وأحيلكم هنا لاعترافات جون بيركنز وهو أحد من يطلق عليهم قناصة الاقتصاد والتى يشرح فيها كيف جند الأمن الأمريكى لاختراق دول بعيدا عن أى منصب حكومى لإسقاطها اقتصاديا وقد سجل اعترافاته تلك في كتاب تعرض للتحسين منعا لإحراج واشنطن حمل عنوان Confessions of an Economic Hit Man أي اعترافات قناص اقتصادى وفيها يشرح بالتفصيل عمله بوكالة الأمن القومى الأمريكى ومهمته في جرجرة الدول النامية نحو مصيدة الاعتماد على البنك الدولى، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID )، و"المعونة" والمنظمات الأخرى الأجنبية لضمان استمرار تدفق الثروات إلى خزائن الشركات الضخمة وجيوب عدد قليل من العائلات الثرية التى تسيطر على الموارد الطبيعية في العالم.
وقبل أن أضع أمامكم الصورة كاملة لوضع مصر الحالى أجد أنه من المهم أن نتذكر سويا تاريخنا أو تحديدا نفس تجربة الهدم التى تعرضت لها الدولة المصرية وذلك مباشرة قبل الاحتلال الإنجليزي حين تم سلسلت مصر بالديون ثم القروض ثم التفريط في قناة السويس قبل الانقضاض عليها تقريبا نفس السيناريو تاريخ درسناه بالمدارس لكن لا يبدو أننا استوعبناه !
هكذا كانت البداية والنهاية، البداية كانت بالطبع هى إضعاف مصر بضرب اقتصادها تدريجيا وهى الخطوة الأصعب والأطول زمنيا وأبرز محطاتها:
- تجريف مصر من مصادر دخلها القومى بحيث لا يصل هذا التجريف إلى مستوى الانهيار، المطلوب فقط ألا يوجد فائض يمكن هذا البلد من التقدم وذلك عن طريق:
- جرجرة مصر لطريق الاستدانة عن طريق إقناع القيادات السياسية والمالية بها بأنها كبلد نامى في حاجة لهذه القروض لتحقيق النمو الاقتصادى وبالتالى فعليه قبول هذه القروض من مؤسسات وبنوك عالمية مثل البنك الدولى وهيئة المعونة الأمريكية، ليتحول البلد وفى غضون سنوات قليلة إلى بلد مثقل بديون لا أمل من أن يتمكن من تسديدها وبالتالى يمكن التأكد تماما من انصياع القاهرة لأى أوامر من الخارج اقتصادية كانت أو سياسية.
- ثم استخدام الديون والمساعدات في إجبار مصر على القيام بخطوات أولها خصخصة القطاع العام مع البدء بقطاعات الصناعات الثقيلة وكانت في مقدمة قائمة المصانع والتى وضعت بعناية شركة المراجل البخارية المصرية وكان استهدافها لأغراض إستراتيجية وبطلب إسرائيلى لنسف أى طموحات مصرية في المجال النووى والصناعات التسليحية وصناعات أخرى مساعدة في مجالات البترول والحديد والصلب.
وكمثال فقط، كانت شركة المراجل البخارية بمنيل شيحة إحدى ركائز الصناعة الوطنية والأمن القومى المصرى التى أسست في يوليو ١٩٦٢ كأول قلاع مصر الصناعية لامتلاك تقنية تمكنها من تنفيذ برنامج نووى، ولكن جرى التخلص منها بالبيع لشركة عالمية تم الزج بها لتنفيذ ذلك المخطط لتشترى صرحا قيمته وقتها لا تقل عن ٣ مليارات جنيه بـ ٥٥ مليون جنيه!
- استمرار خطة حرمان مصر من حقها التاريخى في مياه النيل بشجب اتفاقيات تاريخية وتشجيع دول المصب بكل السبل بما فيها التحكم في الساسة المسئولين عن هذا الملف بهدف التحكم في شريان حياة المصريين ثم لاحقا بيع المياه بشروط.
- التحكم في سياسة مصر الزراعية لا سيما المتعلقة بالمحاصيل الإستراتيجية وعلى رأسها القطن وتحويل مصر لدولة مستوردة لمعظم المحاصيل وهى خطة تبدأ بإحلال زراعة محاصيل غير إستراتيجية كالفراولة والكنتلوب مع نشر تقاوى معالجة وراثيا وهى تستلزم اعتماد مصر على استيرادها وللأبد بشكل دائم والأخطر التأكد من اعتماد مصر الكامل على استيراد القمح.
- عرقلة أى خطط حقيقية لتطوير قطاع البترول المصرى وإهدار ثروة مصر من البترول والغاز سواء عن طريق بيعها بأثمان بخسة لمشاريع غير اقتصادية.
- وفى السياحة التأكد من استمرار سياحة الدرجة الثالثة فقط إلى مصر وتراجع موقع مصر التى تملك ثلثى آثار العالم سياحيا وفى الوقت نفسه تشجيع تمدد القوى الدينية في المجتمع والثقافة المصرية.
هذا بعض من تفاصيل كثيرة صادمة.
حنان البدري ألف تحية