الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

استقيموا يرحمكم الله

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نشطت فيروسات "التواكل" و"اللا مبالاة" و"الإهمال" في المجتمع بصورة مزعجة، حتى أصبح وجودها بالتوازى مع "كوفيد 19" عاملا مباشرا في توسيع دوائر الخطر وتفاقم المشكلة الصحية وتحميل البلاد والعباد فوق طاقتهم المنهكة أصلا بفعل مشكلات عديدة لم يكن ينقصها وباء جديد يضرب البشرية ويهدد وجودها.
الإهمال واللا مبالاة لا يختلفان كثيرا عن التواكل الذى يعرف وفق المفهوم العام بترك الأسباب والتقاعس أو التكاسل عن القيام بالأعمال ومتابعتها بحجة الاتكال على الله أو حتى على الآخرين في قضائها. 
هذا ما وصلنا إليه بالضبط في التعامل مع جائحة كورونا؛ تركنا العمل على الأمل في "ستر الله"، تماما كما في واقعة منتخب الشباب لكرة القدم، عندما اكتفى المدير الفنى ربيع ياسين بجمع اللاعبين وإجراء "رقية شرعية" لهم استعدادا للبطولة بعد وصولهم العاصمة تونس، بحسب تقرير لجنة التحقيق في أزمة تفشى فيروس كورونا بين لاعبى المنتخب الوطنى.
التواكل بدعوى "خليةا على الله" أدى إلى انسحاب الفريق بشكل رسمى من دور المجموعات، وبالتالى ضياع فرصة المنتخب الوطنيىفي التأهل إلى كأس الأمم الأفريقية.
أهمل المسئولون عن المنتخب، كمعظم المصريين، العقل والمنطق والعلم وتركوا حتى ما أوصانا به الله ورسوله، في مثل هذه الظروف، وساعدوا الفيروس القاتل على الانتشار والتكاثر والتمدد بين الناس. 
بالفعل أدانت لجنة التحقيقات بالاتحاد المصرى لكرة القدم، ربيع ياسين، في واقعة إصابة 17 لاعبا وعدد من الإداريين بمعسكر المنتخب الوطنى بفيروس كورونا، لكنها لم تدين اللاعبين والإداريين الذين تواكلوا وأهملوا وتجاهلوا حماية أنفسهم، وفق نفس لجنة التحقيق التى أكدت أن اللاعبين لم يرتدوا الكمامات كما كافة المشاركين من أعضاء المنتخبات الأخرى الموجودة في نفس الفندق.
إهمال جسيم تورط فيه مسئولو البعثة الرياضية الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء الالتزام بالإجراءات الاحترازية للوقاية من الفيروس، تلك الإجراءات التى يحفظها الصغير والكبير عن ظهر قلب ويرددها العالم في وسائل الإعلام المختلفة صباح مساء. المسئولية مشتركة يتحملها الجميع بداية من أصغر عضو بالبعثة ولا ندرى كيف وافق مسئولو اتحاد اللعبة على سفر البعثة، قبل البطولة بـ7 أيام كاملة دون وجود رئيس وإداريين يباشرون مهام فرض القواعد واتباع إجراءات السلامة الصحية للشباب والوقاية من الفيروس، ولا مانع أن تكون جنبا إلى جنب مع أذكار الصباح والمساء وتراتيل الرقية الشرعية التى اعتمد عليها المدير الفنى للتحصين ضد الأمراض.
إنه داء التواكل وحمى اللامبالاة وميكروب الإهمال الذى أصاب حياتنا، وسارت عدواه بين مختلف شرائح المجتمع المصرى لاسيما في ظل جائحة عالمية تهددنا جميعا.
ففى الوقت الذي يحاول البعض مجابهة الوباء بجدية وبكافة الطرق الطبية المتعارف عليها للحد من انتشار الفيروس القاتل، يهمل كثيرون مجرد ارتداء الكمامة داخل التجمعات والأماكن المزدحمة، بل وينساق آخرون وراء الشائعات ويرددون مزاعم التداوى بالأعشاب والتحصين ضد الفيروس بالطب البديل، ويهدر غيرهم فرص النجاة بالإهمال واللامبالاة والتواكل الذى وصل إلى حد التنطع وتعريض المجتمع بالكامل للخطر.
استقيموا يرحمكم الله، فالأمر لم يعد يحتمل هزلا على ظهر سفينة تتقاذفها الأمواج في موسم الأعاصير العاتية.