الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأفعى والطاووس والشجرة المحرمة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أغلب الظن وحسب ما نقش من أفاعٍ على الصخور واللقى الأثرية أن الأفعى عبدها الإنسان البدائي بوصفها المألوف، إما خوفاً منها على عادة الشعوب البدائية التي توجهت بالتقديس إلى الكائنات المخيفة اتقاءً لشرها، أو اعتقاداً أنها تتقمص أرواح الموتى، فهي حارسة تتقمصها روح الأجداد، تحرس الماء والمقدسات وتحمي الإنسان وأملاكه في الأرض. 
ويقال أن للأفعى حضوراً واضحاً في ثنائية الحياة والموت، طرد وجلب الشرور والمساعدة في العلاج من الأوبئة والأمراض أو ما يتعلق بطقوس الخصب والنسل، والأهم من ذلك، دورها الأسطوري في تشكّل المعتقدات الدينية، بحيث لا تكاد تخلو ديانة قديمة من دور مميّز وبارز للأفعى (الأنثى) أو الثعبان (الذكر). 
فلكل ثقافة ثعبانها في الأساطير، وغالباً ما ينظر إليه على أنه رمز للحكمة والطب والمعارف السرية والسحر والخلود والتجديد المستمر للحياة، أما الأفعى فهي رمز للإلهة الأم العظيمة والطاقة الكونية المؤنثة، تلك الإلهة المائية (نمو) التي التفت في صورة أفعى تسعى للخلود والتجدد والأبدية، حين شمّت شذا النبات السحري للبطل السومري (كلكامش)، وقد فرضت لنفسها حق امتلاك تلك المعجزة والسطو على باب الخلود بأكل نبتة الخلود، فصار جلدها يتجدد كل عام، ومن هذه الأسطورة نشأت عادة اتخاذ صورة الحية رمزاً للطب والحياة والشفاء.
وحسب الأسطورة الصينية، هناك سبب لترتيب الحيوانات الاثني عشر في دورة الأبراج الصينية ذات الاثنتي عشرة سنة، تقول القصة إن سباقاً عُقِد لعبور نهر عظيم، وترتيب الحيوانات في دورة الأبراج قد بُني على ترتيب إتمامهم السباق، في تلك القصة، استعاض الثعبان عن عدم كونه أفضل سباح بركوبه خلسة على حافر الحصان، وعندما اقترب الحصان من خط النهاية، قفز الثعبان فأخاف الحصان وبذلك سبقه إلى المركز السادس.
أما الطاووس فقد كان يعتبر رمزا من رموز التصوف وكان يزين حدائق روما القديمة و الكثير من لوحات المسيحيين بجماله الخلاب.
لكن الأسطورة تقول أن الأفعى المقدسة والطاووس البهي لن يدخلا الجنة، تقول الأسطورة أن شغل إبليس الشاغل كان أن يجعل آدم يعصى أمر ربه، بأن لا يقرب الشجرة هو وزوجه ولكن كان عليه أولا أن يلقى آدم حتى يغويه ويوسوس له أن يأكل من الشجرة، ولكن آدم يعيش بالجنة، إنما هو مطرود من رحمة الله وقد حرمت عليه الجنة بعد ما كانت مفاتيحها بيده يدخل ويخرج كيفما شاء.
لذا وقف إبليس على باب الجنة يترقب اللحظة المواتية ليدخلها، وطال انتظاره حتى خرج طاووس من طواويس الجنة وكأنه يستعرض نفسه ويباهى بجماله وكان سيد طيور الجنة، فانتهز إبليس الفرصة وأسرع إلى الطائر يتغزل فى جماله ويستميله ثم سأله :من أين جئت ؟ رد الطائر: من بساتين آدم.
قال إبليس : إن له عندى نصيحة فأريد أن تدخلنى معك إلى الجنة لأسرها إليه. 
فقال له : ولم لا تدخل بنفسك؟
قال إبليس : إنما أريد أن أدخل سرا لأن النصيحة تحمل الخلود وإن أدخلتني سأسرها إليك أيضا.
وتمضى الأسطورة فتذكر أن الطاووس قال: حسنا لكن لا سبيل إلى ذلك عن طريقي ولكنى سآتيك بمن يدخلك سرا، وذهب الطاووس إلى الحية –ولم يكن فى الجنة أحسن منها خلقا- وأخبرها قائلا : إن على باب الجنة ملكا من المكرمين ومعه نصيحة ستمنحنا الخلود، فأسرعت إليه الحية وظل إبليس ينفث لها السحر فى الحديث ويغريها بمعسول الكلام حتى استجابت له وفتحت له فاهها وانساب فيها ودخلت به الى الجنة وأخرجته عند الشجرة . 
وقف إبليس عند الشجرة واقتطف من ثمرها وقدمها إلى آدم وحواء وقال لهما: أنظرا إلى ثمار هذه الشجرة ما أطيب ريحها، وما ألذ طعمها، وما أحسن لونها هذه هى شجرة الخلد التى من ذاق ثمارها لا يفنى ولا يبلى ولا يخرج من تلك الجنة أبدا. 
تناول آدم وحواء الثمار وسرعان ما نزع عنهما لباسهما وظهرا عاريين فتواريا خجلا، ومن ذلك الحين اشتدت العداوة بين الإنسان وإبليس والإنسان والحية.
وقد قيل أن الشجرة والثعبان هما تصوير سبقي لآدم وحواء، فثمة عداء استحكم بين الحيّة وأولاد حواء من بعد الإغواء، حيث أمر الله بذلك، كعقوبة فرضها على آدم وحواء وذريتهما من بعد أكلهما من شجرة الجنة المحرمة وحرم عليها دخول الجنة.