السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فقراء العالم ولقاح "كورونا"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الفقراء دائما فى كل الدنيا فى آخر كل الاهتمامات، مهما كانت الظروف، حتى لو كان الأمر يتعلق بحياة البشر، وكل التجارب دائما تقول إن الفقراء هم فى المؤخرة، إذا كانت هناك مؤخرة أصلا، ويركبون آخر قطار، فى رحلة الحياة.
الزعيم جمال عبد الناصر رحمة الله عليه، قال ذات مرة في إحدى خطبه الجماهيرية "دائما نسمع أن الفقراء لهم الجنة، ولكن أليس من حقهم أن يكون لهم حق فى الدنيا" وسعى إلى تنفيذ مشروع وطنى يحقق للفقراء مكانة فى أوطانهم، واهتم بالبعد الاجتماعى، وأقام علاقات مع الدول الفقراء والشعوب المهضوم حقوقها، ولكنه قوبل بحرب ضروس من أغنياء العالم، لإفشال مشروعه، وبعد رحيله ماتت العديد من المشروعات وصفيت بعضها أو كل كلها محليا وإقليميا وعالميا.
وأثبتت أزمة "كورونا" أن الفقراء في العالم سيظلون فى آخر ذيل كافة الاهتمامات حتى لو كان الأمر متعلقا بصحة الإنسان، وما زال المال يلعب الدور الحاسم فى التفريق بين البشر، ووضع قوائم تفرقة واضحة بين فئات الناس، هذا غنى أو دول غنية، هى لها وناسها حق الحياة، بينما هذ فقير، أو دولة نامية فقيرة، سنتذكرها لاحقا.
القضية هنا عن لقاح الفيروس القاتل "كورونا"، التى تسابق الأغنياء على حجز كميات هائلة من جرعات اللقاح، وبكميات تفوق أعداد السكان، بينما فقراء العالم، يرفعون شعار لنا "الله"، وهذا صحيح الله فوق الجميع، لكن على الأرض الفقر والمرض ينهش الفقراء، وربما سيكون أكثر عرضة للنهش فى الأيام والسنوات المقبلة.
تشير التقديرات إلى أنه من المتوقع أن يرتفع معدل الفقر المدقع فى العالم فى لعام الحالى والقادم، للمرة الأولى خلال جيل كامل، ومن الممكن أن تدفع جائحة كورونا عددًا يصل إلى 150 مليون شخص إلى السقوط فى براثن الفقر المدقع بنهاية عام 2021، وذلك بحسب التعريف للفقر بأنه العيش على أقل من 1.90 دولار في اليوم للفرد.
وفى محاولة من جانب البنك الدولي لمغازلة الفقراء، أو إظهار "حالة رحمة"، أرى انها على الورق، قال فى تدوينه له " كانت مجموعة البنك الدولى واحدة من أولى المنظمات التي بدأت فى التفكير فى التطوير السريع للقاحات المضادة لفيروس كورونا ونشرها على نطاق واسع، وجمعت الشركاء الرئيسيين معًا لمناقشة إتاحة اللقاحات للبلدان النامية، لدى توافرها، على نحو عادل ومنصف".
ولكن ماذا حدث؟.. ها هو العالم الغنى يتصارح ويتسابق على حجز كميات اللقاح، وخرج، زعماء من العالم فى روسيا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا وبريطانيا، ليقولوا ردا على أسئلة الصحفيين "هل ستقدمون مساعدة للدول فى توفير لقاح كورونا؟"، فكان الرد "نحن أولا.. نكفة شعوبنا".. أولا طبعا هذه إلى ما لا نهاية.
لا أختلف في هذا فمن حق هؤلاء أن يحموا شعوبهم، ولكن هذه الدول وغيرها، تربح من وراء الدول النامية مليارات الدولارات، ببيع السلاح لها لتقاتل بعضها البعض، كما تبيع لها السموم، وتستخدمها لدفن نفاياتها، وتصدر لها من تبقى من سلع مستعملة، وغيرها، وعند الوباء الذى يأكل البشر كل البشر، لا تنظر إلى هذا الدول، وتعتبرها وباء، يجب الابتعاد عنه.
فى تقارير البنك الدولي وغيره من المؤسسات الدولية، يملأون الدنيا ضجيجا بحملات الوقاية من فيروس كورونا، وتمتلأ التقارير بأسماء الدول التى يرصدونها فيما تقدمه من مساعدات، ونسمع قدمنا فى غنيا واليمن والمناطق الففيرة فى الهند، وفى جورجيا، مساعدات وقوافل إعانة.
بل تقول تقاريهم قدمنا إلى 30 دولة بل 36، لا بل 50، بل 100 دولة، مساعدات، ونسمع عن مساعدات إلى كمبوديا وجواتيمالا وليسوتو وليبريا ومالى وجزر مارشال والمغرب والنيجر ونيجيريا وجمهورية الكونغو وسريلانكا، وغيرها.
إلا أن القضية تتوقف عند مساعدة الناس فى التعامل مع التأثيرات النفسية السلبية الناجمة عن الضغوطات مثل عمليات الإغلاق، والعزل الذاتى والحجر الصحى، والمخاوف من العدوى، وعدم كفاية المعلومات، وفقدان الوظائف والخسائر المالية، ووصمة العار والتمييز.
ولكن أين العلاج واللقاح لتأتى الإجابة فى تقارير مؤسسات الدول الغنية "هناك حاجة ماسة إلى تقوية الأنظمة الصحية التي تظهر نقص العاملين الصحيين المدربين تدريبًا كافيًا فى الدول النامية، فى ظل محدودية قدرات تخزين اللقاحات ونقلها اللازمة لتخزين اللقاحات والمحافظة على سلسلة تبريدها وصولًا إلى المناطق النائية، وهنا صعوبة في هذه البلدان لعدم كفاية المراكز الصحة المجهزة باللقاحات".
وقبل نقول "إذن موتوا يا فقراء وربنا كبير".. لنقرأ ونستمع لهذه النصيحة للعالم النامى والواردة فى تقرير للبنك الدولى "يجب أن تكون جهود التأهب والوقاية، والاستجابات لمواجهة الأزمة فى المستقبل عالمية وتعاونية، فليس بمقدور بلد بمفرده أن يسيطر بشكل كاف على حالة طارئة كتلك التى يمر بها العالم الآن، ناهيك عن أن يمنعها، ويتعين علينا أن نعمل معًا، للاستعداد لنشر اختبارات فيروس كورونا، وعلاجاته، ولقاحاته".
ويضيف "لا بد من عقد شراكات مع التحالف العالمى لتوفير اللقاحات والتحصين، وتحالف ابتكارات الاستعداد لمواجهة الأوبئة، والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، ومنظمة الصحة العالمية لضمان الحصول على لقاحات فيروس كورونا، خاصة لصالح البلدان الأشد فقرًا وهشاشة".
أعتقد أن الأهم أن تأخذ الدول الفقيرة بهذه النصيحة، وتخطوا خطوات للأمام ببناء تحالفات لضمان توفير الحماية لشعوبها من خلال توفير اللحقات، ولا تنتظر مد يد العون من عالم يحكمه الجشع، ونأخذ بتوصية التقارير الدولية، "لا بد من التحرك إلى الأمام لمساعد البلدان في تقوية الأنظمة الصحية".. ولكن يجب أن يتم بجهود ذاتية.. وبأموال دول تذهب إلى التسليح والإرهاب، والقتل والحروب، فحياة شعوبكم أغلى وأهم.