الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

في يومها العالمي يكفي اللغة العربية شرفًا أنّها لُغةُ القرآن الكريم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


تُعد اللغة العربية من أقدم اللغات وأكثرها انتشارًا واستخدامًا في العالم، إذ يتكلمها يوميًا ما يزيد على 400 مليون نسمة، وتحتلّ المركز السادس من حيث عدد المتكلِّمين بها، وهي اللغة الوحيدة التي دامت لأكثر من خمسة عشر قرنًا من الزمان، وتُعد من اللغات المعروفة باسم "اللغات السامية" فهي لها جذور متأصلة وثابتة وكانت الإدارة الرئيسية لنقل الثقافة العربية بين الأجيال عبر عصور طويلة، ويحتفل العالم باليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، وقد وقع الاختيار على هذا التاريخ بالتحديد للاحتفاء باللغة العربية لأنه اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973م قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة، ويكفيها شرفًا وفضلاً ارتباطها بالقرآن الكريم الذي نزل ويتلى بها إلى يوم القيامة، قال الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (يوسف: ٢)؛ فاللغة العربية محفوظة بحفظ القرآن؛ لأنّ الله جلّ جلاله اختارها من بين لُغات الأرض ليكون بها كلامه الخالد الذي أعجز به من كان ومن سيأتي إلى قيام السّاعة، ولا يكونُ هذا الإعجاز إلاّ لكون هذه اللّغة تحتمل ثقل الكلام الإلهيّ وقوّة الخطاب الربّاني، وقال الشاعر حافظ إبراهيم في فضل اللغة العربية:

 

وسعتُ كتاب الله لفظاً وغاية .. وما ضقتُ عن آي به وعظات

 

فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة .. وتنسيق أسماء لمخترعات

 

أرى لرجال الغرب عزّا ومنعة .. وكم عز أقوام بعز لغات

 

أيهجرني قومي ـ عفا الله عنهمُ ـ .. إلى لغة لم تتصل برواة

 

فجاءت كثوب ضم سبعين رقعة .. مشكلة الألوان مختلفات

 

نظرًا إلى هيمنة اللهجة العامية على قطاعات وشرائح واسعة ومجالات متعددة من حياتنا العامة، يعتقد الكثير أن اللغة العامية واللهجات المحلية هما أحد الأسباب الرئيسية لضعف اللغة العربية، وبالتالي يظهر للعامة أن هناك تعارض وتناقض بين اللغتين العربية والعامية، ويقول باحثو اللغة أن اللهجات بطبيعتها تميل الي التوالد والنمو كأي كائن حي وهو ما خلق فرقًا شاسعًا بين فصحي العربية ولهجاتها المتعددة، والحقيقة أنه لايوجد أي تناقض على الإطلاق؛ فاللغة العربية الفصحي هي اللغة المستخدمة في المجالات المنضبطة والتي لا تصلح العامية لها فهي لغة الفكر والعلم والثقافة، فتستخدم في المجالات الفكرية والمؤلفات العلمية والاكاديمية والصحفية والتقارير والنشرات الإعلامية، وذلك لضمان وصول المعني والدلالات بدقة؛ فحين يتسرب الخطاب العامي إلى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، يزداد الأمر خطورة؛ أما اللغة العامية واللهجات المحلية فهما لغة الحياة والتخاطب اليومي وإظهار المشاعر والأحاسيس وكل أشكال التعبير التلقائي؛ فاللغة الفصحى لا تصلح لهذه المجالات وستكون حائل للتواصل في أحسن الحالات ومجالاً للسخرية في أسوأها، وبذلك تتيح اللغة العربية الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره ومعتقداته، وقد أرسل فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر رسالة بمناسبة الإحتفال بهذا اليوم حيث قال: أحيي كل أبٍ عربي وأمٍّ عربية، وكل معلم ومتخصصٍ في علوم اللغة العربية، وأناشدهم جميعًا أن يحرسوا لغتهم العربية، وعلينا -نحن العرب- أن نشعرَ بالفخار والعزَّة بهذه اللغة التي اصطفاها الله لتحملَ رسالته الأخيرة إلى الناس جميعًا، ولتكون سيدة لغات العالم قاطبةً، واعلموا أنَّ قضية اللغة العربية بالنِّسبة للعرب والمسلمين هي قضية هويَّة وبقاء.

 

وأَخيراً أقول: لا يستطيع الإنسان أن يُقاوم جمال اللغة العربية، ومنطقها السليم، وسحرها الفريد؛ فهي تفوق سائر اللغات رونقاً، ويعجز اللسان عن وصف محاسنها.