الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حكيم الملاعب (3)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
.. وما زلنا في ملاعب كرة القدم نتحدث عن أساطيرها ونجومها داخلها وخارجها، وهذه المرة عن لاعب أسطورى آخر هو الطبيب البرازيلى «سقراط»، حكيم الملاعب وإن حاز اسمه قدرا ليس قليل من المعلم والفيلسوف اليونانى «سقراط الأول».
الدكـتـور والكــابتن سقراط طبيب الأطفال الشيوعى عاشق الحرية والديمقراطية وكرة القدم وهو مايسترو خط الوسط وعميد منتخب البرازيل في فترة الثمانينات.
يقول موقع أخبار كرة القدم: في علم الفلسفة يعتبر اسم سقراط رمزًا كبيرًا للعلماء ويعتبرونه المرجع الأول لهم، لكن في كرة القدم الأمر مختلف، فهنالك «سقراط» آخر ترعرع في البرازيل، تحديدًا في مدينة ساو باولو.
«سقراط» كرة القدم هو سقراط برازيليرو سامبايو دى سوزا فييرا دى أوليفيرا، ويعتبر لاعبا أسطوريا في موطنه البرازيل وغيرها من بلاد العالم.

لعب سقراط كرة القدم خلال الفترة من عام ١٩٧٤ حتى عام ٢٠٠٤.

وخاض سقراط في مسيرته على مستوى الأندية المحلية والدولية ٦٤٠ مباراة وسجل خلالها ٢٩٢ هدفا، بينما لعب لمنتخب البرازيل من عام ١٩٧٩ حتى عام ١٩٨٦ وشارك في ٦٠ لقاء وأحرز ٢٢ هدفا.

وتوج اللاعب البرازيلى مع الأندية التى لعب لها بالعديد من البطولات والألقاب.

وفى نفس الوقت حاز سقراط على العديد من الجوائز الفردية مثل أفضل لاعب جنوب أمريكى في عام ١٩٨٣ ودخل تشكيلة الفيفا لأفضل ١١ لاعبا في العالم عام ١٩٨٢، وتم وضع اسمه في قاعة المشاهير ببلاده وصنف ضمن أفضل ١٢٥ لاعبا على قيد الحياة في وقت سابق وأفضل ٦١ لاعبا في القرن العشرين.

كان سقراط مبهرا لكل أجيال كرة القدم وهنالك العديد من الأقاويل والإشادات التى تحدثت عنه، وأبرزها:

الأسطورة البرازيلية بيليه: «سقراط من أفضل ١٠٠ لاعب في تاريخ كرة القدم».

الإيطالى دينو زوف: «هو لاعب بطىء وسريع في وقت واحد، لا أعرف كيف ذلك !».

زيكو: «سقراط لاعب فريد من نوعه».

باولو روسى: «في زمننا كنا نعتبره من زمن آخر»

لم تقتصر حياة سقراط على كرة القدم فقط، فهو بالأصل طبيب أطفال، انتهى من دراسته الجامعية في سن ٢٤ عامًا وتوجه إلى كرة القدم ثم مارس المهنة بعد اعتزاله الكروى.

ولد سقراط في ١٩ فبراير عام ١٩٥٤، في منطقة بيليم في ولاية بارا، في البرازيل، أطلق عليه والده هذا الاسم لأنه كان متحمسًا جدًا للأدب وكان يقرأ جمهورية أفلاطون، في وقت ولادة ابنه.

ومنذ بدايته في عام ١٩٧٤ كان لاعب محترفا ومنفردا بطريقته، وبالرغم من أنه كان كثير الانشغال في دراسته ولا يستطيع إعطاء الكرة الكثير من وقته إلا أن مدربه في تلك الفترة كان حريصًا على وجوده في أغلب المباريات لقوته وقدرته في الملعب.

في عام ١٩٧٧، استأجر بوتافوجو المدرب خورخى فييرا، الذى وصل إلى النادى لإعطاء الرسالة: «اللاعب الذى لا يتدرب، لا يلعب». اعتقد سقراط أنه لن يلعب كرة القدم بعد الآن، لكن جورجى فييرا، أدرك موهبة سقراط، ومنحه معاملة مختلفة حتى ظهر في المنتخب البرازيلى لأول مرة في عام ١٩٧٩.

في بداية الثمانينيات تشكل حزب العمال الذى كان أحد قادته الرئيس البرازيلى السابق لولا دا سيلفا والصديق المقرب من سقراط، والذى أسس في تلك الفترة شعار كورينثيانز «صوت من أجل الانتخابات» بصحبة العديد من الناشطين السياسيين داخل الفريق الرياضى أو من مشجعيه، وكانت حركة مدنية أطلقوا عليها «صوت الآن».

أجبرت هذه الحركات والمطالبات المجلس العسكرى على إجراء استفتاء شعبى من أجل الرئاسة، وخلال تجمع حاشد في عام ١٩٨٤ اجتمع فيه ١.٥ مليون شخص خرج سقراط على الملأ وطالبهم بالتصويت، في تلك الأثناء انتشرت أخبار تتحدث عن انتقاله إلى إيطاليا من أجل اللعب مع فيورنتينا، خرج إلى الجمهور وهددهم إذا لم يصوتوا سيغادر البرازيل وإن استطاعوا تغيير النظام العسكرى سيبقى في ساو باولو.

لكن عملية انتقاله إلى فيورنتينا كان قد انتهيت حتى قبل تحدثه إلى الشعب البرازيلى. إلى أن رحلته في إيطاليا لم تدم طويلًا بسبب عدم تأقلمه مع أجواء الكرة الإيطالية، أو لأن إيطاليا لم تلائم شخصيته الرياضية الغريبة، بسبب إفراطه في التدخين وشرب الكحول الذى لا تتناسب مع الضوابط الصارمة هناك، ولم تناسب فلسفة سقراط في كرة القدم التى تعتمد على مصطلح اللعبة الجميلة، وعاد إلى موطنه ليلعب لدى أفقر وأصغر الفرق البرازيلية تعبيرا منه على مواقفه وقناعاته الثورية.

كان «سقراط» كاتب عمود في مجلة Carta Capital وصحيفة Agora São Paulo ومعلقًا رياضيًا لبرنامج TV Cultura›s TV Cultura.

كما سجل في عام ١٩٨٠ موسيقى LP من الموسيقى الريفية تدعى House of Caboclo، مع توزيع ٥٠.٠٠٠ نسخة.

في عام ١٩٨٢، شارك في تسجيلات LP Aquarela، من قبل المغنى Toquinho.، في عام ١٩٨٣، وكان سقراط منتج المسرحية «في قطعة عطر كاميليا» مع الممثلة ماريا إيزابيل دى ليزاندرا.

في عام ١٩٧٩، شارك مع زميله البرازيلى وصديقه زيكو في مشاركة خاصة في التيلنوفيلا البرازيلى فيخاو مارافيلها، من ريد جلوبو، حيث قام بالبطولة مع الممثلين إيفون كورى، جراندى أوتيلو وأولنى كازارى.

وفى عام ١٩٩٢، افتتح مركز سقراط للطب في ريبيراو بريتو، باستثمار قدره ٣٠٠٠٠٠ دولار، وهى عيادة طبية مصممة لمعالجة المحترفين من مختلف اللعبات الرياضية إلى جانب المرضى العاديين.
في عام ٢٠١١ ساءت صحة سقراط بسبب ادمانه على الكحول والسجائر ودخل العناية المركزة في مستشفى ألبرت أينشتاين، وعانى من نزيف في الجهاز الهضمى ومشكلات في الكبد. وفى الرابع من ديسمبر ٢٠١١ رفع البرازيل الأعلام السوداء حدادًا على وفاة الدكتور والسياسى والأسطورة الكروية البرازيلية عن عمر يناهز ٥٧.
قال الرئيس البرازيلى عنه في خطاب علنى: «لم ينصف الإعلام الرياضى العالمى سقراط لا لسبب إلا لكونه ماركسيا وانحيازه المطلق للفقراء وهموم الجماهير، ونحن البرازيليين نعلم علم اليقين أن لعب سقراط في الميدان وأخلاقه الثورية أكبر من كل لاعبى كرة القدم مجتمعين».
وانتهت حياة لاعب أسطورى برازيلى كاد أن يكون الأفضل في تاريخ كرة القدم.