الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

اليوم العالمي للفساد والمفسدين!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نحتفل كل عام في هذه الايام باليوم العالمي للفساد الذي يقضي علي ثمار التنمية في المجتمعات ويقضي ربما علي الاخضر واليابس فيها!
والفساد نعمل جميعا علي محاربته والقضاء عليه قدر الامكان واقتلاعه من جذوره ،مثلما تفعل دول العالم في محاربتها للفساد بالرغم انه يكلف موازنة الدولة الكثير من الاموال في سبيل القضاء عليه حيث تصل تكلفة محاربته الي 2.5 تريليون دولار سنويا علي مستوي العالم !
الفساد كما هو معروف ليس له وطن، ولكنه فى كل وطن وفى كل زمان، وكثير من أصحاب المناصب يقعون تحت إغراء استغلال مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية عن طريق الصفقات والرشاوي. بدأت الدولة مؤخراً في القبض علي ثلاثة حيتان من كبار رجال الأعمال المتهمين بدعم جماعة الاخوان الارهابية وهو ما يشير الي اتجاه الدولة لمحاربة فساد من نوع اخر!
ربما كان الكشف العلنى عن حالات الفساد هو الرادع الحقيقى له، بينما التغطية على الفساد هو بمثابة تشجيع على التمادى فيه دون خوف أو تردد وهو ما حدث مؤخرا فى العديد من قضايا الفساد المتهم فيها شخصيات رفيعة ومسؤلة، كما أن الإعلان عن الفساد من ناحية أخرى عبر وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعى يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن النظام بريء من هذا الفساد ورافضا له وغير متهاون معه، وهذا يزيد ثقة الناس فى الدولة!
ففى أمريكا هناك قانون لمكافأة الموظف الذى يبلغ عن مخالفة فى العقود الحكومية أو فى قضايا الفساد عامة، بل ويكفل النظام حماية الموظفين الشرفاء الذين أبلغوا عن زملائهم من البطش الذى يمكن أن يتعرضوا له..
فبعد نجاح ثورتى يناير ويونيو انفجرت ملفات الفساد تباعا، وكأنها كانت تنتظر هذا الحدث الشعبى الجلل لتفضح كبار مسئولى الدولة من الحزب الوطنى السابق وجماعة الإخوان الإرهابية، الذين احتموا خلف مناصبهم المرموقة واستغلوا وظائفهم فى التربح بدلا من خدمة المصريين، إلا أن منظمة الشفافية الدولية أكدت أن ثورات الربيع العربى لم تسفر عن عمل جاد لمكافحة الفساد.
وليس غريبا أن المواطنين أنفسهم وأصحاب المصالح يتعاملون وكأن الرشوة والعمولة حق مشروع لهم، والمواطنون ربما لهم العذر لأنهم فى مركز ضعف، فالمواطن الذى يريد الحصول على رخصة أو شهادة أو تصريح أو عقد أو صفقة كبيرة أو صغيرة ليس أمامه إلا الخضوع والاستسلام لفساد من بيده الأمر، وربما لم تستطع الدولة عبر سنوات وربما عقود حل هذه الأزمة المتجذرة فى المجتمع المصرى والمجتمعات الأخرى المتقدمة والمتخلفة على السواء..!
وأخطر ما يصيب مجتمعنا هو فساد الصفوة واختلال القيم عندهم واهتزاز ميزان العدل فى أيديهم، وهذا ما حذرنا منه الله عز وجل فى آياته: «وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها» صدق الله العظيم..
وعندما يصبح الفساد متوطنا فى مجتمع فإن بعض الموظفين بالدولة يخلقون إجراءات روتينية وأعباء إضافية وأسباب متجددة للتأخير والتعطيل من أجل الحصول على الرشوة من المواطنين لانجاز المهام المكلفين بها !
وبعض رجال الأعمال بما حصدوه من ثروات بهذا المنطق يملكون التأثير وتشكيل الحقيقة وفق أهوائهم! وهذا ما نراه فى حياتنا اليومية طوال الوقت. ورجال الأعمال الذين ينتمون إلى صفوة المجتمع والموجودين بالمحافظة يتقربون بشكل أو بآخر للمحافظ للحصول على أراض أو تراخيص أو مناقصات أو مزادات أو امتيازات لنشاطهم أو امتيازات شخصية بتصويرهم مع المحافظ من أجل أن يزدادوا قوة ونفوذا عن ذويهم وأصحاب المصالح الآخرين، وهذا يجعل مطالبة الحكومة بحملة لإعادة بناء الجهاز الإدارى للدولة ووضع نظام جديد لاختيار الموظفين وترقياتهم ونظام جديد لإعداد الكوادر السياسية والإدارية مطلب جماهيرى فى السنوات المقبلة. ولكن على أى حال يبقى الضمير هو خط الدفاع الأخير، ونتمنى ألا نترحم عليه الآن أو غداً!.