الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رؤية الخبراء للتناول الإعلامي لأزمة كورونا (4-4)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يوجد ثمة إجماع بين الخبراء على ضرورة وجود مؤسسة بالدولة تختص بإدارة الأزمات تعمل على التنسيق بين مختلف الأطراف المعنية ومتخذى القرار، وتضع سيناريوهات مختلفة للتعامل مع الأزمات، وتقوم باستحداث إستراتيجية عامة لإدارة الأزمات، بحيث يُراعى في هذه الإستراتيجية توضيح الدور الإعلامى المرغوب فيه قبل وأثناء الأزمة وبعدها، مع مراعاة وضع تفاصيل دقيقة توضح أساليب المعالجة الإعلامية للأزمات وفقًا لنوعها وإطارها الجغرافى ومدى خطورتها وتأثيرها على المواطنين؛ وهو ما يتطلب توضيح كيفية التنسيق بين وسائل الإعلام كافة، مع ضرورة وضع دور رئيس للوسائل الإلكترونية في هذه الإستراتيجية؛ نظرًا لما وصلت إليه من مكانة بين أفراد الجمهور وفئاته المتباينة. واستعرضت الدراسة المهمة التى أجرتها د. أسماء فؤاد حافظ المدرس بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية المقترحات والرؤى التفصيلية للخبراء لإدارة الأزمات المستقبلية إعلاميًا وفق ثلاثة محاور على النحو التالى:
ففيما يتعلق بالرؤى والمقترحات التى تختص بالوسائل الإعلامية والقائمين عليها، تمثلت المقترحات في التخطيط الجيد بوضع خطة واضحة المعالم تهدف لبناء جسر من الثقة بين وسائل الإعلام المصرية والجمهور من جهة، ووضع آليات مدروسة ومنظمة وواضحة المعالمة، بحيث تكون محددة مسبقًا للتعامل مع الأزمات والكوارث وإدارتها إعلاميًا باحترافية، والالتزام بالمسئولية المجتمعية من قبل القائمين على وسائل الإعلام والعاملين بها وبشكل خاص أثناء الأزمات، مع ضرورة التدريب المستمر للعاملين في المجال الإعلامى كافة لمعالجة الأزمات وتغطية تفاصيلها وما يرتبط بها من قضايا وإشكاليات بشكل مهنى.
ومن بين المقترحات كذلك التعامل مع الأزمات منذ بدايتها بشكل أوضح، وعدم الاستخفاف بها أيًا كانت طبيعتها ومدى خطورتها، واستخدام مختلف الاستراتيجيات الإقناعية بشكل مبسط لمخاطبة الجمهور قبل وأثناء الأزمة، والتنسيق بين الوسائل الإعلامية في حالة الأزمات، وهو ما يمكن تنفيذه بشكل مسبق استعدادًا لوقوع أية أزمات مستقبلية؛ لتفادى التناقض والتخبط في التغطيات والمعالجات الإعلامية، والاستفادة من التجارب الناجحة لبعض وسائل الإعلام الدولية، ودراسة أسباب وسبل النجاح، وكيفية معالجتها للأزمة ومدى تفاعلها مع الرأى العام.
علاوة على الأخذ في الاعتبار المكانة التى وصلت إليها وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يتطلب تطوير خطاب إعلامى موجه لجمهور هذه الوسائل يتسم بالفورية والاستمرارية، مع إمكانية الاستفادة من التجربة الاتصالية الناجحة لوزارة الصحة والسكان، سواء كان ذلك عبر التغطية الإعلامية المتميزة عبر صفحتها الرسمية على موقع فيس بوك، أو من خلال متحدثها الرسمى في مختلف وسائل الإعلام؛ فالكشف عن مؤهلات أعضاء فريق العمل الذى عكف على أن تكون وزارة الصحة في صدارة المشهد الإعلامى للمواطنين والتدريبات التى حصلوا عليها يمكن أن يساعد مؤسسات أخرى لتأهيل فرق مجهزة للأغراض المشابهة.
ومن المقترحات الأخرى إتاحة هامش للصحفيين للحصول على الأخبار والمعلومات بشكل فورى وبسهولة ويُسر ونشرها بشفافية ووضوح، وضرورة ربط الإدارة الإعلامية للأزمة بأهداف ونتائج محددة مسبقًا، وتقييمها أولًا بأول أثناء الأزمة؛ لتطوير بنيتها وطبيعتها إذا تتطلب الأمر ذلك، على أن يقوم بهذا التقييم أطراف عدة مثل الأجهزة الإعلامية المختصة من قبل الدولة، والمؤسسات الأكاديمية والمراكز البحثية المتخصصة، وبعض أعضاء منظمات المجتمع المدنى.
وفيما يتعلق بالرؤى والمقترحات حول طبيعة التغطية الإعلامية ومعالجة الأزمات، تمثلت المقترحات في الالتزام بالمعايير المهنية القائمة على الشفافية والموضوعية والتحقق من صدق ودقة الأخبار والصور ومقاطع الفيديو قبل نشرها، ولكن بشكل سريع يجعل الاعتماد الأساسى للمواطن على إعلامه الوطنى؛ بحثًا عن الخبر الصحيح والمعلومة المؤكدة وفى الوقت ذاته يمكنه معرفتها بشكل آنى وسريع، على أن يتم تحديثها أولًا بأول؛ وهو ما يساهم بشكل كبير في مكافحة الشائعات أو على الأقل عدم تداولها على نطاق واسع لتوافر الحقائق، والاستعانة بخبراء وعلماء متخصصين في شتى المجالات ذات الصلة بالأزمة، وعدم اعتماد أغلب وسائل الإعلام على المصادر ذاتها وتكرارها بشكل مبالغ فيه؛ وهو ما يتعين معه تدريب المعدين على اختيار المصادر الإعلامية المتخصصة والتنويع فيها.
علاوة على التوقف عن محاولة بعض الإعلاميين إبراز الصورة الإيجابية للجهود الحكومية بشكل مبالغ فيه أثناء الأزمات، وفتح الباب لعرض الآراء المتعددة من قبل المتخصصين حول هذا الأداء؛ لربما يساهم ذلك في تحسين هذه الجهود ويُسرع من حل الأزمة.
لقد آن الأوان للإعلام المصرى أن يقوم بدور مميز خاصة قبل وأثناء الأزمات، عبر التغطية الاستباقية والاتصال الوقائى، والتغطية الاستقصائية، واستخدام الفيديوجرافيك والرسوم المتحركة في التغطية، مع الاستعانة بالأفلام التسجيلية والوثائقية العلمية؛ لما تتيحه من شرح مميز لمضمون الرسالة الإعلامية؛ فاستخدام جميع الوسائط والإمكانات المرئية والمسموعة المتاحة بشكل إبداعى يمكنه أن يضمن تبسيط المعلومات وتوصيلها للجميع.
وفيما يتعلق بالرؤى والمقترحات الخاصة بالمضمون الإعلامى والجمهور المستهدف، تمثلت الرؤى في التعمق في دراسة الجمهور بشكل مسبق ومعرفة احتياجاته واستفساراته ومداخله الإقناعية حول شتى الموضوعات، بحيث تتم تغطية مختلف الجوانب من قبل غالبية الفئات الجماهيرية إعلاميًا في حال وقوع أزمة مستقبلية، وهو ما يمكن عبر الجهات الأكاديمية والمراكز البحثية المتخصصة، ومواكبة الأحداث باستمرار والتحديث الفورى للأخبار والمعلومات والبيانات والإحصاءات وموافاة الجمهور بها بشكل سريع وبكل جديد يرتبط بالأزمة؛ حتى لا يضطر للبحث عبر الوسائل العربية والأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي عما يفتقده في الإعلام المصرى، وأن يهدف المضمون الإعلامى لنقل رسائل إيجابية تعمل على دعم وتعزيز وعى المواطنين قبل وأثناء الأزمات، وتساهم في تعديل السلوكيات السلبية، وتجعل المواطنين يقدرون أهمية أدوارهم وضرورة القيام بها انطلاقًا من المشاركة في المسئولية المجتمعية حيال مواجهة الأزمة، دون الاكتفاء بقيام الدولة بدورها وانتظار تقييمه، فجميع الأطراف يجب أن تشارك في مواجهة الأزمات.