الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«نوبل» المسكين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أشعر بالشفقة على المهندس الكيميائي ألفريد نوبل الذي مات مطمئنا إلى أن ثروته التي خصصها لنشر السلام حول العالم عبر جوائز تحمل اسمه، يتقلدها اليوم إرهابيون ومرتكبو جرائم الحرب.

بحسب معظم كتاب السيرة الذاتية لصاحب الجائزة العالمية، فإن ألفريد نوبل قرأ نعيه بنفسه في صحيفة فرنسية عام 1888، عندما خلطت الصحيفة وقتها بينه وبين أخيه الذي مات في إحدي التجارب على تطوير صناعة الديناميت، ونشرت خبر وفاة ألفريد بطريق الخطأ مصحوبا باستنكار واسع لقيامه باختراع الديناميت ووصفته بلقب تاجر الموت الذي تفنن في صناعة المتفجرات.

لكن نوبل كان يعتبر نفسه داعيا للسلام، ويؤمن تماما أنه بهذا الاختراع قد أسعد البشرية وقدم لها خدمات جليلة، ثم عاد ليواجه نفسه بالحقيقة التي تؤكد أن الديناميت خرج من قطاع التعدين وتسهيل مهمة العمال بالمحاجر إلى ساحات الحروب الدامية، واكتشف بعد ذلك أن اختراعه هذا تسبب في الكثير من الدمار والخراب والقتل وإزهاق الأرواح، ما دفعه إلى كتابة وصيته والتبرع بثروته كاملة بعد وفاته لتمويل جائزة تقدم باسمه سنويًا على مستوى العالم لكل من حقق إنجازات ملموسة في علوم الفيزياء والكيمياء والطب والأدب؛ وكل من عمل على وقف الحروب وتحقيق السلام.
كانت أول "جائزة نوبل" من نصيب هنري دوناننت الذي شارك في تأسيس الصليب الأحمر عام 1901، ثم فازت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بثلاث جوائز للسلام، وتوالي منح الجائزة لعشرات الشخصيات من الذين خدموا البشرية، ومنظمات دولية أرست قواعد السلام بالفعل في الكثير من مناطق هذا العالم البائس طوال سنوات مضت من عمر الجائزة التي صارت الأشهر عالميا.
حادت الجائزة عن طريقها المرسوم منذ تدشينها قبل قرن من الزمان مرات معدودة، لكن أسوأ هذه المرات كانت عندما منحت لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الذى بدأ حربًا في حق المدنيين من إقليم التيجراي.
فصاحب نوبل للسلام استهدف محاصيل المدنيين الذين فروا من ديارهم في الإقليم بقنابل حارقة محرمة دوليا.
ولم يكتف "أحمد" بذلك وإنما واصل جرائمه ضد السكان وقام بقصف محطة التوليد الخاصة بسد "تيكيزي" في ذات الإقليم لقطع الكهرباء عن مناطق واسعة في شمالي البلاد، ومازال يواصل غروره تحت مزاعم شتي.
آبي أحمد الحائز على جائزة نوبل للسلام رفض إجراء الانتخابات في يوليو الماضي
‏وأعلن الحرب ضد إقليم التيجراي الذي تمسك بإجراء الاستحقاق الدستوري في موعده، كما رفض إجراء تحقيق عادل في تورط جنوده بقتل المغني والناشط الإثيوبي الشهير "هاشالو هونديسا" بعد إطلاق النار عليه بالعاصمة أديس أبابا، عقابا له على تبني قضايا شعبه والغناء من أجل الحرية وحقوق مجموعة أورومو العرقية التى ينحدر منها.
أشعل آبي أحمد الحرب في إقليم التيجراي وبدأ لهيبها يطال أقاليم إثيوبية أخري وامتدت نيرانها واتسعت إلى العاصمة الإريترية أسمرة، وقد تنتشر إلى المنطقة بالكامل بعد نزوح عشرات الآلاف إلى الأراضي السودانية.
لا يعلم ألفريد نوبل عن جرائم آبي أحمد شيئًا، أو لعله يراقب عالمنا من بعيد ويعرف ما يدور بين جنباته لكنه لا يستطيع استعادة الجائزة وشطب اسم رئيس الوزراء الإثيوبي من قوائمها.
مسكين نوبل فقد ذهبت أحلامه أدراج الرياح مع تدوين أسماء مثيرى الحرب أعداء السلام من بين الحاصلين على أمواله وجائزته المرموقة.