الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رؤية الخبراء للتناول الإعلامي لأزمة كورونا «2»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن قياس مدى نجاح وسائل الإعلام المصرية في تغطيتها لأزمة فيروس كورونا بما يتوافق مع كل مرحلة من مراحل تطورها في مصر عبر الآليات المتخذة إعلاميًا في هذا الصدد، وقد أوضحت الدراسة المهمة التى أجرتها د. أسماء فؤاد حافظ المدرس بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية غلبة الآليات السلبية على الإيجابية؛ وهو ما جعل أغلب الخبراء بعينة الدراسة يتفقون على اعتبار وسائل الإعلام أحد العوامل الرئيسة في إهمال المواطنين وتراخيهم في التعامل مع الأزمة، إذ أكد 48% من الخبراء أن الإعلام قام بالتهوين من الأزمة في بدايتها مما أثر سلبًا على توجهات المواطنين وجعلهم يشعرون بعدم خطورتها، ومن جانب آخر رأى 22.7% من الخبراء أن الإعلام قد اتخذ آلية الترهيب والتخويف بشكل مستمر للتعامل مع الأزمة في كل مراحلها، وأشار 20% منهم إلى قيامه بالتهوين من الأزمة في خضم تصاعدها مما أثر سلبًا على السلوكيات العامة للمواطنين، ورأى 14،7% أن الإعلام قد اعتمد على التهويل والمبالغة على مستوى المراحل كافة، بينما أكد خبيران متخصصان أكاديميًا في الإعلام أن الإعلام لم ينجح في التوافق مع أى مرحلة من مراحل الأزمة بتغطية تناسبها ولم يكن له دور مؤثر.
أما الآليات الإيجابية فهى أن 26،7% من الخبراء - باختلاف التخصصات والمهن – أشاروا إلى أن الإعلام المصرى قد لعب دورًا إيجابيًا مهمًا أثناء الأزمة مما ساهم في إدارتها بنجاح، كما أكد 18،7% من الخبراء أن الإعلام نجح في التوافق مع كل مرحلة تمر بها مصر من الأزمة، وكذلك أشار 18،7% من الخبراء إلى أن الإعلام قد أدى دوره في التمهيد لبدء الأزمة في مصر قبل حدوثها بشكلٍ جيد.
إن الإقناع في أدبيات الاتصال يرتبط ببناء الرسالة وأسلوب تقديمها، وعلى الرغم مما يُشار إليه دائمًا من تأثيرات لعناصر متعددة في عملية الاتصال، إلا أن الرسالة وخصائصها تظل هى المتغير الأساسى والحاسم في تحقيق هدف الإقناع في الحصول على استجابات إيجابية، ويُعتبر تخطيط الرسالة الإعلامية وبناؤها البداية الناجحة لزيادة التوقعات بنجاح أهداف العملية الإقناعية، وتؤكد نظريات الاتصال الإقناعى أن عمليات الإقناع تمر بثلاث مراحل تتمثل في: التوعية، التشريع، المراقبة والتتبع؛ ووفقًا لذلك يمكن القول إن الإعلام المصرى أدى دوره عبر المراحل الثلاثة للاتصال الإقناعى في التعامل مع هذه الأزمة، وهو ما أكده عديدٌ من الخبراء ضمن عينة الدراسة، فبالنسبة لمرحلة "التوعية" اتفق أغلب الخبراء أن الإعلام قام باستخدام آليات إقناع ناجحة ورسائل واضحة وموضوعية أثرت على وعى الناس بشكل إيجابي إلى حدٍ ما، والنسبة الأقل منهم أشاروا إلى نجاح الإعلام في التوعية بشكلٍ كبير، مقابل النسبة الأقل التى رأت أن الإعلام المصرى لم ينجح في ذلك.

أما مرحلة "التشريع" – والتى تعنى توضيح مخاطر الأزمة التى تستوجب اتخاذ اللازم من قبل المواطنين وعدم الاستهانة بالأمر وتذكيرهم بشكلٍ مستمر بها، فقد أوضحت الدراسة أن هناك إجماعا بين الخبراء على نجاح الإعلام المصرى في هذه المهمة سواء كان ذلك بشكلٍ جيد أو إلى حدٍ ما، بينما رأى القليل من الخبراء أنها لم تؤدِ دورها في هذه المرحلة على الإطلاق. بينما انقسم الخبراء حول رؤاهم لمدى نجاح الإعلام في أدائه لمرحلة "المراقبة والتتبع"؛ حيث رأى عدد كبير من الخبراء أن الإعلام المصرى قام بمتابعة مدى نجاح عملية الإقناع ورصد تأثيرها على سلوكيات المواطنين إلى حدٍ ما، في حين أكد عدد مقارب من الخبراء أنها لم تنجح في ذلك، ورأى العدد الأقل من الخبراء أن الإعلام المصرى قام بذلك بشكلٍ جيد وفعال.
وبالنسبة للأساليب الإقناعية التى ارتكزت عليها بنية الخطاب الإعلامى الخاص بالأزمة بوسائل الإعلام المصرية، أوضحت الدراسة أنه جاء في مقدمتها تقديم أدلة وشواهد بالتدهور الذى حدث ببعض الدول المتقدمة، وهو ما أكده 74،7% من خبراء الدراسة، ثم الضغط على استمالات التخويف لدى الجمهور، وهو ما تم الاعتماد عليه من وجهة نظر 61،3% من الخبراء كأحد الأساليب الإقناعية المستخدمة، يليه الاعتماد على تأثير تراكم التعرض وتكرار الأخبار والمعلومات بنسبة بلغت 48% من إجمالى الخبراء، بينما تم استخدام بعض الأساليب الإقناعية الأخرى بشكلٍ أقل كما أشار بعض الخبراء، ومنها على سبيل المثال: الاعتماد على رسائل واضحة وبسيطة كبراهين مقنعة لعقول المتلقين (26،7%)، ووضوح أهداف تناول الخبر أو المعلومة بدلًا من استنتاجها ضمنيًا (24%)، والرجوع إلى أمثلة ونماذج تاريخية لأحداثٍ مشابهة (13،3%)، وترتيب الحجج الإقناعية وتسلسلها بشكلٍ منطقى (12%).
وفى المقابل تبين أن 4% من الخبراء (ثلاثة من الأكاديميين الإعلاميين) أكدوا أنه لم يكن هناك خطاب ناجح من الأساس، وأشار أحدهم إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي استخدمت أساليب إقناعية أكثر فاعلية وجاذبية وتشويقًا من وسائل الإعلام التقليدية، فكانت الصفحة الرسمية لوزارة الصحة والسكان المصرية خير مثال على ذلك؛ حيث غردت خارج السرب وجمعت بين الوسائل الإقناعية وعناصر الجذب "كالصور ومقاطع الفيديو والاستعانة بمصادر متخصصة تشرح للمواطن البسيط المعلومات العلمية والطبية المعقدة، كما تم استخدام الخرائط التوضيحية والرسوم البيانية في عرض الأعداد والتفاصيل الخاصة بالأزمة" التى جعلتها من أنجح الوسائل التى يتابعها الجمهور حتى تخطى عدد متابعيها أثناء الأزمة 4 ملايين متابع.
وللحديث بقية الأسبوع القادم بإذن الله.