الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ظاهرة الخطف "المميتة"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ظاهرة سرقة أو قل خطف الهواتف المتحركة والحقائب من الظواهر المنتشرة في الشوارع، وكلنا نتذكر واقعة فتاة المعادي "مريم محمد 24 سنة" والتي لقيت حتفها في حادثة خطف حقيبتها اليدوية من عصابة بسيارة. 
ونذكر الناس بواقعة الموت حيث وجهت النيابة للجناة تهم قتل المجني عليها «مريم» عمدًا بحي المعادي يوم 13 أكتوبر حيث اندفع أحدهما تجاهها قائدًا سيارة بالطريق العام، ولما اقترب منها انتزع الآخر حقيبة من على ظهرها، حاولت المجني عليها التشبث بها، فصدماها بسيارة متوقفة بالطريق ودهساها أسفل عجلات السيارة التي يستقلانها، قاصدين من ذلك إزهاق روحها ليتمكنا من الفرار بالحقيبة، فأحدثا بها إصابات أودت بحياتها.
وبعدها بأيام كتبت زميلة عن حادث مشابه تعرضت له في مدينة 6 أكتوبر، عندما تعرض لها لص راكبا دراجة بخارية، وخطف حقيبتها وبها كل أوراقها الثبوتية من بطاقات وكارينهات وأكثر من فيزا مصرفية، وجهازي موبايل ومبلغ كبير من المال، وحدث نفس ما حدث لمريم محمد، حيث تمسكت بالحقيبة، فيما واصل اللص في جريمته، وتعرضت لإصابات بالغة، وأصر اللص على مواصلة جريمته، واختفي، وتم تحرير محضر بالواقعة في قسم شرطة بمقر الحادث، وما زال البحث جاريًا عن الجاني.
عشرات بل قل مئات الحوادث المشابهة تشهدها البلاد وفي جميع المحافظات يوميا، وسجلات أقسام الشرطة شاهد على المحاضر التي يسجلها مجني عليهم من كل الأعمار، ضد جناة في الأغلب مجهولين، إلا في حالة الكوارث مثل وفاة المجني عليهم، كما حدث في حالة "فتاة المعادي"، التي هزت السوشيال ميديا فتحركت الدنيا وتم الوصول إلى الجناة، في باقي الحوادث تظل الأمور عند حدود تحرير المحاضر، وعلى المجني عليهم أن يخوضوا معركة طويلة بين الأقسام والنيابات، وينتظرون طابورا لا ينتهي من المجني عليهم الآخرين، إلى أن يتم تحريك الأوراق، ويكون في الغالب الجناة في مأمن وتخلصوا من جسم الجريمة إما بالبيع أو خلافه.
وشخصيًا حررت خمسة محاضر ضد عمليات سرقة وخطف موبايلات في الشوارع العامة، في القاهرة والإسكندرية على مدي عامين، في عمليات خطف من لصوص على دراجات بخارية، أحدها أثناء قيادتي للسيارة، وآخر وأنا أقف مع زميل صحفي في عملية مسجلة بالصورة، وأخرى في مواصلات عامة بأحد شوارع القاهرة، وغيره في قلب أحد ميادين عروس البحر المتوسط.
وتحركت في كل الاتجاهات مع كل عملية خطف، واستخدمت علاقاتي في مختلف الأجهزة، الرسمية، وتوسط زملاء وأصدقاء وأقارب في البحث، لكي أستعيد أي شيء، وبالتعبير الشعبي المصري "دخت السبع دوخات" بين أقسام الشرطة، والنيابات في الجيزة ومدينة 6 أكتوبر والإسكندرية، ومن كثرة ترددي على النيابة تخيل الموظفين أنني زميلهم لأنني أدوام معهم يوميا.
قدمت العديد من الالتماسات لمتابعة وتتبع الهواتف المخطوفة، أو المفقودة، من خلال شركات الاتصالات، ومباحث الاتصالات، وحفظت الطريق إلى النيابات العامة والجزئية والكلية أملا في الوصول لشيء، وفي كل مرة أجد طوابير مثلي يبحثون عن المجهول، وتقريبا تتكرر نفس الشكوى، لا أمل في شيء، ولكنني قررت أن أواصل البحث، وفي إحدى القضايا وصلنا لمن يستخدم أحد الموبايلات، وأخذت على عاتقي أن أتواصل معه، وطبعا اتضح أن من تمتلك الموبايل هي ثالث من مستخدم له، وفشلت في استعادة الموبايل، ولم أر أي تحرك من تلك الأجهزة المعنية.
وفي نهاية المطاف حول القاضي الأمر للمحاكمة، وبعد شهور صدر حكم بالحبس شهرًا، مع غرامة مالية، وتم تحويل الأمر برمته إلى هيئة تنفيذ الأحكام، وفشلت أيضا كل محاولاتي في استعادة الهاتف، وأصبح اللص الأصلي في مأمن، لتدخل أطراف جديدة، بينما من المؤكد أن اللص يواصل "لعبته"، في خطف أو سرقة الموبايلات والحقائب، لحين أن تقع جريمة يموت فيها ضحية، فيكون التحرك على أشده.
ويبدو أنني أخطأت الطريق ولم أسمع نصيحة زملاء، فهناك متخصصون يتفقون مع الضحايا ممن يتم خطف حقائبهم وموبايلاتهم، وما شابه ذلك، لاستعادة مسروقاتهم، مقابل مادي معين، وروي لي البعض عمليات ناجحة في هذا!!
في آخر سرقة موبايل كنت أحرر محضرا في أحد أقسام الشرطة، سألني الموظف الأمني، حول كيفية فقد الموبايل، فسردت له القصة، وقلت له هذا الموبايل هو الخامس، فما كانت نصيحته "لا تستخدم موبايل مرة أخرى"، فقلت له بل الأفضل أن يتم تنظيف البلد من هؤلاء اللصوص، لأنهم وباء.
ويبقى السؤال الأهم من المسئول عن ظاهرة الخطف "المميتة" وكيف نواجهها بأمن جنائي على الأرض، يحمي الناس، فهل من مجيب؟!