السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأهل الحاضرون الغائبون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصبحنا هذه الأيام نفرح بل ونفتخر عندما نقدم لأبنائنا هدايا قيمة مثل أحدث أجهزة الجوال أو الأجهزة اللوحية أو الكمبيوتر ، دون أن ندرك مدى خطورة هذه الأجهزة في أيدي الصغار والمراهقين عندما لا تكون هناك رقابة ومتابعة من الأهل على كيفية استخدامهم لهذه الأجهزة.
علي سبيل المقارنة، لا يمكن أن يجرؤ الأهل على إخراج أولادهم إلى مكان عام كالسوق مثلا وتركهم يسرحون بعيدا دون مراقبة، إذ أنهم يدركون تماما أن الأولاد سيكونون عرضة لكافة أنواع الأخطار الممكنة وربما الضياع. لذلك يحرصون على مرافقتهم في الأماكن العامة وإبقائهم تحت نظرهم ليطمئنوا إلى أين يذهبون ومع من يتحدثون ومن يخالطون. ولكن نفس الأهل يفعلون العكس تماما عندما يضعوا بين أيدي أبنائهم تلك الأجهزة التي تفتح لهم كل أبواب التواصل والتحدث إلى أيا كان، ليس فقط في منطقة معينة بل في العالم أجمع. وكما السوق يمكن أن يكون مليئا بأشخاص مريضون نفسيا أو منحرفون يسعون لإيقاع الأذى بالأبرياء فإن نفس الخطر بل وبحجم أكبر موجود على شبكات التواصل الإجتماعي. ولا يدرك الأهل أن أطفالهم يمكن أن يتواصلوا مع غرباء يستدرجونهم في أحاديث لبناء علاقة من نوع ما معهم لأغراض سيئة ، مثل غسيل الدماغ وقد تصل إلى التحريض على الهروب من المنزل فيقعون في أخطار لا تحمد عقباها. 
ولا يقتصر الخطر على مواقع التواصل الإجتماعي بل يمتد إلى المحتوى المرئي على الأنترنت مثل الأفلام والمسلسلات ومقاطع الفيديو المختلفة التي يمكن أن تكون سلاح ذو حدين إذ يمكن أن تكون مفيدة فعلا ومثقفة لمن يشاهدها ، وأيضا ، هناك الكثير منها ماهو هادف لأغراض سيئة تستهدف العقل اللاواعي لدى الصغار والمراهقين ، ويكون لذلك آثار مدمرة على المدى البعيد ، خصوصا أنهم في هذه السنوات الحرجة من أعمارهم حيث تبدأ شخصياتهم في التشكل وتترسخ طباعهم في نفسياتهم.
إن تقصير الأهل في الإطلاع على كيفية إستخدام أبنائهم لتلك الأجهزة ونوعية المحتوى الذي يشاهدونه، والتعرف على الأشخاص الذين يتواصلون معهم عبر المواقع المختلفة، هو أكبر خطر يهدد مستقبل أبنائنا ومجتمعاتنا. إذ أنه في الوقت الذي أصبح فيه من المستحيل تقريبا منع أبنائنا من التعامل مع هذه الأجهزة الحديثة ، فقد أصبح لزاما على الأهل فرض الرقابة وتقديم النصح والتوجيه والإرشاد لأبنائهم حول نوعية مايشاهدون ومع من يتحدثون.
وفي الوقت الذي يجب فيه على الأهل أن يفرضوا حد أدنى من الرقابة والمتابعة لأبنائهم ، إلا أنه يجب أن لا تكون هذه الرقابة بشكل تخويفي لهم كالتهديد والتنفير ، بل يجب أن تكون الرقابة بطريقة مناقشة مايطلعون عليه وشرح الجيد والسيء منه وبناء وعي ذاتي لدى الأبناء يساعدهم على تمييز الخطأ من الصواب والمفيد من الضار.