الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

جائحة كورونا.. صناعة الدفع الإلكتروني باتت ضرورة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في إطار التداعيات السلبية لجائحة كورونا، وخاصةً الآثار الاقتصادية السلبية، والتي لربما طالت كل قطاعات المجتمع، بل وتأثرت بها بشدة ليس فقط في مصر، وإنما على مستوى العالم، ووفقا للمثل القائل: رُبَّ ضارةٍ نافعة، فإن جائحة كورونا، وإن كان قد صاحبها العديد والكثير من الآثار السلبية الاقتصادية، فقد كانت هناك فئات قد حققت مكاسب كبيرة قوية من خضم هذه الأزمة، وهى شركات الدفع الإلكترونى، والتى ساهم القدَر والظروف الطارئة؛ وهى جائحة كورونا، والتى كانت سببا قويا في تغيير نمط الحياة للمواطنين اجتماعيا واقتصاديا وفى أنماط استهلاك هؤلاء المواطنين.
وفى ظل حرص الدولة على اتباع كل الإجراءات الاحترازية لمواجهة جائحة كورونا ظهرت الحاجة وبشكل عاجل وضرورى لإتمام كل المعاملات المالية في كل مناحي الحياة لنظم الدفع الإلكترونى، بل وساهم أيضًا في نجاح نظم وآليات الدفع الإلكترونى بخلاف جائحة كورونا، هو الرغبة الحقيقية من قبل الدولة المصرية للتوجه نحو تطبيق التحول الرقمى والشمول المالى، وهو ما يعتبر سببًا قويا بأن نقول: إن صناعة الدفع الإلكترونى والتكنولوجيا المالية أصبحت ضرورة رئيسية لا محالة الآن في مصر.
ومع انتشار جائحة كورونا اضطرت معظم الشركات إلى تبني سياسات العمل عن بُعد، والتوجه صوب تفعيل أنظمة التكنولوجيا المالية باعتبارها أفضل وسيلة لضمان استمرارية الأعمال، وهو ما كان سببا رئيسيا نحو إقبال الكثير من أصحاب الأعمال والشركات على سبيل المثال، وكذلك المواطنين نحو استخدام شبكة الإنترنت لأداء وإجراء كل معاملتهم المالية اليومية لشراء السلع الغذائية والبضائع الاستهلاكية عن بُعد، وذلك لتجنب الاختلاط مع الآخرين والحد من نشر الفيروس.
وكان ذلك سببا رئيسيا نحو زيادة عدد الوظائف التى أُعلن عنها في قطاع التجارة الإلكترونية بنسبة 18% خلال الفترة من نوفمبر 2019 حتى فبراير 2020، ولعل تطور ذلك الأمر كان سببا رئيسيا بأن تقول الدولة بزيادة جهودها لرفع كفاءة هذه المنظومة المتطورة على النحو الذى يُسهم في التحول التدريجى إلى مصر الرقمية، والاقتصاد غير النقدي وتعزيز الشمول المالى، بما يتسق مع ما توفره الدولة من خدمات مميكنة تضمن تيسير حصول المواطنين على احتياجاتهم دون تحميلهم أي أعباء إضافية، كما أن المتحصلات الحكومية الإلكترونية شهدت زيادة بنسبة 223% بنهاية يوليو 2020 مقارنة بذات الشهر من 2019، كما أنه تم إنجاز 10 مراحل لتفعيل منظومة الدفع والتحصيل الإلكترونى بدءًا من مايو 2019 تم خلالها نشر نحو 17 ألف ماكينة تحصيل إلكترونى «GPOS» بالجهات الإدارية وقد كانت القاهرة الأكثر نشرًا لهذه الماكينات مع مراعاة التوزيع الجغرافى.
كما أنه تجب الإشادة بدور البنك المركزى المصرى في هذا الأمر، وما تم القيام به من جهود مصرفية نحو الارتقاء بمنظومة الدفع الإلكترونى وإنجاحها في مصر، حيث إنَّ قانون البنوك الجديد أخذ في الاعتبار كل الجوانب المتعلقة بالصناعة المصرفية، وهو ما ظهر جليًا في إدراج باب كامل عن البنوك الرقمية التى تعد أحد أهم الموضوعات العالمية المرتبطة بالقطاع خلال الفترة الراهنة، وذلك بما يتماشى مع خطط البنك المركزى الرامية إلى تعزيز فكر الشمول المالى، وتطبيق أحدث نظم التكنولوجيا المالية في مجال الخدمات المصرفية.
كما سمح البنك المركزى للبنوك بتملك أسهم شركات الدفع الإلكترونى بالكامل دون الاحتفاظ برءوس أموال إضافية، ووفقًا لقانون البنوك الجديد، فإنَّ البيئة التنظيمة للدفع الإلكترونى اختلفت بشكل كامل، وتم توسيع إشراف البنك المركزى المصرى لتنظيم مختلف الجهات الفاعلة في مجال المدفوعات الرقمية وفرض واجبات الترخيص المباشر عليهم، وفى إطار قيام البنك المركزى بدعم وتشجيع صناعه الدفع الإلكترونى.
ودشن البنك المركزى نظام المدفوعات اللحظية الخاص بالمدفوعات بين البنوك، وأنشأ محولًا قوميًا وغرفة مقاصة إلكترونية لمدفوعات التجزئة، وميكنة الرواتب الحكومية والمعاشات والرواتب، وتطوير إجراءات الترخيص والرقابة على نظم الدفع، كما توسع البنك في تحديث القوانين والتشريعات، وتدشين شركة قابضة للتكنولوجيا المالية، وإدارة خاصة بها، وإضافة فصل كامل للمدفوعات الرقمية بقانون البنوك الجديد، وتدشين حاضنة أعمال للمبتكرين، والمختبر التنظيمى للتطبيقات المبتكرة، كما قام البنك المركزى المصرى بدعم التحول نحو إنشاء البنوك الرقميه والتى تقدم خدمات مصرفية عبر القنوات والمنصات الرقمية باستخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة، وتخضع البنوك الرقمية لمتطلبات إنشاء البنوك الفعلية، باستثناء الحد الأدنى لرأس المال القانونى الذى يمكن التنازل عنه من قبل مجلس إدارة البنك المركزى المصرى.
كما أن إطلاق البنك المركزى مبادرة للتشجيع على استخدام السداد الإلكترونى والتى أطلقت تحت عنوان باى باى نقدية... دا زمن الإلكترونيه عكست مقدار الاهتمام والحرص من قبل المركزى المصرى نحو إنجاح تلك الصناعة المصرفية الوليدة، والتى باتت ضرورة مهمة في ظل التحول السريع لبيئة الأعمال المصرفية وتوجه الدولة الواضح نحو تطبيق التحول الرقمى والشمول المالى ولتنشيط السداد الإلكترونى للمدفوعات، وتقليل الاعتماد على النقود الكاش وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية التى تتخذها مصر لمواجهة فيروس كورونا، بهدف تعظيم مساهمة القطاع المصرفى بشكل فعال في خطة الدولة للتعامل مع التداعيات المحتملة للفيروس.
وفى نطاق آخر فيما يتعلق بأهمية دعم صناعة الدفع الإلكترونى هو ما تقدمه من مساعدة للحكومات والدول في مواجهة ومكافحة العديد من الجرائم المالية وعلى رأسها مكافحة جرائم غسل الأموال ومكافحة كل الجرائم المالية المشبوهة الأخرى والفساد وتمويل الإرهاب وأحكام السيطرة على كل التعاملات المالية للأفراد من خلال إدخالها تحت مظلة الدولة من خلال التحول نحو منظومة الدفع الإلكترونى لكل التعاملات الماليه التى تتم داخل الاقتصاد المصرى، وعلى سبيل المثال لا الحصر.
ومن ضمن المكاسب المحققة وفقا لبعض الدراسات التى تمت وذكرت أنه في سياق توجه الحكومة المصرية خلال العشر سنوات المقبلة بتحويل القاهرة إلى مدينة رقمية تعتمد نظم الدفع الإلكترونى والتكنولوجيا المالية، بأن الأفراد بها سيقومون بتوفير ما يقرب من نحو 27 مليار دولار من الكاش، كما أن الشركات العاملة داخل النظام الاقتصادى المصرى ستوفر أيضا ما يقرب من نحو 300 مليار دولار من خلال اعتمادها على أنظمة الدفع الإلكترونى والتكنولوجيا المالية خلال العشر سنوات المقبلة.