الخميس 06 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

خطورة عقلية أن كل شيئ على ما يُرام!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من أكبر الأخطاء أن يُهوِّن البعض من إمكانيات الإرهابيين ويُروِّج إلى أن القضاء عليهم بات محسوماً وقريباً، بزعم أنهم صاروا فى جحور مظلمة بعد أن لفظهم الشعب وبعد أن أفلح الأمن فى حصارهم!
وبذات القدر فإنه من الخطأ الجسيم أن يُضَخِّم آخرون من قدرات أجهزة الأمن التى شاءت لها الأقدار فى هذه اللحظة من تاريخ البلاد، أن يُناط بها مسئولية كبيرة غير مسبوقة فى مواجهة هذه الجماعات الإرهابية التى تصادف لها أيضاً، فى ذات الوقت، أن تحظى بتأييد من قوى دولية عظمى، تشد من أزرهم وتضفى شرعية على جرائمهم وتكبل السلطات من مواجهتهم بالحزم المطلوب، كما توافرت للإرهابيين، أيضاً فى استثناء تاريخى، أن تراكمت لديهم الأموال الهائلة، وتجمعت فى مخازنهم الأسلحة بما لم يحدث فى التاريخ لأية جماعة إرهابية أخرى!
لاحظ أن لديهم قوة نيران لإسقاط الطائرات المقاتلة، وذخيرة تهدم منشآت الشرطة والجيش المشيدة لأن تصمد أمام عدو مدجج بالسلاح الثقيل!
الاعتراف واجب بنجاح الإرهابيين مؤخراً فى بعض مخططاتهم التخريبية فى عدد من العمليات الكبيرة أوقعوا فيها شهداء وجرحى ودمّروا فيها بنايات حتى من المخصصة للأمن ذاته، بل إن بعضها مقرات لمكاتب عدد من قيادات أجهزة الأمن، كما نجحوا أيضاً فى الاعتداء على ضباط وجنود فى كمائن على الطرق الرئيسية، وكان الغرض الكبير توصيل رسالة بقدراتهم على اختراق الاحتياطات الحمائية المضروبة على أكثر الأهداف التى يوليها الأمن اهتمامه ويرصد لها أحدث المعدات لديه وأفضل الكوادر تدريباً!
وهم يظنون أن هذا من تجليات قوتهم الخارقة، وأنه يهزّ ثقة رجال الأمن فى أنفسهم، ويؤكد للشعب أن يدهم قادرة على ان تطول أياً مِمَن يفكر فى مقاومتهم، وأياً مِمَن يمد يد المساعدة للأمن فى السعى للتوصل إليهم والإمساك بهم.
كما أن الاعتراف مفيد أيضاً، لأنه إذا لم يُقَرّ بان هنالك قصوراً أو ضعفاً أو خللاً أو عطباً ما، فلا أمل فى الإصلاح!
ولقد بات واضحاً، حتى لبسطاء الناس، أن هنالك فجوة بين قدرات الإرهابيين وبين أجهزة ومعدات قوات الأمن! وكان التساؤل الذى فرض نفسه، خاصة فى واقعة الاعتداء على مديرية أمن القاهرة، أن الكاميرات التى سجلت الجريمة لم تكن من معدات المديرية وإنما كانت تابعة للمتحف الإسلامى المواجِه على الرصيف الآخر! فكيف ولماذا لا تتوافر هذه الكاميرات على المديرية وعلى غيرها من المديريات وكل منشآت الشرطة والجيش، بل وكل المنشآت المهمة فى البلاد؟
(لاحِظ، فى جملة إعتراضية، الخداع الذى سعى إليه أول بيان من الجماعة الإرهابية بعد الاعتداء على مديرية أمن القاهرة، بأنهم يحتسبون أخاهم الذى فجَّر السيارة شهيداً! ثم أثبت الشريط المُسَجَّل أن المجرم نجح فى الإفلات فى سيارة أخرى مشارِكة فى خطة العملية الإرهابية! أى أنه لولا الكاميرا لوقع الأمن فى فخ تشتيت جهده فى البحث عن أشلاء الجثة المزعومة غير الموجودة أصلاً!)
الوضع حرج وشديد الصعوبة والتعقيد، ويلزم معه أعلى درجة من الشفافية والمكاشفة للرأى العام، بأكثر مما كان فى كل المراحل السابقة! وهذه حقائق من الوضوح الذى يضع من ينكرها فى موقف صعب! فلا يجوز أن تصدر بعد كل جريمة إرهابية تصريحات من معلَّبات العصور الغابرة، تنفى أى خطأ عن أجهزة الأمن وتؤكد على أن نجاح الإرهاب هذه المرة كان نتيجة عدة مصادفات قلّ أن تجتمع، وأنه لا يمكن أن يتكرر هذا مستقبلاً! ليفيق الناس بعد أيام، أو أسابيع، على حادثة أخرى قد تكون أسوأ من سابقاتها، ليعقبها نفس الإعلان من علبة التصريحات المحفوظة!
إن كل إدعاء بأن الحال على أفضل ما يُرام، يُبقى الخلل على ما هو عليه لصالح الإرهابيين، لأنه يجُبّ إمكانية إعادة النظر فى تطوير الأوضاع المتراجعة، كما أنه يبدد فرصة أن يشترك الرأى العام فى مسئولية استكمال الأمن لقوته الكافية للتصدى للعدو الجديد القادر على إيقاع الإيذاء بشكل رهيب!
من الضرورى أن يعلن المسئولون عن الميزانية الكافية الضرورية لتمكينهم من القيام بالمهام المستجدة التى صار العدو فيها على أعلى درجة من التسليح، بما يتطلب، على الأٌقل، أن يُتاح لأجهزة الأمن المعدات الحديثة القادرة على اكتشاف الأسلحة المخبأة، أو التى فى سبيلها لاقتراف الجريمة، ومن هذه المعدات الحديثة السيارات التى تجوب الشوارع ولا تختلف فى شكلها عن السيارات المدنية، ولكنها قادرة على التقاط وجود الأسلحة والذخيرة فى نطاق حركتها، بما يُمَكِّن الأمن من إحباط كثير من العمليات الإرهابية وهى فى مهدها، وقبل أن يدخل التصدى لها فى حيز الخطر.
ويجب أن يُعاد النظر، بلا حساسية، فى مسألة كفاءة عنصر الأمن الذى بدا دون المستوى بشكل مقلق فى جريمة العدوان عل مديرية أمن القاهرة، وهى قضية معقدة لأنها تحتاج إلى ميزانيات ضخمة تستطيع بها أجهزة الأمن رفع المرتبات لتكون حافزاً لجذب ذوى المهارات، كما أنها ستأخذ زمناً طويلاً.
وهو ما ينبغى أن يُولَىَ إهتمامٌ كبيرٌ لأن أمن البلاد أولوية تستحق أن تُرصَد لها البنود الكافية، كما أنها مهمة ممتدة يلزم لها التخطيط الاستراتيجى الممتد.

ahmadtawwab@gmail.com