الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الوحدة الوطنية والرباط المقدس.. كتاب يناقش الصراعات الطائفية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نحن الشعب المصرى نسيج واحد، وسبيكة وأمة واحدة، فالوحدة الوطنية ليست مسلمين وأقباطا فحسب، بل إن الوحدة الوطنية هى وحدة الأمة بجميع أحزابها، وطوائفها، وفئاتها، وأديانها، هكذا يرى الدكتور خيرى فرجانى، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، في كتابه «الوحدة الوطنية والرباط المقدس» الصادر حديثا عن سلسلة إصدارات مركز الدراسات والبحوث الإستراتيجية، والذى يتناول مجموعة من المقالات المتتالية التى تم نشرها في ظل حكم الإخوان، وكان من الأهمية تجميعها وإعادة نشرها في كتيب؛ أن الزعيم «سعد زغلول» وصف الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط بالوحدة المقدسة، تلك الوحدة التى تجلت في أحسن صورها في ثورة ١٩١٩، ومن هنا اشتهرت هذه الوحدة تاريخيا باسم «الوحدة المقدسة»، التى كانت وحدة بين دينين يمثلها عنصرا الأمة الرئيسيين، وهما: «المسلمين، والأقباط»، وقد تحولت المساجد والكنائس، وهى أمكنة العبادة للشعب المصرى، إلى أمكنة للعمل الوطنى والقومى خلال ثورة ١٩١٩.
يوضح مؤلف الكتاب أن الزعيم سعد زغلول، عبر أصدق تعبير عن مفهوم الوحدة الوطنية الشامل، عندما قال: «الحق فوق القوة.. والأمة فوق الحكومة»، لأنه استخدام لفظ الأمة للتعبير عن الشعب المصرى بجميع فئاته السياسية، والاجتماعية، فقد نجح «زعلول» في صياغة، واستخدام هذه الكلمة «الأمة»، ومفهوم هذه الصياغة أننا ننتمى إلى أمة واحدة، والأمة في مفهومه هى مصر، فقد خاض القبطى الحروب مع المسلم جنبا إلى جنب، دفاعا عن كرامة هذا الوطن ومقدساته وأرضه، خاضوا حرب ١٩٤٨، دفاعا عن فلسطين، وحرب ١٩٥٦، وحرب ١٩٦٧، وحرب ١٩٧٣، فكانت الجماهير أثناء ثورة ١٩١٩، تنقاد لبيانات الوفد دون النظر لشخص أو دين من أصدرها.
يؤكد المؤلف في مقاله بعنوان «الأحداث الطائفية هى بقايا عصر التخلف والجهل» ضمن كتابه، أن مصر ليس بها مشكلة طائفية على الإطلاق، ولا عانت مشكلة أقليات على مر العصور، إلا أن تكون من صنع أو وهم الاستعمار، أو من افرازات عصور الانهيار والانحطاط الحضارى والسياسى، وسوف تظل مصر رمزا للوحدة الدينية مثلما هى علما ومثالا على الوحدة الوطنية.
أما عن «التأثير المتبادل بين الثقافة الإسلامية والثقافة المسيحية»، يشير المؤلف إلى أن المسيحيين استمروا لمدة أربعة قرون يمثلون أغلبية سكانية حتى نهاية الدولة الأموية، وفى الدولة العباسية كان للمسيحيين الدور الأعظم في ترجمة العلوم والفلسفة اليونانية، والسريانية إلى العربية، حيث كان الخليفة المأمون يقدم للمترجم وزن كتابه ذهبا تقديرا لعلمه ولما ترجمه في قصور كانت تدور حوارات إسلامية مسيحية، وفى شوارع بغداد كان رجل الشارع يفتح التوراة، والإنجيل، والقرآن الكريم مع كتب الفلسفة اليونانية، وفى المقابل تأثر الإصلاح الأوربى الدينى والمدنى والعلمى في أوروبا تأثرا كبيرا بفكر الفلاسفة العرب، بداية من «بن رشد، بن سينا، والبيرونى» وغيرهم، في الوقت الذى دخل فيه العالم العربى عصور التخلف والتراجع الحضارى والثقافى على يد الدولة العثمانية.

مقالة «زيادة حدة الإرهاب والتطرف في ظل التخلف الاجتماعي والتراجع الاقتصادى»، فيها يوضح المؤلف أن بطء التطور الاجتماعي وغياب العمل السياسى كان سببا رئيسيا في ظهور الجماعات الأصولية المتطرفة وتقدمها المشهد السياسى، والمطلوب هو الإجراء الوقائى الذى يمنع وقوع الحدث وليس الإجراء العلاجى بعد أن يحدث، ويشير المحلل السياسى الدكتور مصطفى الفقى، أن التطور الاجتماعي عملية طويلة المدى، تعتمد على ركائز اقتصادية، وثقافية، يلعب فيها النظام التعليمى دورا فاعلا، فضلا عن القيم والتقاليد التى تحتاج إلى تغييرها إلى المدى الطويل ولا يمكن أن يحدث في يوم وليلة، لذلك يرى المؤلف أن الاحتكام في مسألة العلاقة التاريخية بين المسلمين والأقباط يجب أن يتوجه إلى ضمير الشعب المصرى دون سواه لعدة أسباب، أن يتعرف كل جانب على هموم الآخر وطبيعة دور المؤسسة الدينية لديه.
يؤكد المؤلف في مقاله «الوحدة الوطنية في مصر هى مصدر التقدم الحضارى والثقافي»، أن الحفاظ على الوحدة الوطنية في المجتمع المصرى تقتضى مشاركة المواطن في تطوير وطنه والمحافظة عليه، وعلى استقراره وإنجازاته، التى تعد أحد مقومات الوحدة الوطنية، ويظهر ذلك من خلال الحرص على الأمن الفكرى، والاقتصادى، والاجتماعي للوطن ونشر المحبة بين أفراده، وحماية البناء الداخلى للدولة ممن يحاولون هدمه أو إعاقته وهى لا تعتبر مهمة تتعلق فقط برجال الأمن، بل تمتد أيضا إلى المجتمع الذى صار عليه دورا يقتضى منه الحفاظ على وحدة الوطن وسلامة أراضيه، لنجعل من وطننا وطنا يتسع للجميع في جو يسوده قيم الحب والتسامح وقبول الآخر.