الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

جبر الخواطر على الله.. أغنية تفريج الأحزان

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم أن الفنان الكبير فريد الأطرش كان يغني أنشودته الشهيرة "جبر الخواطر على الله" لمحبوبته ، بدليل أنه أردف هذا البيت الشعري بـ"مش طالب منك غير طلة" ، إلا أن هذه الأغنية يستحيل أن يسمعها انسان بمعنى الكلمة إلا ويرق قلبه رابطاً إياها بالأوضاع المعيشية التي نصادفها في حياتنا اليومية وهي طفيلة بأن ترقق قلب الحجر ذات نفسه لما لها من وقع نفسي ساحر فتجد نفسك مدفوعاً دفعاً إلى البحث عن أي محتاج لجبر خاطره تقرباً إلى الله عز وجل وهذه إشارة إلى أن حب الخير سمة أساسية في النفوس الصحيحة .
ولعل أكثر من يحرص على "جبر الخواطر" ذلك الشخص الذي يمر بضائقة شديدة ثم يرسل إليه الله الفرج من حيث لا يحتسب .. فتجده أحرص الناس على "رد الجميل" للخالق العظيم الحنان المنان .
وهنا يطيب التذكير بضرورة تجنب الحزن الشديد على شيء فاتك .. فأحيان كثيرة تمر على الإنسان حالة يشعر خلالها بالكآبة تسيطر على كل شئون حياته.. فيحس شرايينه قد تحجرت.. وأن دمائه قد تجمدت.. وأن عقارب الساعة قد توقفت.. فيعتقد أنها نهاية الكون من شدة الهم والغم والكرب العظيم.
وتتكالب عليه المصائب من كل صوب وحدب، وأرجوكم لا تسألوني عن معنى صوب وحدب، فيستسلم لحالة اللاموت واللاحياة.. فيفقد حاسة تذوق طعم الأيام.. وفجأة وبدون سابق إنذار نستفيق من حالة «الموت الإكلينيكي» هذه على وقع أمل جديد يعيننا على بداية جديدة مع هذه الدنيا التي هي في الأساس دار بلاء .
وهنا تتبدل الأحوال وتعود الابتسامة، ويدرك الإنسان أنه كان فى غاية القسوة على نفسه بل وعلى من حوله.. ولعل هذه الحالة هي جوهر الابتلاء الذى يختبر به المولى جل في علاه قدرتنا على الصبر والاحتمال.. فإذا كان الله قد أعطانا الصحة أعوامًا كثيرة فلماذا لا نصبر على المرض.. وإن كان يسر لنا الرزق الواسع فكيف لا نطيق ضيق الحال.. وإن كان أنعم علينا بالقرب ممن نحب فلماذا لا نصبر على الفراق .
لكن بما أن الله سبحانه وتعالى لطيف بعباده فإن من رحمته أنه قبل أن ينفد وقود الصبر والإيمان يرسل إشارات لا تخطئها عين وبراهين على أن الطريق المستقيم هو الأبقى مصداقاً لقول الحق سبحانه وتعالى "المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا" وكذلك قوله الحق "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ".
صحيح أنه من حقك ومن طبيعة النفس البشرية التمني والتطلع والطموح بأن الحظ "يتعدل شوية" لكن هذا بشرط أن يكون ذلك بالحلال وبعيداً كل البعد عن "المشي البطال" التي لا تجلب إلا الفقر والحسرة والندامة ، أعازكم الله وإيانا من شرورها ، وعلى أية حال لا يجب أن نحزن أو نيأس وبيننا من يستمتعون بـ"جبر الخواطر على الله" .