رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أزمة الهوية الدينية في الحرب على الإرهاب (6-6)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
طرحت الصحافة المصرية التصورات الخاصة بحل أزمة الهوية الدينية، وتنتظم هذه التصورات حلولًا عبر عدة مسارات أوضحتها الدراسة المهمة التى أجراها د. محمد جاد المولى حافظ عويس أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب جامعة بنها:
تمثل المسار الأول في تبني الدعوة للحوار بين الأديان والتصدى للفكر المتطرف بالحوار من خلال توظيف الوسائل الاتصالية الجديدة لمخاطبة الأنا والآخر دينيا لتحقيق الهدف من الخطاب؛ ففى صحيفة "الأهرام" كتب أحمد عبد المعطي حجازى "لأول مرة في تاريخ الإسلام والمسيحية يظهر خطابٌ مشترك يتحدث عن المسلمين والمسيحيين لا بوصفهم أصحاب ديانتيْن مختلفتيْن ولكن بوصفهم مواطنين، سواء كانوا من أهل البلاد كالمسلمين والمسيحيين في مصر وفى غيرها من البلاد الإسلامية أو كانوا مهاجرين كالمسلمين في البلاد المسيحية في أوروبا.. وأعلن شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان في وثيقتهما التاريخية أن المسيحيين في البلاد الإسلامية مواطنون كاملو الحقوق فليس لسلطة أو لأحد أن ينتقص من حقوقهم الكاملة". 
ويطرح وجدى زين في "الوفد" ضرورة "ترسيخ مفهوم المواطنة، ومواجهة التطرف، وإرساء ثقافة الحوار، والدفاع عن حقوق المظلومين والمضطهدين، بحسبانها من أهم المنطلقات الأساسية للتعاون من أجل تحقيق الإخوة بين الإنسان وأخيه الإنسان". ويمضى الخطاب الديني لصحيفة "الوطن" لتعزيز الحوار مع الآخر دينيًا، حيث كتب حسين القاضى "الرئيس السيسي أصدر قرارًا بتشكيل اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية، فأتمنى أن تلتفت اللجنة لعلاج المشكلة من جذورها".
وتمثل المسار الثانى في تدريب وتأهيل القائمين على الخطاب الدينى واعتماد خطاب منفتح ومتنوع لديه من القدرة مجابهة التحديات التى تفرزها قضايا الإرهاب والإسلاموفوبيا، وقد انتظمت في إطار هذا المسار جملة من الأطروحات، منها طرح أحمد نور الدين بصحيفة "الأهرام" وتأكيده أهمية "إعداد نخبة الدعاة والكوادر الإسلامية المعتدلة بعيدًا عن التطرف والتشدد، لإعادة دفع المجتمع إلى طريق الحضارة والتقدم. ويتسق ذلك مع طرح نشأت الطرابيشى بصحيفة "الوفد" الذى يؤكد "من أجل تجديد الخطاب الدينى يجب تحويل قضايا الفكر الديني إلى واقع عن طريق برامج تدريب وتأهيل نوعى تراكمى مستمر للأئمة". 
وتمثل المسار الثالث في تنقية المناهج الدراسية من الأفكار والمفاهيم المسئولة عن حالة أزمة الهوية الدينية، حيث يتناول خطاب "الأهرام" طرحًا للدكتور حسين عيسى هو "أن التعليم الأزهرى في حاجة إلى مراجعة شاملة على اختلاف المراحل التعليمية حتى لا نرى شبابًا تربى على مفاهيم وآراء مغلوطة لا تمت إلى الإسلام بصلة فيحصد المجتمع في النهاية مزيدًا من العنف والإرهاب والتطرف". وتمتد أفق هذا الخطاب ليطرح حسن الرشيدى بصحيفة "الوفد" قوله "الأمر يتطلب تنقية بعض المناهج التى تُدّرس بالأزهر.. خاصةً التى تغرس أفكارًا وآراءً تدفع للتطرف والإرهاب والعدوان". ويمتد هذا الخطاب حول طرح الحلول إلى صحيفة "الوطن"؛ حيث ركز حسين القاضي على تناول ياسر عبد العزيز "يجب العودة إلى العمل المنهجى المؤسسى المنظم؛ الذى يبدأ بإنتاج محتوى دينى أكثر منافسة وجودة وحداثة واتساقًا مع المقاصد النبيلة للأديان من خلال مؤسسات التلفزة العامة، مع العمل على علاج التشوهات والاختلالات الاجتماعية والثقافية الناجمة عن قصور في أدوار مؤسسات التعليم والثقافة وأنماط التنشئة".
وتمثل المسار الرابع في الإقرار بوجود أزمة هوية دينية والدعوة لعلاجها، وقد انتظمت في إطاره أطروحة حسين عيسى "ضرورة البحث والتفكير في عمل منظم خلاق لتجديد الخطاب الفكرى للمجتمع المصرى، بما يحقق إعادة صياغة الشخصية المصرية، وإعادة ترتيب أولويات العقل الجمعى، مما يساعد على تحقيق الانطلاقة المطلوبة، والتى بدأت بالفعل نحو عودة مصر كقوة اقليمية مؤثرة في محيطها العربى والدولى". ويتفق معه محمد العجمى بصحيفة "الوفد" "تجديد الخطاب الدينى، ونشر الوسطية السمحة للإسلام، وتصحيح الصور الخاطئة عن الإسلام والمسلمين ونبذ ما علق بالإسلام السمح من إرهاب، وأفكار متطرفة". ويمتد الاتفاق إلى خالد منتصر بصحيفة "الوطن" وقوله "دعوة تجديد الخطاب الدينى التي أطلقها الرئيس منذ عدة سنوات ما زالت لا تجد صداها على أرض الواقع، نتيجة عوامل كثيرة كتبنا عنها مرارًا وتكرارًا".
وتمثل المسار الخامس في توظيف الدين في الحفاظ على هوية الدولة؛ حيث يتناول خطاب "الأهرام" طرحًا للدكتور حسين عيسى هو "الخلط الواضح بين الدين والسياسة، فالدين ينظم العلاقة بين الإنسان والخالق العظيم، كما ينظم العلاقة بين الإنسان والآخرين. أما السياسة فهى تقوم على كل ما هو متغير من أفكار ونظم سياسية تختلف باختلاف الزمان والمكان والموقف، وبالتالى فإن محاولة البعض الخلط بين الدين والسياسة تشكل تضليلًا واضحًا وإهدارًا لقيمة ومنزلة الدين وإحداث اضطرابات سياسية لا معنى لها"، ويمتد الخطاب ليتفق معه خطاب "الوطن" إلى التركيز على أنه لا تعارض بين الأديان والأوطان وهو ما فنّده وزير الأوقاف د. محمد مختار جمعة في اجتهاده الذى طرحه خلال مشاركته بـ«منتدى تعزيز السلم» الذى انعقد بأبوظبى، حيث أكد أن الحفاظ على بناء الدولة الوطنية في العصر الحاضر جدير بأن يكون أحد المقاصد الكلية التى ينبغي الحفاظ عليها لتصبح "الكليات الست"، بدلًا من "الكليات الخمس"، فتكون "الدين والنفس والعقل والمال والعِرض والدولة الوطنية".