الجمعة 14 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

حكم الطين.. وحكم الدين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حكم الدين يستشرف القيم، والأخلاق، والصدق، الدين يحرك نوازع الخير في الإنسان، فإذا رأيت رجلاً يكذب، ويقتل، ويسرق، وينشر الفساد في الأرض، ثم يظهر أمام الناس وهو يرتدي ثياب الدعاة، فاعلم أنه ليس من شرار الناس، ولكنه شر الناس، فشر الناس من يلعب بالدين ليصل إلى الطين، من يرفع شعار الإسلام ليصل إلى حكم الدنيا.
ولذلك فإنه حين يختلف الشعــــار المعــــلن والأدبيات المكتوبة عــــن التطبيق الحقيقــي فلا تركن إلى الشعار، ولا تأخذ من الأدبيات والأقوال، ولكـــن انظر إلــــى الأفعال، حينها ستعرف ما هي الحقيقة، فحين تتدحرج كرة الثلج من فوق الجبل تكون في بدايتها هـــي الكرة الحقيقية، ولكنها مع تدحرجها تتحول إلى شيء آخر.. كذلك كرة الإخوان تتدحرج لإقامة دولــــة الإسلام، ثم تتحول هـــــي بذاتها بعــد ذلك إلـــى الإسلام ذاته، وفـــــي سبيل الإخوان (الإسلام) تهون الهنَّات.
والقاعدة الفقهية التي تقول: «الضــــرورات تبيـــــح المحظــورات»، والتي من معانيها أن المفسدة في بعض الأحيان لازمة لتحقيق المصلحة الراجحة، وما حُرِّم للذريعة يباح للمصلحة الراجحة، والحرام لذاته تبيحه الضرورة، والحرام لغيره تبيحه الحاجة أو المصلحة الراجحة، هذه القاعدة الفقهية تتحول على يد الإخوان وهم يوازنون بين المصالح والمفاسد إلى «الغاية تبرر الوسيلة»؛ لــــــذلك مـــــن يـريد أن يفهم أفكــــار الإخوان السياسية فعليه أن يدرس هذه القاعدة جيدًا ليعرف كيف يفكر الإخوان.
الانحراف بهذه القاعدة الفقهية إلى “,”الغاية تبرر الوسيلة“,” هو الذي يقودنا إلى ذلك الكهف السري القابع في دهاليز جماعة الإخوان، آن الأوان للكشف عن هذا الكهف، ولينظر من لا يصدق إلى أوراق التاريخ..
كان الملك فؤاد في تقدير الإخوان مفسدة صغرى، ولكنه كان عند الإخوان مفسدة سيتحقق من خلالها مصلحة راجحة هي تمكين الإخوان. وعلــــــى ذات النسق كانت علاقتهم بالملك فــــاروق وإسماعيل صدقي والإنجليز والضباط الأحرار وعبد الناصر والسادات ومبارك، فإذا أثبتت الأيام عندهم أن هذه المصلحة الراجحة مشكوك في تحقيقها من خلال هذه الوسيلة، أو أن الوسيلة استنفدت أغراضها، فليس من مانع من تغييرها أو التخلص منها.
قبل ثورة يناير كانت الضغوط الأمنية تتوالى على الإخوان، لم يكن الأمن المباركي في أي وقت يستهدف القضاء على الجماعة، ولكنه كان يستهدف إضعافها فقط، وكان الإخوان يفكرون في وسيلة يخففون فيها من سطوة هذه الضغوط، وكان من ضمن أوراقهم وقتها التلويح بورقة البرادعي، ليس حبًّا في البرادعي، ولا اقتناعًا به، ولكنهم رأوا أن البرادعي يمثل مصدر قلق لمبارك ونجله، وقد يكون تلويحهم بهذه الورقة مفضيًا إلى فائدة إخوانية كبرى؛ لأن النظام القلق وقتها قد يضطر إلى مهادنة الإخوان والتفاوض معهم حتى يتخلوا عن البرادعي..
بعد الثورة أصبحت هذه الورقة لا فائدة منها، فقد استنفدت أغراضها بقيام الثورة؛ لذلك ينبغي للجماعة أن تبحث عن وسيلة أجدى حتى ولو كانت في فهمهم “,”مفسدة“,”؛ لذلك نظروا للثورة قبل أن تقوم على أنها مفسدة كبرى من الممكن أن تفسد غايتهم، فوقفوا ضدها ولم يشتركوا فيها في الأيام الأولى، وبعد أن ترجح لديهم أنها ستنجح اشتركوا فيها وركبوها، وتحولت إلى مفسدة يتحقق من خلالها مصلحة راجحة هي تمكين الإخوان من الحكم، وبنفس الطريقة كان موقفهم من المجلس العسكري، وهكذا هي نظرة الإخوان بالنسبة إلى كل تحالفاتهم.