الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

لماذا هذا الصبر؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هناك بعض الشخصيات الهزلية -في العادة- يتم التعامل معها بسخرية وعدم اهتمام، وأحيانًا بشيء من التحقير، وحازم أبو إسماعيل هو شخصية من الشخصيات التي ابتلانا بها القدر، كما ابتلاه هو نفسه بكونه هكذا، شخصية غير منضبطة في سلوكها ومواقفها وأفعالها وما يصدر عنها من قول!
ولحازم صلاح أبو إسماعيل -وقبل أن يسمع أحد باسمه- تاريخ لا يحسد عليه، فوالده (رحمه الله وغفر له) عضو مجلس الشعب الأسبق، كانت له قصة معروفة مع وزير الداخلية الأسبق زكي بدر؛ حيث كشف، وبالتسجيلات الصوتية، أنه (صلاح أبو إسماعيل) تاجر عملة ( في وقت كانت تجارة العملة جريمة).
ثم وبعد ثورة ٢٥ يناير ظهر اسم حازم أبو إسماعيل، وظهر وجهه على شاشات الفضائيات يطالعنا ليلاً ونهارًا، ونستمع إليه وهو يؤلف لغة عربية جديدة طريفة، بما فيها من تعبيرات لا يُعرف لها رأس من قدم، لغة حطم فيها أبو اسماعيل كل قواعد اللغة وكل تركيباتها الرصينة المترابطة (لاحظوا أن حضرته محام!)..
ثم تأتي انتخابات الرئاسة ويدخل أبو إسماعيل المارثون، ويبدو للوهلة الأولى من كلماته وضحكته، من الأذن للأذن، واثق الخطوة يمشي ملكًا..
ثم إذا بنا أمام طُرفة غير مسبوقة في التاريخ تتفجر وتنتشر، حيث وجدنا أن الشخص الذي يريد أن يصبح رئيسًا لدولة بحجم مصر ومسئولاً عن كل شئونها، وملمًّا بكل تفاصيلها، الكبيرة منها والصغيرة.. إذا بهذا الشخص لا يعرف أدق التفاصيل وأهمها عن والدته (والدته هو شخصيًّا)، لتكشف الأحداث أن والدة المرشح لرئاسة الجمهورية أمريكية الجنسية (وهو ما يخالف الدستور)، والمفاجأة، أو الطُرفة غير المسبوقة، أن ابنها (رئيس المستقبل) لم يكن لديه علم بأن والدته تحمل الجنسية الأمريكية!
وتنتهى طُرفة الجنسية، ويخرج أبو إسماعيل من المارثون، لكنه لا يخرج من دائرة الضوء، الذي من الواضح أنه أصبح مدمنًا له، وبات لا يكل ولا يمل في ابتداع أشكال وصور هزلية مختلفة تجعله تحت الأضواء، وتتكالب عليه الفضائيات (التافهة) لتصويره، تارة وهو يحاصر و(عشيرته) مدينة الإنتاج الإعلامي، مانعًا الإعلاميين من الدخول لتأدية مهامهم، وتارة أخرى وهو مشمر يذبح العجول مسيلاً الدماء؛ في إشارة مسرحية هزلية لكونه الرجل القادر على تحويل مصر إلى بحور من الدماء، بإشارة من أصبعه أو برسالة من محموله، في حال لم تخذله بطارية المحمول وظلت (مشحونة)..
كل هذا مضافًا إليه تهديداته الجوفاء الهشة لإثارة الفوضى وخلق حالة من البلبلة، تضاف إلى البلبلة المتسبب فيها الرئيس نفسه وحكومته وجماعته، والتي يطول شرحها.. عند هذا الحد من الممكن قبول ما يخرج عن أبو إسماعيل من قول وفعل، واعتباره نوعًا من الهزل وأفاعيل “,”الأراجوزات“,”، التي قد تؤدي إلى إضحاك الناس في وقت عز فيه الضحك..
لكن أن يصل الانفلات عند أبو إسماعيل، وأن يصل التجاوز، إلى منطقة الجيش وإهانته، والتطاول على مكانته وقدسيته؛ فهنا لا بد من التوقف بجدية تتناسب مع حجم ومكانة القوات المسلحة وقدسيتها التي نشأنا وتربينا عليها، ونعرف جيدًا قدرها ومقامها.. تجاوز أبو إسماعيل كل الحدود وأهان جيش مصر وحط من شأنه.. ونحن هنا عندما نتحدث عن الجيش لا نتحدث عن أشخاص، ولا ندافع عن قيادات قد يكون الفساد طالها في العهد السابق، لكننا ندافع عن قواتنا المسلحة، وعن المؤسسة العسكرية بمختلف مستوياتها، وعن جيش مصر، الذي هو الحامي الأول والأخير لمصر والرمز لعزتها وكرامتها.. فكيف يهان رمز مصر وكيف التطاول على رمز كرامة مصر؟!
لقد تجاوز أبو إسماعيل كثيرًا وتمادى، وله الحق أن يتمادى -خصوصًا أنه شخص واضحٌ الانفلات في تركيبته- طالما لم يجد أمامه من رادع ولا حساب ولا عقاب، ويكفيه أنه يحتمي بمؤسسة الرئاسة، التي وقفت صامته وهو يتطاول ويهين المؤسسة العسكرية متجاوزًا كل الحدود، والرئاسة كأنها تشجعه بصمتها، وتفعل مثلما القرود الثلاث (لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم)!!
وفي مزيد جديد من التمادي في الإهانات يصف حازم صلاح أبو إسماعيل، القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي، عقب حفل جامعة المستقبل بعيد تحرير سيناء قائلاً: “,”السيسي كان يؤدي دور الممثل العاطفي ليستجلب رضا الناس؛ ليعولوا على الجيش، وتاني يوم يكتب الإبراشي وعيسى وبتوع الجرايد: اعتمدوا على الجيش“,”..
ليقل أبو إسماعيل عن الإبراشي وعيسى ما يشاء؛ فهما قادران على الرد عليه، وليقل عن عبد الفتاح السيسي كشخص ما يشاء أيضًا، لكن أن يصف الفريق أول عبد الفتاح السيسي بـ«الممثل العاطفي»، وهو القائد العام للقوات المسلحة المصرية ووزير الدفاع، وأن يقوم بالتحريض ضد القوات المسلحة، مُطلِقًا تصريحات عدائية وتهديدات معلنة وواضحة، وأمام وسائل الإعلام، مهيجًا الشعب ضد جيشه وقواته المسلحة، فهنا يصبح الأمر جد خطير، ويستدعي من المؤسسة العسكرية موقفًا صارمًا وفعلاً حاسمًا وسريعًا للتعامل مع هذا الشخص المنفلت الذي تجاوز كل الأعراف وكل الحدود..
ولا يكفي أبدًا، ولا يتناسب مع حجم التجاوز والإهانات، هذا التوعد الذي خرج عن مصدر عسكري مسئول بأنهم قادرون على رد (عملي كبير) على حازم أبو إسماعيل!.. وليس كافيًا أبدا هذا التصريح عن المؤسسة العسكرية القائل: «قادرون على القبض على أبو إسماعيل، والتصدي لأي جماعات مسلحة في أقل من عشر دقائق»!!
حازم صلاح أبو إسماعيل، بالإضافة إلى سلسلة إثارته للفوضى والتهديدات، والتعدي بالضرب على شخصيات مدنية سياسية إلى درجة اقتربت من الموت، ومحاصرته وأعوانه من عشيرته لمؤسسات حيوية تابعة للدولة، والقيام بتصرفات غريبة منفلتة، مثل ذبحهم للخرفان والعجول أمام مدينة الإنتاج، في مشاهد مثيرة للغضب والتقزز.. بالإضافة إلى هذا وغيره.. فإن حازم صلاح أبو إسماعيل -وهذا هو الأهم- قد أهان القوات المسلحة وقياداتها، مستخدمًا تعبيرات لا تليق بمكانة وقيمة وقدسية القوات المسلحة، وقام بالتهديد وبالتحريض ضد القوات المسلحة مستخدمًا تعبيرات عدائية واضحة وصريحة؛ لإثارة الغضب داخل مواطني مصر ضد قواتهم المسلحة، وضد جيش مصر الحامي الأول والأخير لها، والمدافع عنها، والرمز لعزتها وكرامتها..
وبناء عليه؛ فالمطلوب من المؤسسة العسكرية التعامل مع حازم صلاح أبو اسماعيل تعامل المتهم بتهمة «إهانة المؤسسة العسكرية»، وإحالته إلى النيابة العسكرية للتحقيق معه في هذه التهمة (على الأقل أسوة بما كان يتم معنا -نحن الصحفيين- إذا ما كتبنا عنوانًا ملتبسًا يُشتمُّ منه أقل قدر من التجاوز في حق المؤسسة العسكرية؛ فنجد أنفسنا محالين للتحقيق معنا أمام النيابة العسكرية!).
يا قيادات المؤسسة العسكرية: إن حازم صلاح أبو إسماعيل تهمته معلنة وواضحة في كل ما صدر عنه من قول وفعل، وهي «إهانة القوات المسلحة والمؤسسة العسكرية»، وبشكل جلي وواضح للجميع، وإن الشعب المصري، الذي قد تربى وشب، بل ورضع مع حليب الأمهات أن لجيش مصر قدره العظيم وقيمته الكبيرة ومهابته وقدسيته، يشعر بالغضب، بل والإهانة والمهانة؛ فإهانة جيشه هي إهانة لمصر.. وعليه؛ فإننا نطالبكم برد الاعتبار لمصر وجيش مصر ومحاسبة من أهانه.. وكفانا صبرًا!.. ولماذا الصبر؟!