الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

كواليس ترتيبات "الخطوة الأخيرة" للهجوم على سرت والجفرة في ليبيا.. خبراء: أردوغان يغطي على "المؤامرة" بادعاءات كاذبة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعيش ليبيا على صفيح ساخن، في ظل تصاعد التوتر العسكري، الناجم عن إصرار تركيا على تنفيذ مؤامرتها للاستيلاء على الهلال النفطي الليبي، ودخول مدينتي سرت والجفرة. 
وفي الوقت ذاته ما زال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يرتدي عباءة الحملان، محاولا الترويج لجرائمه في ليبيا، باعتبارها ضرورة يحمي بها مستقبل بلاده، على حسب ادعاءاته المغرضة. 
أردوغان خرج في تصريحات جديدة، تستهدف تزييف الواقع وتجميل صورته القبيحة أمام العالم، زاعما أن ما وصفه بـ"نضال الأتراك في ليبيا وشرق المتوسط"، هدفه نيل حقوق أنقرة والحفاظ على مستقبلها.

تضليل خبيث
تصريحات الرئيس التركي تكشف عن نواياه الخبيثة، وتؤكد أنه لن يتراجع عن إشعال منطقة الشرق الأوسط، مقابل نهب ثروات النفط والغاز بها، ما يستدعي من المجتمع الدولي تدخلا رادعا، يوقف الأطماع العثمانية عند حدودها، ويمنع أردوغان من التلاعب بأمن المنطقة والعالم، هذا ما أوضحه الدكتور فتحي العفيفي أستاذ الفكر الاستراتيجي بجامعة الزقازيق، الذي أشار إلى أن تصريحات أردوغان المضللة، تهدف إلى التغطية على خططه التي تسير على قدم وساق من أجل الهجوم على مدينتي سرت والجفرة.
ولفت العفيفي إلى أن إدراك القوى الدولية، لحقيقة أن زيارة وزيري دفاع تركيا وقطر إلى ليبيا، ولقائهما فايز السراج، وقادة مليشياته، تهدف إلى استكمال خطط استعدادات الهجوم على سرت، هو الذي دفع ينس استولتنبرج، أمين عام شمال الأطلسي ـ ناتو ـ إلى توجيه الدعوة إلى أنقرة، بضرورة الالتزام باحترام قرار حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، وتفكيك المليشيات. 
استولتنبرج أعرب، خلال محادثة هاتفية أجراها مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، عن مخاوفه بشأن التوترات الحالية في المنطقة، كما شدد على أن الحوار وخفض التصعيد من الأمور المهمة لصالح المنطقة، وهو ما يعني أن المجتمع الدولي يشعر بالريبة تجاه التحرك الأخير لثلاثي الشر بالمنطقة. 
ولفت العفيفي إلى أنه على الصعيد الداخلي في ليبيا، فإن مصادر عسكرية محلية، كشفت عن خطوة جديدة من خطوات تنفيذ مؤامرة أردوغان تجاه ليبيا، بالتعاون مع قطر، والمتمثلة في الزيارة الأخيرة التي أجراها وزيرا دفاع البلدين، للتخطيط للهجوم على سرت والجفرة. 
وقال العفيفي: "المصادر أكدت أن زيارة كل من خلوصي أكار وزير الدفاع التركي، ونظيره القطري خالد العطية إلى طرابلس جاءت بغرض الاتفاق مع حكومة السراج ومليشياتها على ترتيبات الهجوم على الهلال النفطي، بعد أن حولت تركيا المدن الليبية الأخرى الواقعة تحت سيطرة حكومة السراج إلى مدن أشباح يحكمها المرتزقة المدججون بالسلاح.
ولفت إلى الحراك العسكري الذي يدور في ليبيا حاليا، دفع أيضا وزير الخارجية الألماني، إلى التأكيد على ضرورة فرض وقف فوري لإطلاق النار في البلاد، وذلك عقب اللقاءات التي عقدها مع مسئولي حكومة السراج، بالإضافة إلى مطالبته بالمنع الفوري لتدفق الأسلحة على ليبيا. 
وأضاف العفيفي: "وزيرا الدفاع التركي والقطري، وفدا إلى طرابلس للقاء فايز السراج وميليشياته، من أجل السعي للحصول على أكبر قدر من المكاسب العسكرية والسياسية والجيوستراتيجية، عن طريق تعزيز الاتجاه نحو الحرب، معتبرين أن الانصياع لمطالب الحل السياسي حاليا، لن يكون تعود بالفائدة عليهم.
وشدد العفيفي على أن التدخل القطري الصريح هذه المرة، تحت مظلة إرسال عسكريين قطريين إلى ليبيا، لتدريب عناصر قوات السراج، ليس سوى وسيلة لتضمن بها الدوحة تحقيق هدفين، الأول تخفيف الضغط عن أردوغان واستخدام قطر في أداء الأعمال التي أصبحت تحرجه لأردوغان أمام العالم، والثاني أن ترقب قطر عمليات إنفاق الأموال التي تمول بها نشاط حكومة السراج العسكري والاقتصادي، في ظل تصاعد الأحاديث عن وجود اختلاسات مالية داخلها. 

استعدادات عسكرية
بدوره أبدى الدكتور طارق فهمي أستاذ العلاقات الدولية، تأييده للرأي السابق، مشيرا إلى أن تركيا وقطر اتفقتا مع حكومة السراج، على تحويل ميناء مصراتة الاستراتيجي على البحر المتوسط، إلى قاعدة عسكرية بحرية تركية، بتمويل قطري، كما اتفق "ثلاثي الشر" على إنشاء مركز تنسيق عسكري دائم في مصراتة، وبهذا تكون تركيا وقطر بعد أن فرضتا السيطرة التامة على قاعدة الوطية الإستراتيجية غربي البلاد، تحكمان اليوم السيطرة أيضا على سواحل ليبيا الغربية. 
ولفت فهمي إلى أن تحركات تركيا وقطر، تؤكد هذه أنهما تعملان على تعزيز تموضعهما الجيوستراتيجي على البحر المتوسط، عبر قاعدة مصراتة، وبريا عبر الوطية، التي نقلت إليها أسلحة متقدمة منذ أيام. 
في الوقت ذاته ألقى الدكتور طارق فهمي الضوء على التحقيقات التي تجريها حاليا الأمم المتحدة، حول نقل تركيا لآلاف المرتزقة والإرهابيين إلى ليبيا، مشيرا إلى أن المنظمة الدولية فتحت تحقيقا في دور الحكومة التركية، وشركة "سادات" المقربة من الرئيس رجب أردوغان، في تجنيد وتمويل نشر مرتزقة سوريين من بينهم أطفال للقتال في ليبيا.
ولفت إلى أن مقرري الأمم المتحدة، وجهوا رسالة مشتركة في يونيو الماضي إلى الحكومة التركية، للحصول على معلومات بشأن دورها في تجنيد ونقل المسلحين إلى ليبيا، وأيضا عن دور الشركات الأمنية التركية الخاصة في تلك العمليات وعلاقتها بها وعدد المقاتلين السوريين المنتشرين في ليبيا، والجماعات التي ينتمون إليها.
وقال فهمي: "تحقيق الأمم المتحدة في هذا الأمر، يمثل إحراجا سياسيا كبيرا لتركيا، رغم أنه لن يؤثر كثيرا على أرض الواقع، لأن أردوغان مازال ينقل آلاف المرتزقة والإرهابيين إلى ليبيا، على مرأى ومسمع من الجميع، بل وبمباركة وتأييد بعض القوى الكبرى".
وأضاف فهمي: "التحقيقات الأممية تعزز الاتجاه الأوروبي لفرض عقوبات جديدة على أنقرة، ضمن خطوات اتخذت في وقت سابق، ضد عمليات التنقيب التركية في شرق المتوسط، بناء على طلب يوناني. 
وألقى فهمي الضوء أيضا على مواقف الدول المعنية بالأزمة ومنها اليونان التي أكدت على لسان وزير خارجيتها نيكوس دندياس، أن قائمة العقوبات التي طلبتها بلاده من الاتحاد الأوروبي ضد تركيا قيد الإعداد، وأرجع ذلك نتيجة لتصعيد العدوان التركي بشرق المتوسط.
وأوضح الوزير اليوناني أن الاستفزازات التركية في شرق المتوسط بمثابة تصعيد وعسكرة للموقف وتشكل اتجاهًا نحو الفوضى، مؤكدا أن العدوان التركي موجه ضد الاتحاد الأوروبي ويجب أن يكون هناك تصعيد مماثل في رد الفعل الأوروبي.
وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، من جهته اعتبر أن التحركات التركية تؤجج التوتر وانعدام الأمن في المنطقة، دعيا أنقرة إلى التوقف فورا عن أنشطة التنقيب عن الغاز في البحر الأبيض المتوسط، بعد إعلانها توسيع هذه العمليات.
المسئول الأوروبي، قال إنه هذا الإعلان يسهم في تقويض الجهود لاستئناف الحوار والمفاوضات، كما لن يسهم في خفض حدة التوتر الذي "هو السبيل الوحيد نحو الاستقرار والحلول الدائمة.

صراع داخلي
طه على الباحث في شئون الجماعات المتطرفة، كشف بدوره عن جانب آخر من جوانب زيارة وزيري دفاع تركيا وقطر إلى ليبيا، وهو تهدئة الصراع الدائر بين أجنحة حكومة الوفاق، لا سيما رئيسها فايز السراج ووزير داخليته فتحي باشاغا
وقال إن الصراع على النفوذ والسلطة في ليبيا، وصل إلى أوجه بين السراج باشاغا، بعد أن استعان الأخير بميليشيات مصراتة، والمرتزقة، فيما استعان الأول بميليشيات "النواصى" و"الردع" وما يسمى "ثوار طرابلس".
ولفت إلى أن باشاغا يعمل على إزاحة مليشيات طرابلس، التي شكلها السراج في 2018، للاعتماد على ميليشيات مصراتة التي يستمد منها نفوذه، باعتباره مؤسسها.
وقال " على ": "تغول مليشيات مصراتة، التي يحركها باشاغا، أثار هلعا مكتوما داخل حكومة السراج، لما أرسلته من رسائل تؤكد أنها بصدد تهيئة المناخ لفرض واقع جديد من شأنه تحويل باشاغا إلى حاكم فعلي لطرابلس".
وأوضح أن مصادر محلية ليبية أفادت بأن باشاغا يرى أن طموحه لا يقتصر على تقلد منصب وزير الداخلية، ومهام وزارة الدفاع بحكومة السراج، لذا فإنه يتأهب للانقلاب عليه، وهو ما حاول وزيري دفاع تركيا وقطر التدخل لمنعه في الوقت الراهن، حتى تصفو الأجواء لمعركة سرت. 
وأضاف: "السراج يشعر من جانبه بالتهديد والخوف على منصبه، ويدرك أنه ليس الشخصية القادرة على مواجهة باشاغا، لذلك يسعى لتثبت نفسه بالتعاون مع ميليشياته، ومنها مليشيا شهداء أبو صرة، في مدينة الزاوية، التي شنت هجوما حادا على باشاغا، مؤكدة أنه يثير الفتن في المنطقة الغربية، لكي يصل إلى السلطة".