الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لبنان إلى أين؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما تغنت فيروز بأغنية "يا لبنان يا وطني بحبك"، لم يكن هذا الحب يخص فيروز لوحدها ولا أهل لبنان فحسب، ولكن لبنان هى مصدر حب من زارها وشاهدها واستمتع بجمال جبالها وأدب رجالها، لبنان بلد التاريخ والحضارة، بلد الفن والآدب والطرب، بل الصحافة والمسرح، لبنان هى كريمة الوطن العربي، رغم صغر مساحتها إلا أن بجمالها وموقعها كانت ولازالت موضع طمع الطامعين. 
لم يكن تفجير 4 أغسطس الماضي هو الاول، فقد جاء استكمالًا لصورة سوداوية ومأساوية ودراماتيكية تحيط بلبنان، ليس بالأمس ولا بالأمس القريب ولكن للأسف الشديد منذ استقلال لبنان عن الاستعمار الفرنسي عام 1943.. فبعد الاستقلال، الذي أسس الطائفية، كانت بداية الأوجاع في نهاية خمسينيات القرن الماضي عندما قام انقلاب ضد شمعون ولم يقف فؤاد شهاب كقائد للجيش مع هذا الأنقلاب كقوة محايدة، خاصةً عندما تحولت القضية إلى صراع مسيحي إسلامي، كان موقف شهاب موقفًا وطنيًا لبنانيًا بحق حتى أنه أختير رئيسًا للبنان، ولكن ظلت نار الطائفية مشتعلة تحت الرماد حتى ظهرت في الحرب الأهلية "1975- 1990" التي تجذرت وكرست ودسترت الطائفية والمحاصصة، فكان اتفاق الطائف فنظريًا على الورق كان هناك خطة لإنهاء الطائفية ولكن واقعيًا ظلت الطائفية بل أنتشرت ولم تقف عند المواقع الثلاث رئيس الجمهورية (مسيحي ماروني) ورئيس النواب (شيعي) ورئيس الحكومة (سني)،ولكن سار خط المحاصصة من أعلى إلى أدنى المواقع وفي كل المناصب كبيرها وصغيرها، هذا الوضع المزري جعل هناك قوى خارجية وعربية تؤسس لمصالحها داخل لبنان، فكل طائفة لها كفيلها، ولذا كان من الطبيعي أن تتحول لبنان إلى ساحة تصفية حسابات دولية بالوكالة وللأسف لبنان والشعب اللبناني هو وحده الذي دفع ويدفع الفاتورة. هذا الواقع أفرز نظامًا سياسيًا لا يملك قراره بصفة جماعية ولكن القرار للأقوى والأقدر وبالطبع على حساب الآخر فكانت الكوارث التي أعلنت نهاية النظام السياسي بعد انتفاضة أكتوبر 2019، فتراكمت المصائب السياسية في نظام سياسي مهترئ واقتصادي منهار واجتماعي أسقط النكهة والهوية اللبنانية، واكتملت أم الكوارث بعد تفجيرات 4 أغسطس، هنا لا شك فلبنان هذا لن يكون قبل 4 أغسطس مثل ما سيكون بعده، نعم جاء ماكرون داعيًا نفسه ومقدرًا برنامجه بعيدًا عن الحكومة بل منتشرًا وسط الجماهير، نعم وجدنا من يطالب اعادة الانتداب "الاستعمار الفرنسي"، نعم الأحد الماضي كان مؤتمر المانحين الذي قاده ماكرون بمشاركة ترامب، نعم التفجير أستنفر العالم لمساعدة لبنان في إطار إنساني ولكن الحكومة ستستقيل فأستقالات الوزراء تأتي تباعًا،هناك مطلب داخلي للأصلاح منذ الانتفاضة (كلن يعني كلن)، وهناك مطالب دولية "فرنسية" بالإصلاح، لكن هل المطلبان يتطابقان لصالح لبنان الوطن؟ يمكن أن تكون هناك أنتخابات مبكرة ولكن هل تغير من التركيبة السياسية الطائفية؟ أم ستدور الدائرة ونعود كما كنا؟ في الحقيقة الوضع الآن قد اكتملت فيه الظروف الموضوعية التي جعلت الشعب "وليس الطوائف" رافضًا للجميع فهل ستكون هناك هبات أو ثورات تغيير؟ أعتقد أن التركيبة اللبنانية لا تصلح فيها الثورة، فالكرة الآن في ملعب الشعب اللبناني صاحب التاريخ والمواقف الصعبة فكم تحدى وكم تصدى لكوارث ومحن،ولذا لن يحل ولن يصلح الوضع في لبنان غير الشعب اللبناني بنظام سياسي مدني وليس طائفي، نظام اختيار حر للكفاءات وليس نظام المحاصصة.
لبنان في خطر داهم ولن يدفع الثمن لبنان وحده ولكن الجميع فهناك سوريا واليمن والعراق وليبيا، فأين النخوة العربية؟ حفظ الله مصر ولبنان وكافة الشعوب العربية.