الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قانون تصالح البناء وأثره على المحليات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم صدور القانون رقم 17 لسنة 2019 وتعديلاته فى 30 مارس 2020 بشأن التصالح فى مخالفات البناء والذى يستهدف استقرار المواطنين اجتماعيا وإنسانيًا مع استرداد حق الدولة، إلا أن الأمر على أرض الواقع أخذ مسارًا يبتعد كثيرا عن فلسفة القانون وما يستهدفه بإعادة الثقة بين المواطنين والحكومة وتحقيق الاستقرار الاجتماعى والإنسانى خصوصًا وأن الواقع تؤكده الأرقام بأن حجم المخالفات بالمدن المصرية "234 مدينة" يصل إلى أكثر من 95.7 % حجم المخالفات فى مجموع المدن ناهيك عن القرى والمراكز والمجتمعات العمرانية الجديدة.
وتؤكد بيانات وزارة الإسكان أن المبانى العشوائية تصل إلى ما يقرب من 2 مليون و800 ألف مبنى عشوائى وأن المخالفات تصل إلى أكثر من 120 ألف مخالفة سنويًا.
وقد رحب المواطنون بالقانون الذى أصدره مجلس النواب وسارع أكثر من نصف مليون مواطن بتقديم طلبات للتصالح وسددوا ما يقرب من 3/4 مليارات جنيه قيمة رسوم فحص وجدية تصالح قدمها المواطنون من أجل استقرارهم الاجتماعى ولقد استبشر المواطنون خيرا فى تنفيذ القانون كما فرح النواب بما سيحدث من أثر تشريعى للقانون.

إلا أن الأمور على أرض الواقع جاءت بنتائج عكسية لإنفاذ القانون ولائحته التنفيذية حيث شاب عملية إنفاذ القانون الكثير من الأفعال والتصرفات أدت إلى إحباط المواطنين وخيبة أملهم فى التصالح.
وقد جاء ذلك من عدة مظاهر:
• تم تنفيذ القانون فى المحافظات والمدن بطرق خشنة تبعد عن فهم صحيح روح القانون وفلسفته وأهدافه حيث وجد الناس أنفسهم أمام غرامات شديدة المبالغة فضلا عن الإحالات إلى النيابة العامة والعسكرية مع حملات غير لائقة لإرهابهم باعتبارهم مجرمين لا يريدون التصالح.
• لم يراع فى التنفيذ روح القانون أو الأوضاع الاجتماعية والإنسانية كما ضاع الأثر التشريعى المنشود من إصدار القانون وذلك من خلال عمليات الإزالة أو الهدم أو قيمة الغرامات وبدلا من إحساس الناس بالسعادة والثقة لتقنين أوضاعهم والتصالح معهم والعمل على استقرارهم اجتماعيًا.
• التناقض فى التصريحات الحكومية من قبل المتحدث الرسمى بوزارة الإدارة المحلية "ممثلة للحكومة" وبين تصريحات رئيس لجنة الإدارة المحلية "بمجلس النواب" وكانت الفروق واضحة فى التصريحات من حيث فهم القانون وتحديد المسئولين للمخالفين وهنا ظهرت الحيرة على المواطنين وعدم رضائهم وغضبهم أحيانًا.
• أما التناقض الآخر فقد تجاهلت أطراف الحكومة بين وزارة الإدارة المحلية ووزارة الإسكان حيث لم يتم الفهم الصحيح لما أصدرته وزارة الإسكان من كتاب مهم فى 80 صفحة بشأن التصالح فى بعض مخالفات البناء وتقنين أوضاعها والصادر فى سبتمبر 2019 والذى يرد على 36 سؤلا عن كيفية إجراءات التصالح.. هذا الكتاب الذى شارك فيه علماء وخبراء ومهندسون فى الإسكان يعملون بمعهد التخطيط القومى للبناء ولجان التفتيش على المبانى والأجهزة القانونية ومركز بحوث البناء وغيرهم من المتخصصين وللأسف لم تتم الاستفادة من هذا الكتاب المهم وترك الأمر للإفتاء والفوضى والتناقض والتضارب على حساب المواطنين وحق الدولة.
• وللأسف انفرد المحافظون والإدارات المحلية فى التنفيذ دون ظهير شعبى بالمشاركة أو حتى التشاور مع أعضاء مجلس النواب أو القيادات الطبيعية فى الجمعيات الأهلية فى ظل غياب المجالس الشعبية وترك الأمر للتباهى باستعراض حجم الإزالات والهدم وحجم التحصيل المالى وعدد القضايا والمحاضر أمام المحاكم غير مراعين للأبعاد الاجتماعية والإنسانية التى قد تهدد الأمن والسلم الاجتماعى وتناسوا أن للقانون روح وطريقة للتنفيذ بعيدا عن الخشونة.
ومن هنا تصاعدت شكاوى المواطنين وعدم رضائهم بل وغضبهم أحيانًا حيث وجدوا أنفسهم بدلا من التصالح أمام المحاكم والمغالاة فى الغرامات والهدم وانكمش المواطنون وتراجع الأثر التشريعى الذى كان يستهدف مصالحهم ويعيد للدولة حقوقها وهيبتها المحترمه.
وهنا نتساءل أخيرا 
• هل هناك تناغم بين أجهزة الحكومة ووزارتها المختلفة؟
• هل هناك تدريب تم لقيادات الإدارات المحلية على طريقة إنفاذ القانون؟
• هل تمت الاستفادة أو الترويج والنشر الواسع للمواطنين لكتاب وزارة الإسكان المرشد للمواطنين على طريقة التصالح؟ 
وبعد نحن نثق فى اهتمام رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى فى تصحيح الأوضاع لهذا الملف الشائك من أجل صالح المواطنين وسلامة جبهتنا الداخلية.