السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نداء إلى وزير الشباب والرياضة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا بد وأن هذه السطور تحمل أمرًا خطيرًا طالما تصدرها نداء إلى وزير الشباب والرياضة أشرف صبحة المعنى الأول بذلك الخطب الجلل.
المسألة تتعلق باستغلال اسم احدى قمم هرم السلطة التنفيذية للدولة وهى وزارة الشباب والرياضة للدعاية لما هو مشبوه ومشوه وقائم على الخداع والتدليس،بهدف إضفاء نوع من الشرعية الكاذبة على منصة تنشط لنشر الانتهازية وكل ما يدور في فلكها من غش واحتيال ونصب.
قادتني الصدفة لقراءة إعلان عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عن استضافة قاعة المؤتمرات الكبرى بوزارة الشباب والرياضة مؤتمرًا دوليًا ينظمه كيان يسمى "مجلس علماء ومبدعى مصر والعرب" على مدى ثلاثة أيام متفرقة بين شهور أغسطس وسبتمبر وأكتوبر للعام الحالى.

إلى هنا يبدو الأمر عاديًا، لكن المفاجآت تأتى في تفاصيل الإعلان، فهذا المجلس المزعوم يعلن عن تخريج الدفعات ٣٤، ٣٥، ٣٦ لمنح شهادات علمية تبدأ بما أسماها شهادة الدكتوراة البحثية العلمية العليا وتمر بالباحث المبدع وتصل إلى الأستاذ الدكتور الباحث المبدع وسفير العلم وكل تلك الدرجات مربوطة بقيمة مالية محددة يسددها الحاصل عليها تتراوح بين ثلاثة آلآف و١٢ ألف جنيه.

ولا يكتفى هذا المجلس بمنح الدرجات والشهادات العلمية (المعتمدة) بحسب تعبير الإعلان المنشور،حيث يمنح أيضًا درجة السفير في العلوم والآداب والفنون كما يمنحها للأطفال وكل ذلك محدد أيضًا بقيمة مالية وفقًا للائحة هذا المجلس.

ويمنح أيضًا درجة المبدع لمختلف المناصب التعليمية بدءًا من وكيل الوزارة مرورًا بمدير المدرسة ووصولًا للمعلم والإخصائى والإدارى وكله طبعًا بثمنه،وحتى المصانع والشركات تستطيع الحصول على شهادة جودة من هذا المجلس مقابل ١٢ ألف وخمسمائة جنيه مصرى فقط لاغير.

ملحوظة الدرجات العلمية تُمنح على ورقة بحثية مكونة من خمس صفحات يتم تقييمها دون مناقشتها ودرجات السفير والمبدع وشهادات الجودة لا يتم منحها بناء على ترشيح من إحدى الجهات مثلًا.. كل ما عليك هو قراءة الإعلان ثم التوجه إلى المجلس ودفع قيمة الاشتراك في المؤتمر ودفع القيمة المالية المقدرة للدرجة العلمية أو الشهادة أو المنصب الذى تريد الحصول عليه وسيتم ذلك داخل قاعة المؤتمرات الكبرى بوزارة الشباب والرياضة، بمعنى آخر تستطيع أن تقول لمن حولك أن مجلس علماء مصر والعرب قد منحنى هذه الشهادة أو ذلك المنصب في مؤتمر دولى ضخم واحتفالية مهيبة تحت اسم ولافتة وزارة الشباب والرياضة.

وبالطبع من سيرى تلك الشهادة أو القلادة لم يسبق له وأن قرأ مقال للكاتب الصحفى والصديق ماجد حبته،الذى نشره قبل ثلاث سنوات محذرًا من استغلال نفس هذا المجلس اسم ومقر نادى الصحفيين، حيث عقد مؤتمرًا علميًا دوليًا منح خلاله شهادة الدكتوراة البحثية العليا في الطب الفرعونى،ولو قرأه سيكتشف أن نقابة الصحفيين لم تكن المسئول عن تأجير قاعة النادى، وإنما أيضًا وزارة الشباب والرياضة،وبعبارة أخرى أنه لا غبار على هذا المجلس طالما أن وزارة الشباب والرياضة مُصرة على استضافة مؤتمراته كل تلك الأعوام رغم تحذيرات الصحفيين،وإعلان رئيس جامعة القاهرة الأسبق دكتور جابر نصار تنصله من هذا المجلس واستنكاره لاستغلال اسمه كرئيس للجامعة كما ذكر الزميل ماجد حبته في مقاله.

ربما لا تكون هناك مخالفة قانونية صريحة يرتكبها هذا المجلس خاصة وأنه اختار مسمى لدرجة الدكتوراة غير المسمى العلمى المتعارف عليه في الجامعات المصرية،لكن هذا لا ينفى شبهة التحايل عندما يسمي الشهادة التى يمنحها "الدكتوراة البحثية العلمية العليا".

والأخطر من ذلك أن يقوم بمنح شهادات جودة مقابل مبالغ مالية ما يفتح الباب على مصرعيه أمام مصانع "بير السلم" التى تحتاج إلى اسم فخم مثل مجلس علماء مصر والعرب ليمنحها شهادة مقابل بضعة آلآف من الجنيهات تستغلها فيما بعد للنصب والاحتيال على البسطاء.

يقينى أن المهندس أشرف صبحى الوزير الشاب والنشيط لم يقرأ تفاصيل الإعلان الذي نشره المجلس قبل بدء موسمه الجديد ليتقدم الراغبون في الحصول على الدرجات والمناصب العلمية والدبلوماسية المختلفة ولو فعل لما اهتم بالعائد الذى سيحققه إيجار قاعة المؤتمرات الكبرى،ولسارع إلى إنهاء هذه المهزلة وربما إلى إبلاغ النائب العام،لأنه يدرك جيدًا أن مهرجانات كهذه التى تُباع فيها الألقاب العلمية والدبلوماسية الرفيعة وشهادات تقييم الأداء من شأنها تكريس قيم الانتهازية والفهلوة وقتل قيم التعلم والعمل والاجتهاد وبذل الجهد والعرق،علاوة على أن تلك الشهادات قد تستخدم في ارتكاب جرائم النصب والاحتيال والتربح،ناهيك عن جريمة انتحال الصفة،ويقينى أنه لن يسمح أن تكون قاعات وزارة الشباب والرياضة ساحة للغوغائية والعشوائية وأنه سيبادر للتصدى لهذه الظواهر كجزء من عمله ودوره في مواجهة القيم السلبية التى تهدد المجتمع خاصة وأن مراكز الشباب التابعة له تعمل في إطار سياسة تقويم البدن والخلق في آن واحد.