السبت 01 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

القبول

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتوالى الحلقات النقاشية هذه الأيام في المحطات الفضائية عن "كاريزما الرئيس"، وهل نحتاج إلى رئيس ذي كاريزما، إضافة إلى رئيس يحقق طموحات وأحلام الشعب، وما يهمني كملحن اشترى معظم كتب الكاريزما والتي تنشر في الغرب، ولأننا نعتقد في الشرق عموما وفي مصر خصوصا أن القبول من عند الله، ولا يوجد عندنا متخصصون في صناعة القبول بعكس الغرب الذي تنتشر فيه هذه الصناعة، ويضاف الجديد في كل يوم، ولأني مصري وأؤمن أن القبول من عند الله، لكن قد يكون للشخص عادات تجعل بينه وبين الجماهير سدا منيعا لا يحقق له القبول الواجب.
وأؤمن أن صناعة القبول هي هدم لهذا السد الذي يحول بين الرئيس أو المطرب أو الممثل وجمهوره، فلا بد أن نعترف أن جزءا من متطلبات الرئاسة عند أي رئيس هي قدرته على الإقناع بما يعتقده وما يبعث الروح في أمته أو في جمهوره إذا كان مطربا أو ممثلا، وأول هذه القواعد التي تصنع القبول أن يعرف (وسأتكلم عن المطرب لأن هذا تخصصي ولباقي المهن أن تستفيد من هذه الملحوظات) أن يعرف الإنسان عيوبه للتخلص منها أو للمبالغة فيها، وسأتكلم عن أحد العيوب التي يجب إلغاؤها مثل التهتهة أو تقديم العمل المراد تقديمه بخجل، فالمطرب الذي يخجل من الجمهور يخجل الجمهور من التصفيق له، بل ويشك في حسن أدائه حتى لو كان أداؤه ممتازا.
وأحد العيوب التي يجب عدم إخفائها هي العيوب الجسدية التي لا دخل للإنسان فيها، فإذا كان المطرب مصابا بشلل الأطفال مثلا فلا يجب أن يصطنع المشي المتوازن، بل يجب أن يمشي كما يمشي في الحياة العادية، ولنا في إسماعيل يس الذي كان كبير الفم مثلا واضحا، فبدلا من أن يحاول تصغير فمه كان يشير إليه ويقول "أخبي أي حاجة في بقي"، أيضا من المعروف أن الممثل المجيد يستغل ما حباه الله به من خلقة للافتخار بها، فكما أن الخجل معد أيضا الافتخار معد، فمثلا شعبان عبد الرحيم هزم كل من يريد أن يسخر منه بقول الحقيقة، وأنه كان "مكوجي رجل" وقال "لو مش هانفع في الغنا هارجع للمكواة"، وعندما سأل عن الجاكيت المخطط بألوان قوس قزح قال "علشان يمشى مع الطقم"، والأمثلة كثيرة، لكن هذا المطرب الناجح لا يخجل من حجمه الكبير ولا من عدم ثقافته المتعارف عليها، بل أنا أقول إن ثقافته الشعبية قد مكنته من أن يكون على أعلى مراتب القبول.
أيضا الخلفية، ماذا فعلت من أعمال قبل الآن، فلم نكن نرى أم كلثوم قبل ظهور التليفزيون، وكنا نتخيل شكلها كالملائكة، لأن صوتها الملائكي في الأغاني العاطفية والهادر في الأغاني الوطنية والساخر في الأغاني الكوميدية "قول لي ولا تخبيش يا زين" تجعل المستمع يتخيلها بصور شتى، لكن بعد ظهور التليفزيون قيل لنا إن الست طلبت عدم تصويرها لقطات مقربة جدا (كلوز أب)، وأنا لم أكن مع هذا الرأي، لأن تاريخ الست يجعل منها أجمل وأعظم مما تعتقد هي نفسها.
وأنا كنت من المعجبين بالمطرب الفرنسي شارل إزنافور وذهبت لأشاهده في فيلم فرنسي لا أذكر اسمه، لكنى فوجئت وأنا خارج من دار السينما بمن يقول إن شارل إزنافور قصير جدا...!! ولم ألاحظ هذا بل كنت أظن أنه عملاق إلى أن قال هذا الرجل هذا القول لأنني كنت أرى إزنافور بأذاني لا بعيني.
أيضا من ضمن صناعة القبول ألا تخفي شيئا من ماضيك، بل تعترف بالفضل لمن كان له فضل عليك، وتعترف أيضا بخستك ونذالتك في بعض الأحيان وتعتذر عنها، لأنك ستكون عرضة للنبش في ماضيك وما تخفيه الأيام تكشفه الشهور والسنين.
أيضا يجب أن تكون فخورا بنفسك وبما حققته، ولا تستح مما فعلته، بل تواجهه بكل شجاعة ولا تتحجج بأن الوقت كان غير مناسب أو أن الظروف أو....
وأخيرًا نتمنى للرئيس أو المطرب أو الشخصية العامة أن تسقط السد بينها وبين الناس، فالقبول من عند الله كاملا، ونحن نصنع عدم القبول بأنفسنا.