الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مجلس الشيوخ بين السياسي والانتخابي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تم فتح باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ "الشورى سابقًا" لاستكمال انتخابات البرلمان والمجالس المحلية حتى تكتمل التنظيمات السياسية الشعبية حسب الدستور باعتبار أن السلطة التشريعية هى السلطة الشعبية وهى السلطة الأهم، حيث إنها تقوم بتشريع القوانين التى تحكم على أساسها السلطة القضائية في الوقت الذى تراقب فيه السلطة التشريعية الحكومة كسلطة تنفيذية،بما يعنى بداهةً أن السلطة التشريعية بغرفتيها هى السياسة الحقيقية بالمعنى العلمى والواقعى بمفهوم السياسة كعلم والارتباط بالجماهير ارتباطًا سياسيًا حتى يكون تمثيلهم تمثيلًا سياسيًا نيابيًا صحيحًا وحقيقيًا، وتمثيل الجماهير هنا يعنى القدرة على الارتباط الحقيقى بالمواطن من خلال المعايشة والتعرف على مشكلاته وقضاياه وإمكانية التعبير عنها برلمانيًا، وهذه القدرة ليس بالضرورة أن يمتلكها من درس وحصل على أعلى الدرجات العلمية، كما أنه لا يحرم منها من هم لا يحملون مؤهلات علمية، فالقضية هنا من هو السياسى؟ السياسى هو ذلك الذى يلتحم بالجماهير ويعيش مشكلاتهم ويتبنى قضاياهم من خلال رؤية سياسية وبرنامج سياسي، ويكون لديه القدرة النظرية والعلمية والواقعية لتحقيق هذا البرنامج على أرض الواقع، وفى ظل التعددية يكون برنامج الحزب هو العقد بين الحزب والجماهير، وهذا يعنى أن الحزب وكوادره وقياداته يجب أن يكونوا مؤمنين بالمواطن ولا يفصلون مشكلاتهم الشخصية وطموحاتهم الذاتية عن مشكلات وطموحات المواطن، أى أن السياسى هو الذى يدفع ولا يأخذ الذى يبذل نفسه من أجل الآخر ولا يطلب ما لنفسه، ولذا فهذه النوعية من السياسيين والمناضلين الشرفاء يظلون دائمًا في ضمير الشعب والأمة، أما الانتخابى فهو ذلك الذى تستهويه المظاهر ويريد أن يستكمل نقصه الذاتى بمواقع سياسية تأتى له بالموقع والحصانة، هو ذلك الذى شاء القدر أن يمتلك المال "في الغالب بطرق غير مشروعة" ويريد أن يجمع بين المال والسلطة، هو ذلك الذى يقوم بدور الوريث الذى يجب أن يورث المقعد الذى حاذته العائلة أو القبيلة طوال الوقت ومع كل الأنظمة، فلا يهم نوع السلطة ولا نوعية الحاكم ولكن الأهم هو الكرسى والحفاظ عليه وفى سبيل هذا الكرسى كله يهون، هو ذلك الذى يظهر قبل الانتخابات ليرتبط بالشارع ارتباطا مؤقتا ويقوم بالمجاملات في التعزية والأفراح والزيارات لزوم الشيء،وبعد حصوله على المطلوب لا تجده ولا تشاهده ولا يتذكر علاقته بالجماهير إلا مع اقتراب الانتخابات التالية، الانتخابى هو ذلك الذى يحفظ سيلا من الشعارات والعبارات التى تدغدغ العاطفة وتلعب على الحواس وتزكى الطائفية والقبلية،وكله حسب الطلب وحسب نوع الشخص أو الموقع الذى يخاطبه، فهو ذلك الذى يظهر مؤيدًا للمؤيد ومعارضًا أمام المعارض، فهو ذلك الذى يجيد اللعب بالثلاث ورقات أمام المسئول ليمدحه بل ينافقه على أمل أن يحقق له ما يريد، في الوقت الذى يكون فيه المسئول مُقصرا ويجب أن يحاسب لا أن ينافق، وأمام المواطن صاحب المشكلة يسب ويلعن هذا المسئول فيصبح نفاقه نفاقا مزدوجا للمسئول وللمواطن، الانتخابى هو الذى ينتظر الآوامر والتعليمات من كل الجهات بدءًا من الحزب الذى ينافقه لكى يرشحه في ظل الأنظمة الانتخابية، أو من أى جهة أخرى لكى ينال الرضى. فما الحل؟ الحل ليس باستمراء الكلمات وإطلاق الشعارات والكتابة في وسائل التواصل، الحل ليس في نقد الانتخابيين أمام الجماهير شكليًا والوقوف خلفهم في الانتخابات، فنجد من ينتقد ولا يعارض، والمعارضة غير النقد، فالمعارضة موقف ورؤية، أما النقد فهو حالة من إثبات الوجود لذات غير موجودة، فالمنتقدون تجدهم أول من يصطف في صفوف الانتخابى لضمان علاقة يمكن أن تفيده شخصيًا مستقبلًا، أو قل مساندة لزوم الادعاء بأنه صاحب النائب بل هو الذى جاء بالنائب.
يا سادة الأمر مهم جدًا ونحن يجب أن نتجاوز الكلام إلى مرحلة الفعل، الفعل هام مهما كان صغيرًا، فالتراكم هو أداة التغيير الحقيقي، فعل وفعل وموقف وموقف يحدث ثقافة ثم وعيا ثم موقفا مبنيا على مبدأ وبقناعة، الكل مسئول عن فكره وموقفه واختياره، فاختار ما تريد بإرادة حرة وشجع الآخرين على حرية الاختيار بلا وصاية، فلا تغيير بدون فعل ولا إنتاج بدون عمل ولا تقدم بدون أمل ولا وطن بدون انتماء نعطى فيه حتى يعيد لنا الوطن ما أعطينا. حفظ الله مصر وشعبها العظيم.