الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الدكتور وجيه يوسف يصدر بيان توضيحي بشأن التراث العربي المسيحي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الدكتور القس وجيه يوسف، باحث في التراث العربي المسيحي، تحت عنوان " أصل البيان في إيضاح البهتان"، تردّدتُ كثيرًا في الكلام في هذا الشّأن—وخاصةً على مساحةٍ لا أرى أنّها تكفي لإقامةِ حواراتٍ لاهوتيّةٍ عميقةٍ. ولكن، مع تزايد حدّة الكلام، وكثرة الاتّهامات، والافتراءات، وجبَ الحديثُ والبيانُ.
وأضاف " يوسف " عبر البيان الصادر عنه منذ قليل، بان أوّلُ كلِّ شيءٍ، ولأنّني أومنُ بوحي الكتاب المقدّس، كما تُعلّمُ به كنيستُنا الإنجيليّة في مصر، في دستورها، والمادة ٣، فإنّي أستغربُ أن يقومَ البعضُ بتمريرِ أكاذيب، واتّهامات تطولني دون أن يتحقّقوا من صدق ما يقولون، أو صحّة ما يُروّجون. إنّنا مأمورون من كلمةِ الله أن نتكلّم إلى بعضنا البعضُ أوّلًا، وألّا ننشرَ كلامًا لا نتأكّدُ من صحّته. فالنّميمةُ والافتراءُ من الخطايا التي يحذّرنا منها الرّبّ (رو ١: ٣٠).
وتابع الدكتور وجيه يوسف: ما التّراثُ العربيّ المسيحيّ؟ هو كلّ ما خلّفه لنا جدودُنا اللّاهوتيّون والمفكّرون العرب المسيحيّون من كتابات لاهوتيّة وغير لاهوتيّة. معروفٌ أنّ الوجودَ العربيّ المسيحيّ في بلادنا قديمٌ بقدمِ يوم الخمسين (أع ٢: ١١). العربُ المسيحيّون المعاصرون موجودون اليوم في الإيمان المسيحيّ بسببِ أمانةِ وشهادةِ أولئك الذين أخذوا على عاتقهم مصالحةَ الإيمان المسيحيّ مع السّياق العربيّ الذي حلّ بحلولِ الإسلام بدءً من مطلع القرن السّابع الميلاديّ—مَثَلَهم في ذلك مَثَلُ المصالحةِ التي قام بها آباءُ الكنيسة قديمًا مع السّياق الهيلينستيّ. لقد أخذ اللّاهوتيّون العرب المسيحيّون بوضعِ نصوصٍ لاهوتيّةٍ أمينةٍ لكلمةِ الله، وواضحةٍ للقرينةِ العربيّةِ—الأمر الذي أعطى الكنيسةَ في العالم العربيّ فرصةً للتّعبير عن جوهر إيمانها، وفحوى عقيدتها.
واستطرد الدكتور وجيه يوسف، درستُ في التّسعينيّات، في كلّيّتنا، كلّيّة اللّاهوت الإنجيليّة، بالقاهرة، مَسَاقًا عن التّراث العربيّ المسيحيّ، مع أستاذي الدّكتور القسّ مارك سوانسن. ساعَتَها شعرتُ بأنّ عينّي انفتحتا لكنوزٍ ما كنتُ أظنّها موجودةً. وصار عندي شغفٌ كبيرٌ للمعرفة والتّعلّم. ثمّ، أُتيحت لي فرصةٌ لحضور المؤتمر السّنويّ لأصدقاء التّراث العربيّ المسيحيّ. أسسّ الپروفيسور الأبّ سمير خليل اليسوعيّ، مع مجموعةٍ من رجال الدّين المسيحيّ والباحثين المسيحيّين هذه المجموعة البحثيّة غير الرّسميّة، في عام ١٩٩٢. رأيتُ في الرّجلِ وداعةَ الطّفلِ، وعلمَ الشيخِ. فقررتُ أن أعرف عن هذا العلم أكثر. فدرستُ درجة الماچستير في التّراث العربيّ المسيحيّ. ثمّ، درستُ درجةَ الدّكتوراه (PhD) في نفس المجال، في جامعة برمنغهام، بالمملكة المتّحدة. وكمْ كان شرفي عظيمًا، حين تمّ اختيار الأب سمير خليل ليكون مُمتحنًا خارجيًّا للرّسالة!

وكشف الدكتور وجيه يوسف قائلًا: بعد ذلك، تشرّفتُ بإدارة مركز دراسات مسيحيّة الشّرق الأوسط، التّابع لكلّيّة اللّاهوت الإنجيليّة. يُعْنَى المركز بدراسة تاريخ ولاهوت الكنيسة في العالم العربيّ، كذلك قمتُ بتدريس مادّة التّراث العربيّ المسيحيّ لمدّة ١٥ سنة. في المركز، نظّمتُ العديد من النّدوات والمحاضرات العامّة التي تنبّرُ على أهمّيّة التّراث العربيّ المسيحيّ، والتّفاهم والعيش المشترك بين بنات وأبناء الوطن الواحد. وتشرّفتُ بدعوة أكاديميّين من أطيافٍ متعدّدةٍ. فتكلّم في ندوات المركز المختلفة أساتذةٌ من جامعة الأزهر، وأساقفةٌ وأكاديميّون من كنيستنا القپطيّة الأرثوذكسيّة، وآباءٌ كاثوليك ويسوعيّون. وكان المركزُ منبرًا أكاديميًّا رسالتُه السّلامُ، والفهمُ المشترك. كما نظّمتُ برنامجًا فريدًا من نوعه، بالتّعاون مع الصّديق العزيز الأستاذ الدّكتور لؤي محمود سعيد، مدير مركز الدّراسات القپطيّة، بمكتبة الإسكندريّة. 
نظّمتُ برنامج "دپلوما التّراث العربيّ المسيحيّ." والتحق في هذا البرنامج طلّابٌ مسلمون ومسيحيّون، وباحثون، وكهنةٌ، وقسوسٌ، وأئمةٌ؛ وقام بالتّدريس فيها أسقفان وكاهنٌ من كنيستنا القپطيّة الأرثوذكسيّة، وأبٌ يسوعيٌّ، إلى جوار الصّديق الفاضل الأستاذ الدّكتور لؤي محمود. قرّبت هذه الخبرةُ الأكاديميّةُ الفريدةُ الباحثينَ من بعضهم البعض، وأتاحت للجميع فرصةً للتّواصل والفهم. وقد شرّفنا الدّكتور مصطفى الفقيّ، مدير مكتبة الإسكندريّة، بإلقاءِ كلمةِ حفلِ التّخرّج. وأنابَ عن سيادته، العامَ الماضي، الصّديقَ العزيز الأستاذ الدّكتور سامح فوزي، رئيس قطاع الإعلام والاتّصال بمكتبة الإسكندريّة، لإلقاءِ كلمةِ الحفل.
كذلك، قام المركز بنشرِ عددٍ من الكتب، ونظّمَ مجموعةً من المؤتمرات الدّوليّة. كلُّ هذه الفعاليّات متاحةٌ على شبكة الإنترنت، لمَنْ يسعى وراء المعرفة. متاحٌ أيضًا برنامجٌ مهمّ على قناة سات-٧، اسمه "بيت الحكمة،" أتحدّث فيه، في ١٣ حلقة، عن التّراث العربيّ المسيحيّ. أتناولُ في كلِّ حلقةٍ نصًّا لاهوتيًّا عربيًّا مسيحيًّا، وأستضيف متخصّصًا للحديث عن قضايا مرتبطة بموضوع النّصّ. شرّفني في البرنامج مفكّرون مسلمون، ورجالُ دينٍ مسلمون، ومسيحيّون، وقسّان إنجيليّان. 

وتابع الدكتور وجيه: أذكرُ كلَّ هذا للتّأكيد على أنّ التّراث العربيّ المسيحيّ هو تعبيرٌ أمينٌ عن اللّاهوت المسيحيّ في السّياق العربيّ. هكذا كان في القديم، وهكذا هو اليوم. ليتنا نقرأ نصوصًا كالتي أبدع فيها اللّاهوتيّ أبو رائطة التّكريتيّ (القرن التّاسع للميلاد)! لنتعلّم من فلسفة ومنطق الفيلســـــوف العربــــــــيّ المسيحيّ الكبــــــــــير أبـــــــي زكريّا يَحْيَى بن عَـــــــديّ (ت. ٩٧٤م)! لنُنْصت إلى حكمة اللّاهوتيّ القپطيّ ساويرس بن المقفّع (القرن العاشر للميلاد)! لنقرأ ما أبدعه اللّاهوتيّ القپطيّ بولس البوشيّ (أسقف مصر عام ١٢٤٠م)! إنّ المفردات التي نستخدمها للتّعبير عن الإيمان تُمِيتُ الإيمانَ، إنْ لم تكن حيّةً ومتناسبةً مع السّياق، في أمانةٍ مطلقةٍ لكلمةِ الله، وللعقيدة المسيحيّة، كما عَرَفتها الكنيسة، وعَرّفتها في قوانين الإيمان المسكونيّة. حتمًا، يبقى الجوهرُ ثابتًا، ولكن تتغيّر المفردات لتناسب السّياق. هذا ما فعله اللّاهوتيّون العرب المسيحيّون، منذ ظهور الإسلام، إذ أخذوا يعبّرون عن تراثهم اللّاهوتيّ الغنيّ بمعطيات لغويّةٍ جديدةٍ. كتبوا، وعلّموا، وبنوا الحضارة العربيّة-الإسلاميّة جنبًا إلى جنبِ العلماء المسلمين، طَبّبوا الخلفاءَ العبّاسيّين، عملوا في التّرجمة والنّقل والدّواوين، واشتغلوا في العلومِ كلّها. والأهمّ من ذلك، فقد حفظوا لنا وديعةَ الإيمان، وأكّدوا على تجذّر المسيحيّة في الحضارة العربيّة. وقاموا بنقلِ كلمةِ الله إلى اللّغة العربيّة بدءً من القرن التّاسع للميلاد. وتمتلئ متاحفُ العالم ومكتباته بعددٍ كبيرٍ من هذه المخطوطات والتّرجمات. أذكرُ، لضيق الوقت، إنجازَ العالِمِ والطّبيب المشهور حنين بن إسحاق العباديّ الذي ترجم السّبعينيّةَ إلى اللّغة العربيّة في القرن التّاسع، والمفكّرَ القپطيَّ أبا الفرج هبة الله بن العسّال الذي وضع ترجمةً رائعةً للبشائر الأربعة في القرن الثّالث عشر للميلاد. كذلك، ترك لنا هؤلاء اللّاهوتيّون تراثًا كتابيًّا تفسيريًّا غزيرًا، فوضع الفيلسوف واللّاهوتيّ عبد الله بن الطّيّب (ت. ١٠٤٣م) تفسيرًا كاملًا لكلّ أسفارِ الكتاب المقدّس. كذلك كتبوا في شتّى مجالات العلوم الدّينيّة والدّنيويّة. انظر مثلًا الكتابات الفلسفيّة والمنطقيّة التي وضعها الفيلسوف العربيّ المسيحيّ أبو عليّ عيسى بن إسحاق بن زُرْعَة (ت. ١٠٠٨م). وهكذا، تصالحوا جميعًا مع سياقهم، أجلَّ مصالحةٍ، صائرين نورًا لعالمِهم، وملحًا لأرضِهم، كما أوصى الرّبّ، له المجد. هذا هو التّراث العربيّ المسيحيّ الذي يشير إليه البعض، دون علمٍ، أو معرفةٍ، بشكلٍ لا يليقُ بأولي الألباب. إنّ أدوات البحث متاحةٌ اليوم للجميع. فلنبحث، ولنقرأ بأنفسِنَا لأنفسِنَا، ولنتعلّم، ولا نردّدُ الكلامَ باطلًا. التّراثُ العربيّ المسيحيّ هو شهادةٌ عن عمل الرّوح القدس في بلادنا، وعن أمانةِ وإيمانِ جدودنا. فله—تباركَ اسمُه—كلَّ الحمدِ من أجلهم؛ ولهم كلَّ التّقدير والعرفان.

وأضاف الدكتور وجيه يوسف، خلال فترة إدارتي للمركز، انضمّمت لمجموعة "أصدقاء التّراث العربيّ المسيحيّ،" وهي مجموعةٌ دراسيّةٌ مسيحيّةٌ مسكونيّةٌ غير رسميّة، تشمل تمثيلًا لكلّ كنائس مصر. وتنظّمُ في شهر فبراير من كلِّ عامٍ مؤتمرًا أكاديميًا، يُعْقَد بالجهود الذّاتيّة، لمناقشةِ أوراقٍ بحثيّةٍ يقدّمها باحثون في التّراث العربيّ المسيحيّ. نظّمتُ في المركز اللّقاءَ السّادسَ والعشرين للمؤتمر السّنويّ سالف الذّكر، وشرُفتُ بمشاركةِ أسقفَين من كنيستنا القپطيّة الأرثوذكسيّة، إلى جوارِ عددٍ كبيرٍ من الآباء الرّهبان، من أديرةٍ مختلفةٍ، وآباء وباحثين كاثوليك، وقساوسةٍ وباحثين من كنيستنا الإنجيليّة بمصر، إلى جوارِ عددٍ من الباحثين المسلمين. هذا الثّراءُ لا يهدف إلّا لتسليط الضّوء على التّراث الغنيّ للكنيسة في العالم العربيّ، ونشر ثقافة التّعايش السّلميّ في المجتمع. لا توجد "مؤامرة." فكلُّ ما نعملُ، نعملُ في النّورِ؛ وكلُّ ما نقولُ مسموعٌ للقاصي والدّاني. 

وأضاف الدكتور وجيه يوسف، أمّا بشأن ما ادّعاه البعض، بجهلٍ أيضًا، بشأن مؤامرات عالميّة تهدف لتوحيد الأديان، وتقديمِ دينٍ جديدٍ، فيبدو أنّ هؤلاء لا يعرفون أنّ الدّين، أيَّ دينٍ، لا يقبلُ نظريّة الدّمج "المزعومة" هذه. كلُّ الأديان عندَها فكرٌ حصريٌّ بصحّة معتقدها. لكنّ الاقترابَ الحقيقيّ إلى الله يستلزمُ انفتاحًا على الآخر، ويشترط محبّةً صادقةً، لا كلماتَ ودٍّ زائفةٍ. من هذا المنطلق، مَثلّتُ كلّيَّتَنَا، كلّيّة اللّاهوت الإنجيليّة، حين كنت أخدمُ فيها كأستاذٍ لمادةِ للّتراث العربيّ المسيحي، في لقاءين عقدهما مركز (KAICIID) بهدف تأسيس شبكةِ الكلّيّات والمعاهد الدّينيّة الإسلاميّة والمسيحيّة في العالم العربيّ. جديرٌ بالذّكر أنّ المركز تأسّس عام ٢٠١٢، بعد لقاءٍ تاريخيٍّ بين الرّاحل جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز، ملك المملكة العربيّة السّعوديّة، وقداسة پاپا الڤاتيكان، پنديكتّوس السّادس عشر، عام ٢٠٠٧. اشتركت مملكة إسپانيا، وجمهوريّة النّمسا في التّأسيس أيضًا. وفي الاجتماع التّأسيسيِّ للشّبكة تمّ اختيار ممثّلَ إكليركيّة الأقپاط الأرثوذكس مقرّرًا، في دورةٍ أولى. لقد كان هدفُنا جميعًا التّفاهم، والتّعاون، ونشر رسالة السّلام، لأنّنا نؤمن بأنّ طلّاب المعاهد الدّينيّة يمكنهم تعزيز قيم العيش المشترك وبناء السّلام في المجتمعات العربيّة. كذلك، اشتركتُ في برنامج الزّمالة الدُّوليّة للحوار التي ينظّمها المركز باللّغة الإنجليزيّة، وتخرّجت فيها العام الماضي. ينظّمُ المركزُ أيضًا برنامجَ زمالةٍ في العالم العربيّ، باللّغة العربيّة، وقد اشترك فيها أساتذةٌ من جامعة الأزهر وكاهنان وأساتذة من كنيستنا القپطيّة الأرثوذكسيّة، وعددٌ كبيرٌ من الباحثين. يقومُ كلُّ خريجٍ في برنامج الزّمالة بتنفيذِ مبادرةٍ صغيرةٍ تعبّر عن قيم التّفاهم والعيش المشترك. تَمَثّلَت مبادرتي في تحقيقِ ونشرِ أربعةِ نصوصٍ من القرن التّاسع للميلاد، نشرتُ نصّين كتبهما عالمَان مسلمَان، ونصيّن آخرين وضعهمَا لاهوتيّان مسيحيّان. وقد أقامت الأكاديميّة الدّوليّة للحوار (التّابعة لمجلس الحوار والعلاقات المسكونيّة، بسنودس النيل الإنجيليّ) حفلَ إطلاقِ هذا الكتاب. وقد تشرفتُ جدًّا بحضور إحدى عضوات مجلس النّواب المصريّ، وعددٍ من أساتذة الجامعات المصريّة، إلى جوار عددٍ من الأئمّة والكهنة الأقپاط الأرثوذكس والقساوسة الإنجيليّين. إنّ السّعي وراء السّلام، والعمل على تحقيقه لهُوَ مشروعٌ واجبٌ على كلِّ من يحبُّ اللهَ، ويحبُّ وطنَه. أمّا نشرُ الأكاذيب بشأن مؤامرات تُحاك لتوحيد الأديان فهذا افتراءٌ، ما بعدَه افتراءٌ. لا نيّةَ عند أيٍّ من المشاركين لفعلِ هذا الأمر. كلُّ هدفنا هو التّفاهم والعيش في سلامٍ مجتمعيٍّ كأخوةٍ نعمل لخير مصرنا العزيزة. ويمكن لأيِّ باحثٍ عن استجلاء الحقيقة الولوج إلى موقع المركز على شبكة الإنترنت ليقرأ عن فلسفة المركز بشأن العلاقات بين أتباع الأديان. يقول المركز إنّ "مهمّة الحوار هنا هي عدمُ تحويلِ الاختلافِ إلى خلافٍ؛ حيث إنّ الحوار في رسالته الإنسانيّة لا يسعى إلى إدانةٍ أو إلى تصحيحٍ أو إلى إزالةِ الخلافات بين النّاس، ولكنّه يعمل على إرساء ثقافةِ احترامِ التّعدّد والتّنوع على أنّها قائمة ومستمرّة. فالسّلامُ بين البشر لا يكون بإلغاءِ الاختلافات، بل باحترامها عن طريق الحوار."

واختتم الدكتور القس وجيه يوسف باحث في التراث العربي المسيحي، أخيرًا، أذكّر نفسي، وقارئَ هذه الرّسالة، بكلمات الرّبّ يسوع المسيح: "وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ، فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا" (إنجيلُ المسيح بحسب القدّيس متّى ١٨: ١٥). يا ليت الذين تسرّعوا، ونشروا الباطلَ، تواصلوا مع أصحاب الشّأن، بروحِ الوداعةِ، وبرغبةٍ في التّعلّم، بدلًا من نشر الأكاذيب هنا وهناك! ليّتنا نتمثّلُ بسيّدنا، ولا ننشر الزّيفَ، بل نتحقّق ممّا يُقال، وممّا نقولُه، بدورنا، للآخرين. لنمتحن الأرواح والأزمنة! أخيرًا، ولأنّني أجتهدُ أن أتمثّل بالمسيح، فإنّي أسامحُ وأغفرُ لمَنْ أساءَ إليّ، عملًا بأمرِ كلمته المقدّسة: "...مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضًا فِي الْمَسِيحِ" (أف ٤: ٣٢).