السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

خبير حركات الإسلام السياسي: سقوط أردوغان يعني ضياع الإخوان.. وائل صالح: تركيا مختزلة في شخص واحد.. وأعضاء «الجماعة» يعملون على تجييش مواطني الدول العربية ضد دولهم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يمثل الدكتور وائل صالح تجربة ثرية للبحث الأكاديمى في فهم ودراسة حركات الإسلام السياسي، حيث حصل على الماجستير في العلوم السياسية التطبيقية عام 2011 بتقدير امتياز من جامعة شيربروك بكندا، ثم الدكتوراة في العلوم الإنسانية التطبيق تخصص علوم سياسية ودراسات إسلامية عام 2016 بمرتبة الشرف الأولى من جامعة مونتريال بكندا، وتم تسجيل اسمه في لائحة شرف رئيس الجامعة عام 2017.
«البوابة نيوز» تحاور الدكتور وائل صالح للحديث عن مستقبل دولة الملالى في إيران، ودعم قطر وتركيا للإخوان والإرهاب، ومصير الجماعة الإرهابية حال سقوط الرئيس التركى رجب طيب أردوغان.. فإلى نص الحوار..
تجربة الملالى أكبر دليل على فشل التجربة الإسلاموية.. وأمريكا احتلت إيران إلكترونيا
■ كيف تجد انتشار جماعة الإخوان المسلمين في كندا، وهل تدرك الحكومة الكندية خطورة هذه الجماعة؟
- تتميز النخب المسلمة السُنيّة في كندا بتعدد مرجعياتها وأشكال التدين الرئيسة فيها؛ ويمكن الإشارة إلى ثلاث منها: الإصلاحية، الإسلاموية، والليبرالية والإنسانوية، وكل شكل من أشكال التدين تلك يقدم أنموذجًا نظريًا، فلسفيًا، سياسيًا، دينيًا وأخلاقيًا مختلفًا إلى الكنديين ذوى الإيمان والثقافة المسلمة. وحال التوتر بين هذه التيارات الثلاثة التى تعيش عليها وتغذيها جماعة الإخوان قد ساهم بلا جدال في توليد الكثير من التحديات مثل الاندماج، التعددية الدينية، العيش معا، التطرف والعنف باسم الإسلام، رهاب الإسلام، التى يواجهها الكنديون اليوم، معتنقو الإيمان والثقافة الإسلامية. 
وأستطيع أن أقول إن الإسلاموية ليست هى التيار الذى يمثل غالبية المسلمين هنا في كندا، ولكن هو التيار الأكثر تنظيمًا والأكثر ظهورا في وسائل الإعلام الكنداية وفى النقاشات حول المسلمين في ذلك البلد يستهدف الإخوان من ذلك أولًا: وبالطبع تحقيق مصالحهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وثانيًا: لتعمل كجماعة ضغط لصالح التنظيم الدولى وأهدافه الجيوسياسية، ثالثًا: شيطنة الأنظمة العربية. ورابعًا تجييش مواطنى الدول العربية ضد دولهم الوطنية.
وأظن أن بعض الجهات الحكومية في كندا تدرك خطورة الجماعة، ولكن في بلد يمثل فيه المسلمون نحو (٣.٦٪) من مجموع سكان كندا وفى ظل وجود مراقبة حثيثة للمساجد للتعامل الفورى مع أى خطاب يحض على العنف، فأغلبية متخذى القرار لا يرون خطورة ملحة وآنية، خصوصا بعد هزيمة داعش في العراق وسوريا وتشديد الرقابة على سفر الشباب الذى له تاريخ في التطرف إلى تركيا. 
وعام ٢٠١٥ كان عامًا مصيريًا في محاربة التطرف باسم الإسلام، فلقد شهد هجومين استهدفا جنودًا في مدينة سان جان سور ريشليو من مقاطعة كيبيك شرقى كندا، وفى برلمان العاصمة الاتحادية أوتاوا. الهجومان نفذهما شابان اعتنقا أفكارًا متشددة، بفارق يومين في ٢٠ و٢٢ أكتوبر من نفس العام بدأت السلطات الكندية توقف الكنديين اللذين يبثون مواد دعائية لصالح تنظيم الدولة الإسلامية ويحرضون على القتل باسم الجهاد، فاعتقلت السلطات على سبيل المثال عثمان إياد حمدان في مقاطعة كولومبيا البريطانية أقصى غربى البلاد. في نفس العام تم إنشاء «مركز الوقاية من التطرف الذى يقود إلى العنف» في مدينة مونتريال. في تلك السنة تحديدا لاحظت رغبة من السلطات الكنداية لتحجيم الإخوان المسلمين في كندا والتدقيق في مصدر أموال الجمعيات التابعة لها مثل ISNA وMAC. 
■ إذن ما الطريقة الأمثل لاكتشاف الدول الغربية لحقيقة حركات الإسلام السياسي؟
- الأجهزة المعنية في الدول تعرف بالطبع حقيقة حركات الإسلام السياسي، ولكن البعض منها يستغل وجودها لتحقيق أهدافه الجيو إستراتيجية والبعض الآخر يصمت لأن الأمر لا يعنيه أو كانه يقول لنفسه دعهم يتقاتلون فيما بينهم بدلًا من أن ينشغلوا بالتعمير والتنمية.
المشكلة الكبيرة في القطاع العريض من الفاعلين في الحياة السياسية والثقافية المتعاطف مع تلك الجماعات وخصوصًا جماعة الإخوان.
هذا التعاطف مؤسس منذ عقود على أفكار خاطئة عن جماعة الإخوان ولكنها أصبحت من مسلمات في اللاوعى الجمعى لهؤلاء.
على سبيل المثال هناك من يعتبرها الشكل الإسلامى للاهوت التحرير، وآخر يعتبرها تيارًا ذا بُعد ما بعد حداثي، وآخر يعتقد أن فصل الدين عن الدولة هو خصوصية مسيحية بينما المزج بينهما بالطريقة التى ينادى بها الإخوان هى من خصوصية وهوية الإسلام، وآخر يجزم بأن جماعة الإخوان هى الإسلام أو هى التيار الغالب في الإسلام، وآخر يؤكد أنها جماعة يمكن لها أن تتوافق مع القيم الأساسية للعيش المشترك، وآخر ينظر لاعتبار العنف التى تمارسه الإسلاموية ليس بسبب الأيديولوجية ولكن لأسباب اقتصادية وسياسية واجتماعية فقط، وآخر لا يشك في أن الإسلاموية هى عملية ستؤدى حتمًا إلى تطور الإخوان إلى تيار ما بعد إسلاموي، وآخر يزعم أن جماعة الإخوان يمكن لها أن تسلك نفس الطريق الذى سلكته الأحزاب المسيحية الديمقراطية في أوروبا، وآخر لديه يقين لا يتزعزع في أن الإخوان هى رد فعل هويات مشروعات المستعمر السابق في المجال الثقافي، وآخر يعتبر أن تحليل النصوص التأسيسية لفهم ممارسات ومخيلة الإسلاميين هو نوع من الاختزال لحقيقتهم.
كل تلك المقولات التى يعتمد عليها المتعاطفون مع الإسلاموية من باحثين في الأكاديمية الغربية هى مقولات غير صحيحة وغير مبنية على قراءة منضبطة منهجيًا ومعرفيًا للإسلاموية. 
ومما لا شك فيه أن تلك المقولات المغلوطة والتى تحولت بمرور الوقت إلى لا فكر فيه تصب في صالح الإسلام السياسى لأنها تدفع تلقائيًا ليس فقط نحو قبول حركات الإسلام السياسى ولكن للتعاون معها والزود عنها في الأكاديميات الغربية. 
هناك جهد يجب بذله لمجابهة الإسلامويين إبستمولوجيا وهى المجابهة المصيرية والأكثر نجاعة لإفهام حقيقة حركات الإسلام للفاعلين في المجال السياسى والثقافى في الغرب. أسعى للمساهمة في ذلك بسلسلة مقالات ومداخلات في القريب العاجل. 
يبقى بعد ذلك أن أهم الطريقة الأمثل يتوجب الإصرار عليه في عملية كشف حقيقة حركات الإسلام السياسى للمجتمع الغربى هو إيضاح أن الإرهابى ليس هو فقط من يقوم بتسهيل أو بتنفيذ عمل إرهابى وهو استخدام العنف من قبل شخص أو أكثر ليس مخولا له استخدامه لأنه عمل من أعمال الدولة والقاصر عليها فقط، من أجل أو بالادعاء أنه من أجل قضية سياسية أو عرقية أو دينية من أجل إرهاب من استخدم ضده مباشرة أو المجتمع الذى يعيش فيه أو أجهزة الدولة الذى وقع في نطاقها الفعل أو مجموعة الدول المتحالفة معها أو الإقليم أو العالم أجمع. فالإرهابى هو من نظر وشرعن لذلك الفعل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وأنشأ أو انضم أو شارك في قيادة الجماعات والخلايا القابلة للاستخدام العنف لنشر أفكارها أو فرضها في الحال أو لاحقا، الإرهابى هو من يبرر للفعل الإرهابى مرجعًا إياه لأسباب اقتصادية أو سياسية أو لأمور تتصل بحقوق الإنسان أو الديمقراطية، الإرهابى هو من يقدم التغطية الإعلامية أو التحليلات التى تحقق أهداف العمل الإرهابى قبل أو بعد وقوعه أو تعفى أو تهون من مسئولية الايدلوجية في العمل الإرهابى أو من مسئولية مرتكب الفعل الإرهابي. هذا هو التعريف المبدئى للإرهاب الذى يتوجب علينا الإصرار عليه. 
■ أوشك نظام الملالى على السقوط في إيران، فلماذا فشل في تصدير الثورة الإسلامية؟
- يمكننا القول اليوم إن تلك التجربة فشل ذريع للإسلاموية في صيغتها الشيعية الخومينية، فشل على كل المستويات الاقتصادى والاجتماعي، ولا يوجد فشل أكبر من أن أنظمة دفاعية إيرانية تطلق النيران على طائرات مدنية وقطع بحرية إيرانية تطلق على بعضها النيران. لقد سحبت الولايات المتحدة أنظمة «باتريوت» الدفاعية من المملكة العربية السعودية فيبدوا أنها لم تعد بحاجة إليها ويبدو أنها قد تمكنت من احتلال إيران إلكترونيا. 
■ وكيف ترى دعم تركيا وقطر لحركات الإسلام السياسي، وما مستقبل ذلك؟
- قد يرى البعض أن دعم قطر وتركيا المادى واللوجستى لهذه الحركات يعطيها قبلة الحياة، وهذا يبدو صحيحا للوهلة الأولى، خصوصًا على المدى القريب والمتوسط، ولكن على المدى الطويل قد يكون ذلك من أهم عوامل الأفول، حيث ربطت الإخوان مصيرها بمصير النظامين الحاكمين في الدولتين وفى المقابل ربطا مستقبليهما هما أيضًا بمصير الإخوان. 
ففى مقابل هذا الدعم التركى على سبيل المثال هناك التأييد المطلق من الإسلاميين العرب لما يفعله الأتراك يؤكد أولًا أن «العرب المتعثمنة» اختاروا ألا يكون لهم مكان في الدولة الوطنية ولا عند العرب. ثانيًا الجميع يعرف أن تركيا مختزلة حاليًا في شخص واحد، فأردوغان هو الحزب وهو الدولة هو كل شيء فإن سقط سقط معه الجميع. 
وتبرير تقلبات المواقف التركية من مختلف القضايا المثارة في الإقليم تضرب مصداقية الإخوان في مقتل وتقدم هدايا لخصومهم. على سبيل المثال التبريرات المضحكة للإخوان لعدم تطبيق أردوغان الشريعة إلى الآن وعدم منعه لبيوت الدعارة.
وهناك مثال فج لهذا التناقض: تشترى الدولة التركية بقيادة أردوغان وبنقود قطر حليفى الإخوان من شركة صهر أردوغان سلجوق بيرقدار طائرات مسيّرة بدون طيّار فيقتل بها الأتراك بالأموال القطرية الليبيين والسوريين والعراقيين العرب المسلمين ويحتفل بذلك الفساد المالى الفج والقتل والتدمير في بلاد العرب الإخوانى المصري. 
من جانب آخر موقف الإخوان من تركيا يؤلب عليهم المجتمعات والدول الوطنية العربية وتركيا أردوغان لها حدود في الحماية، فالحوادث أثبتت أن القرار والمواقف التركية النهائية لا ثوابت إلا المصلحة. أخيرًا ارتهان الإخوان لتركيا أشاع لديهم مواقف وتصريحات تعارض على طول الخط بما يسمى لديهم بثوابت الجماعة، فأظهرها أكثر وأكثر متعارضة مع نفسها مهللة منقسمة على نفسها فأفقده ثقة حتى الكثير ممن ينتمى إليها. 
من كل تلك الأمثلة نستنتج أن تركيا والإخوان يحرق كلا منهما الآخر على المدى الطويل. ونفس الشيء يتطبق بأمثلة أخرى مع قطر التى اضطرت في شهر رمضان لسحب مقال من على موقع الجزيرة يقول إن هشام عشماوى لم يفعل شيئا سوى أنه سلك طريق المقاومة المسلحة وأن رفاعى سرور ما هو إلا شيخ فاضل وشخصية إسلامية بارزة.
قطر مقاطعة من جيرانها وهناك كتب تؤلف للكشف بالوثائق والأدلة عن كيفية تغلغل الإرهاب في أوروبا عبر تنظيم الإخوان المُموّل من قبل قطر على سبيل المثال «أوراق قطرية.. كيف تُموّل الدوحة الإخوان المُسلمين في أوروبا». 
بالتأكيد من أهل قطر من يسأل لماذا تدافع عن الديمقراطية ليل نهار ولا تدعم إنشاء ديقراطية في قطر. فقطر لمن لا يعرف لا توجد بها أحزاب وليس فيها أى نوع من الانتخابات سوى انتخابات البلدية التى تختص فقط بمراقبة القوانين والقرارات المتعلقة بشئون تنظيم المبانى وتخطيط الأراضي. 
قطر تخسر الكثير بسبب هذا التحالف وبطبيعة الأحوال ربما تطعن الإخوان الطعنة الأخيرة ما قبل الموت أو قد تنقلب الإخوان على الحكم في قطر فتستولى على الحكم أو قد يستمر في استنزاف كل منهما الآخر حتى الهلاك معا. 
■ وهل تتفق مع من يرى أن الحركات الصوفية هى البديل المستقبلى لحركات الإسلام السياسي؟
- يعتقد الكثير من الباحثين بذلك ولكن لى وجهة نظر مختلفة، فأنا أظن أن المستقبل للإسلام غير الإسلاموي، بمعنى كل إسلام يعتقد بأنه لو تكلمت التجارب الحداثية الفكرية في العالم العربى في القرنين الـ١٩ والـ٢٠ لقالت للإسلاميين: «وإذا الموءودة سئلت بأى ذنب قتلت». المستقبل لكل إسلام يؤمن بأننا لا يجب علينا أن نفكّر نيابة عن الناس، بل أن نعطيهم الوسائل كى يشكّلوا رؤيتهم للدين بطريقة متبصّرة.
كل إسلام يعتقد بأنه لا جدوى من أى تجديد للخطاب أو للفكر الدينى دون تعليم يرتكز في الأساس على الفكر النقدي. المستقبل لكل إسلام لا يدعى فيه أحد أنه الممثل الحصرى بشكل مباشر أو غير مباشر، للنسخة الصحيحة للإسلام أو يدعى فيه أنه ممثل الله في الأرض وأن من يعارضه هو الطاغوت. المستقبل للإسلام الذى لا يصادر السياسة ولا تصادره السياسة فيظل في نطاق علاقة الإنسان بربه. الإسلام الذى ينشغل فيه المسلم بعلاقته بربه وليس بعلاقة الآخر سواء كان مسلمًا أو غير مسلم.