الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من يعيد لمصر صوتها !؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان موجعا عدم وجود منصة إعلامية مصرية قادرة على دحض وتفنيد الأكاذيب التي يروجها الإعلام الإثيوبي بشأن سد النهضة، من خلال مواقع إلكترونية وصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت كمية الملاسنات بين المتداخلين المصريين والإثيوبيين والسودانيين وغيرهم مزعجة ومهددة للعلاقات ما بين شعوب دول حوض النيل، فضلا عما تضمنته تلك الصفحات من مغالطات وأكاذيب واضحة.

وأسباب الوجع أن الكثير من القضايا المصرية خاصة بعد أحداث ٢٥ يناير لم تجد إعلاما مهنيا لشرحها وهو ما أساء إلى صورة مصر لدى عوام العرب الذين لم يجدوا سوى الإعلام الأسود –عربيا أو أجنبيا- كي يعتمدوا عليه في استقاء معلوماتهم عن قضايانا الوطنية والعادلة.

تخلت مصر طواعية عن صوتها وعن دورها الإعلامي الريادي في محيطها الإقليمي والدولي بل وفي الداخل أيضا، وتركت آخرين يتحدثون باسمها أحيانا كما تركت لأعدائها حرية نصب منصات فضائية أو عبر الإنترنت تناقش قضايانا الوطنية نيابة عنا.

التجربة أثبتت أن الإعلام سلاح استراتيجي يعبر عن قوة الدولة ويحمي أمنها القومي، ويبث رسائلها نحو مواطنيها في الداخل ونحو الفئات المستهدفة في الخارج بما يدعم ريادتها في محيطها وسيادتها داخل إقليمها.

ولايمكننا أن نتجاهل تراجع مهنة الصحافة التقليدية التي كانت إحدى أسلحة القوي الناعمة المؤثرة في الداخل المحلي والخارج العربي والأجنبي، حتى ان بعض المؤسسات كانت قد أصدرت في بداية تسعينيات القرن الماضي إصدارات باللغتين الإنجليزية والفرنسية لمخاطبة الاجنبي بلغته وثقافته.

أما الآن فمعظم مؤسساتنا الصحفية تعاني تراجعا واضحا في نسبة توزيعها، وتراكم ديونها ما يجعلها غير قادرة على تحمل نفقات أعبائها التقليدية، وبما يقيد انطلاقها بقوة، بعد ان اضطرت إلى تقليص نفقاتها، وغلق كثير من مكاتبها الصحفية الخارجية تحت وطأة المصروفات والأعباء المادية.

أما الصحف المستقلة والحزبية فليست أفضل حالا فهي تعاني نفس المتاعب الاقتصادية التي تعاني منها كل المؤسسات الصحفية وهي فوق ذلك لا تتلقى دعما حكوميا مباشرا، مثل المؤسسات الحكومية بل تؤدي دورها ورسالتها في ظروف أشد وطأة وأسوأ حالا.

وكانت الإذاعات المصرية الموجهة إلى دول أفريقيا بلغاتهم المحلية، في أوج نشاطها في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، وسيلة مهمة لنشر الرسالة السياسية المصرية، وكان لها تأثيرها المباشر في تدعيم القوة الناعمة المصرية إلى أبناء القارة وهو ما كان له تأثيره المباشر في دعم القضايا العربية، والمصرية بشكل خاص.

أما التليفزيون المصري الذي ولد عملاقا في بداية الستينيات قد أصبح اليوم عجوزا عاجزا عن مواجهة تحديات تجاوزته وتركته يعاني عزلة داخل عرينه القابع فيه خاملا على كورنيش نيل القاهرة، يقاوم لحظة النهاية بمحاولات يائسة من جلسات التنفس الصناعي، لعلها تبعث فيه الروح من جديد، رغم انه متخم بالكفاءات والخبرات، التي يمكنها ان تبعثه من جديد وتعيده سيرته الأولى عملاقا عندما ولد قبل أكثر من ستة عقود.

أما الفضائيات المصرية، فلاتزال غير قادرة على جذب المشاهد العربي والأجنبي، الذي انصرف عنها إلى قنوات أخري أكثر حرفية وأعلي قدرة على جلب الاخبار من كل مكان بسرعة ومهنية، من خلال مراسلين في جميع اماكن الصراع، مدربين وقادرين على تحقيق خدمة إعلامية مميزة.

فضائياتنا الخاصة في معظمها، لم تلجأ إلى المهنيين الناجحين من الاعلاميين المصريين واعتمدت في الغالب على بعض الدخلاء، لتقديم برامجها الرئيسية لا يملكون قدرات مميزة ولا ثقافة تمكنهم من توصيل رسالة إعلامية قادرة على تحقيق اهدافها. وبالإضافة إلى رتابة المواد الإعلامية التي تبثها هذه الفضائيات نجد هناك أخطاء لغوية وإملائية فجة في شريط الأخبار أسفل الشاشة، وهو ما يعني ان هذه القنوات تعتمد على عناصر فقيرة علميا ومهنيا، ربما كان اتجاههم هذا توفيرا للنفقات الا ان هذا الاتجاه يسيئ إلى وجه مصر الإعلامي ويعطي رسالة سلبية للمتلقي وتخصم منا ولا تضيف لنا.