الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

هيرمان هيسه.. أديبا أو لا شيء

هيرمان هيسه
هيرمان هيسه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في بداية حياته عاش الكاتب السويسري ذو الأصل الألماني هيرمان هيسه في بداية حياته مع عائلته ولكنه لم يتحمل جو العائلة المحافظة بشكل مفرط والمدافعة عن البروتستانتية بشدة، لذلك هرب وقرر أن يعيش حياته مستقلا عن هذه السلطة العائلية.
كان الأديب المولود في الثاني من يوليو عام 1877 يميل إلى الخيال ويتمسك بكل فكرة من أفكاره ويكون لنفسه عالما خاصا به٬ حيث كان متمردا بطبيعته وقد تمرد أول ما تمرد على البيت وجوه الصارم٬ بدأ في كتابة الشعر وكان يقول "لقد تبينت بوضوح عندما بلغت الثالثة عشرة من عمرى أنني إما انا أصبح شاعرا أديبا أو لا أصبح شيئا على الإطلاق". ربما هذا ما جعله يتألق في إبداعه حتى حصد جائزة نوبل في الآداب عام 1946.
كانت عملية تحقيق الذات هي المرحلة الأصعب في حياة الأديب الباحث عن الهوية، وهو ما ظهر في رواياته، التي تغلب عليها ملامح وقصص من التجارب المعاشة، بالإضافة إلى تحليل لأناه الشعرية، لتظل موضوعات البحث عن الاستقلال الذاتي، وعن الفهم الديني غير المتشدد المفتوح على أنماط الحياة الأخرى، وعلى أفكار أخرى، محورا للاهتمام بأعماله. 
قدّم "هسه" في رواية "دميان" منطقا فلسفيا سليما، الا أنه مبتكر، متمرد يكسر التعاريف الكلاسيكية للمصطلحات الوضعية التي تحولت في أذهاننا إلى بديهيات، فيحكي عن لصين حكت عنهما الأساطير التوراتية، أحدهما تاب في نهاية حياته، والآخر أبى التوبة، فيتساءل ما تعني التوبة في نهاية العمر، ماذا تعني أكثر من مجرد كلامٍ جميل!، هي مجرد برهان لفظي عن كوننا غير قادرين على اختيار من نحن، هي تجرد من أنفسنا وما كناه طيلة حياتنا، هي عدم اعتراف بما منحتنا إياه خطايانا.
هكذا انتهج هسه فكرة فلسفية ترمي إلى أن أولئك القادرين على اتخاذ القرار بالخطيئة، هم فقط القادرون على تغيير العالم، داعيا لعدم نبذ الأفكار، حتى تلك التي تبدو مخيفة وآثمة.
رأى الأديب الكبير كذلك أننا نحن جزء من الكون، وكل ما فيه موجود فينا بشكل أو بآخر، مثلما تحتوي أجسادنا على قائمة التطور السلالي، حياتنا رحلة إلى ذواتنا، والرحلة إلى ذواتنا ماهي إلا اكتشافنا لعناصر الكون الكامنة فينا، والوصول إلى الجوهر الإلهي المخبأ، يرتعد شيء ما في العمق، لكن الأمر بالنسبة إليه ليس بعبثية انتظار جودو، فهناك فرق بين حمل العالم في داخلنا، وبين معرفة ذلك، فشرارة الإدراك هي عملية الخلق اللامتناهي.