السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

30 يونيو.. ثورة شعب «2»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا شك أن مرسي لم يكن صاحب القرار، وكان عليه دائما أن يعود أولًا إلى مرشده الذي بايعه على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وكذلك نائب مرشده خيرت الشاطر والذي كان المرشح الأول للرئاسة، فلما استبعد واستبدل بمرسي حلف له الأخير أن يعود إليه في كل كبيرة وصغيرة، وكانت الجماعة تظن أن هذه الجموع الغفيرة التي نزلت إلى الشوارع والميادين في 30 يونيو ستعود إلى بيوتها خلال ساعات وسينتهي الأمر، وقال المرشد، إن الجيش يعلم أن سيناء مليئة بالمجاهدين الذين سيقفون ضد أي محاولة للنيل من مرسى، والأمر سينقلب حتما إلى حرب أهليه لا يقدر الجيش عليها، هكذا كان تحليل الموقف عند الإخوان، ولكنهم فوجئوا جميعا عبر شاشة التليفزيون ببيان القيادة العامة للقوات المسلحة والذي جاء بصوت العقيد ياسر وهبة، وفيه "إن الأمن القومي للدولة معرض لخطر شديد إزاء التطورات التي تشهدها البلاد، وهو يلقي علينا بمسئوليات كل حسب موقعه للتعامل بما يليق من أجل درء هذه المخاطر، لقد استشعرت القوات المسلحة مبكرًا خطورة الظرف الأمني وماتحمله طياته من مطالب الشعب المصري العظيم، ولذلك فقد سبق أن حددت مهلة أسبوع لكافة القوى السياسية بالبلاد للتوافق والخروج من الأزمة، إلا أن هذا الأسبوع مضى دون ظهور أي بادرة أو فعل وهو ما أدى إلى خروج الشعب بتصميم وإصرار وبكامل حريته على هذا النحو الباهر الذي أثار الإعجاب والتقدير... "إن القوات المسلحة تعيد وتكرر الدعوة لتلبية مطالب الشعب وتمهل الجميع ثمانية وأربعين ساعة كفرصة اخيرة لتحمل اعباء الظرف التاريخي الذي يمر به الوطن الذي لن يتسامح أو يغفر لأى قوى تقصر في تحمل مسئولياتها، وتهيب القوات المسلحة بالجميع بأنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة فسوف يكون لزاما عليها استنادًا لمسئوليتها الوطنية والتاريخية واحتراما لمطالب شعب مصر العظيم أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها بمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة..إلخ.. "هنا ارتعدت فرائص مرسي وهو يستمع لبيان القيادة العامة للقوات المسلحة، وهاج وماج أمام ضباط الحرس الجمهورى،وكان في حالة عصبية جعلته يردد بشكل هستيري أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة.. أنا الرئيس.. أنا رئيس الجمهورية، كيف يذاع هذا البيان دون إذني، وفى الوقت الذى كانت الدكتورة باكينام الشرقاوي تجري اتصالًا بصلاح عبدالمقصود وزير الإعلام لتسأله كيف تم إذاعة هذا البيان دون إذن الرئيس، كان مرسى يجري اتصالًا بالمرشد العام للجماعة والذي نصحه بالاتصال فورًا بالرئيس الأمريكي وإبلاغه أن الجيش يتدخل في المشهد السياسي وسيؤدي ذلك إلى تعطيل حركة الديمقراطية، وبالفعل قام عصام الحداد بطلب البيت الأبيض كي يتحدث مرسي مع أوباما والذي لم يكن موجودا بمكتبه حينها حيث كان في زيارة لتنزانيا، وشعر مرسي بالمأزق الذي يواجهه، فالساعات تمر ومهلة الثمانية والأربعين ساعة ستنتهي والجيش هذه المرة لم يترك الأمر للظروف ولكنه حدد ما سوف يفعله، أنها خارطة المستقبل التي سيضعها مع كافة القوى السياسية، وفي تلك اللحظات العصيبة توالت الأخبار على رأس مرسي كالصواريخ، فهناك أكثر من تسعين دبلوماسيًا تقدموا باستقالتهم فضلًا عن بعض المسئولين الكبار الذين تقدموا أيضًا باستقالاتهم كمحمد كامل عمرو وزير الخارجية وهشام زعزوع وزير السياحة وعاطف حلمي وزير الاتصالات وعبدالقوى خليفة وزير المرافق وحاتم بجاتو وزير الدولة للشؤن القانونية والمجالس النيابية، كما أصدر حزب النور بيانا يعلن تأييده لمطالب الشعب في الثلاثين من يونيو وأصدر الأزهر الشريف بيانا يدعو كل مسئول إلى تحمل المسئولية أمام الله والتاريخ والعالم محذرا من الانجراف إلى حرب أهلية، وأصر مرسي أن تصدر الرئاسة بيانا تؤكد فيه أن بيان الجيش من شأنه إرباك المشهد السياسي في مصر، وعنما اقترب ليل الأول من يوليو طلب مرسي من رئيس وزرائه إبلاغ الفريق أول عبدالفتاح السيسي الحضور إلى مقر إقامته لاجتماع عاجل في صباح اليوم التالي، وبالفعل التقى مرسي بالقائد العام في حضور هشام قنديل وهو اللقاء الأهم والأخطر، بل هو لقاء المواجهة والذي سنسرده تفصيلًا في المقال القادم.