السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مبارك فصل من التاريخ «16»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عاد مبارك بعد لقاء الرئيس السادات إلى بيته وأخبر زوجته وولديه بالمنصب الجديد الذى سيتولاه، فكان الوجوم والصمت هو رد فعلهم وذلك لأسباب مختلفة، فالسيدة سوزان كانت تدرك أن عالم السياسة تحفه المخاطر من كل جانب، وهو ملئ بالمؤامرات والدسائس والمفاجآت، وإلى جانب هذا فإن الزوج الذى كان مشغولًا طوال حياته بعمله في القوات المسلحة سيصبح من الغد الرجل الثانى في وطن يعج بالمشكلات، وبذا فهى لن تهنأ به كزوجة أرادت أن يشاركها الرجل بعض مسئوليات البيت التى ألقاها على عاتقها وتفرغ لحياته العسكرية، أما علاء وجمال فقد شعرا بأن منصب والدهما الجديد سيضع قيودًا عليهما في التحرك ومقابلة أصدقائهما أو الذهاب إلى أى مكان مع زملاءهما، فأبناء نائب الرئيس غير أبناء أحد قادة الجيش، من اليوم إختلف كل شيء، حتى الشقة التى يسكنها الرجل منذ سنوات طويلة سيتم نقله منها لدواع أمنية، وبالفعل اختارت الرئاسة قصر العروبة ليكون مقرًا سكنيًا للنائب وأسرته وهو القصر الذى رفض مبارك أن يغيره أو أن ينتقل منه عندما أصبح رئيسًا للجمهورية، رغم كونه أحد القصور المتواضعة حيث لا يحوى عددًا كبيرًا من الغرف، وهاهى الأيام تمر ومعها يزداد قرب مبارك من السادات ذلك الثعلب السياسى المحنك، ولا شك أن مبارك قد نال ثقة السادات فظل لمدة ست سنوات كاملة يسير كظله،وقد بعثه السادات برسائل شخصية ورسمية للعديد من الملوك والأمراء والرؤساء في سائر أنحاء بلدان العالم، ولعب مبارك دورًا كبيرًا في حرب الصحراء، حيث أوفده السادات في مهمة بالغة الصعوبة والتعقيد مابين الجزائر والمغرب، والتقى بالرئيس الجزائرى هوارى بومدين وبالملك الحسن الثانى ملك المملكة المغربية، ونجح مبارك في الوصول إلى حل مؤقت ووقف أعمال القتال، وبعثه السادات مرة أخرى في زيارة سرية إلى المغرب قبيل إعلان مصر مبادرة السلام وسفر السادات إلى إسرائيل في نوفمبر 77 وذلك بهدف الترتيب لهذه الزيارة، وعندما غير السادات قانون الأحزاب وأنشأ الحزب الوطنى الديمقراطى اختار مبارك ليكون نائبًا لرئيس الحزب وأمينًا عامًا لمؤتمره الأول، وظل مبارك إلى جوار السادات لا يفارقه حتى جاءت اللحظة الأخيرة، عندما امتدت يد الغدر لتغتال رئيس مصر أثناء العرض العسكرى في 6 أكتوبر 81، كانت لحظة قاسية، فالطلقات التى اخترقت عنق وصدر السادات ومعه سبعة من كبار الشخصيات والضيوف كادت أن تمتد إلى مبارك نفسه، وثمة من يغيب عنه أن السادات لم يكن الشهيد الوحيد في هذا الحادث، بل استشهد اللواء أركان حرب حسن علام كبير ياوران رئيس الجمهورية والمهندس سمير حلمى رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات والمقدم خلفان ناصر من سلطنة عمان ومحمد يوسف رشوان المصور الخاص بالرئيس وكذلك الأنبا صموئيل والذى كان أحد ممثلى الكنيسة وشانج لوى من السفارة الصينية وسعيد عبدالرؤوف بكر من السفارة العمانية، وفى وسط الإرتباك وحالة الفوضى التى حدثت بعد إطلاق النار المفاجىء ناحية المنصة فوجىء مبارك برجال المخابرات العامة يجذبونه بقوة بينما كان يبحث هو عن الرئيس السادات وقاموا بدفعه إلى داخل سيارة تابعة للمخابرات وعندما ابتعدت السيارة عن المكان بدأت الاتصالات وعرف مبارك أنه قد تم نقل السادات بطائرة هيلكوبتر إلى مستشفى المعادى فطلب من الموجودين بالسيارة أن يذهب إلى هناك وقام بالاتصال بالدكتور فؤاد محيى الدين النائب الأول لرئيس الوزراء وبمجموعة من المسئولين لمقابلته في المستشفى، وبينما الرئيس السادات في غرفة العمليات إجتمع كبار المسئولين في صالون بمستشفى المعادى وذلك لاتخاذ قرارات عاجلة لضمان سلامة الوطن، فالأخبار التى أتت من أسيوط تؤكد أن الجماعة الإسلامية قد سيطرت على مبنى المحافظة وقتلت مايزيد على مائة ضابط وجندى من الشرطة، وكان القرار الحاسم لمبارك بأن يتم التنسيق بين وزارتى الدفاع والداخلية لإنهاء هذا الأمر خلال ساعات، وقبل ذلك تحركت وحدات من الجيش لتأمين مبنى التليفزيون والمنشآت المهمة في القاهرة، وخرج الطبيب من غرفة العمليات ليؤكد لمبارك والدكتور فؤاد محيى الدين والدكتور صوفى أبوطالب رئيس مجلس الشعب ان السادات قد فارق الحياة، فكانت صدمة للجميع ولكن سرعان ماتماسك هؤلاء لأن مصير الوطن أصبح رهين تصرفاتهم، فتم الإتفاق سريعا على صياغة بيان يلقيه مبارك عبر التليفزيون في السادسة مساء يعلن فيه للعالم استشهاد بطل الحرب والسلام، وحسب دستور 71 فقد تولى صوفى أبوطالب رئاسة الجمهورية بشكل مؤقت لحين الاستفتاء على رئيس جديد للبلاد، واجتمع مجلس الشعب لطرح الاسم الذى سيتم الاستفتاء عليه واختار المجلس بالإجماع نائب الرئيس حسنى مبارك، وبالفعل تم الاستفتاء الشعبى على مبارك والذى حصل على ثمانية وتسعين ونصف بالمائة من مجموع الأصوات وحلف مبارك اليمين ظهر يوم 14 أكتوبر 81 ليعتلى سدة الحكم في مصر لمدة ثلاثين عاماُ، هذه المدة التى تحتاج لسلسلة أخرى من المقالات سوف نكتبها في وقت لاحق.