تمر اليوم الذكرى الـ 89 لميلاد الفنانة الراحلة فاتن حمامة، حيث ولدت في 27 مايو 1931، وارتبطت الراحلة بعالم السينما في سن مبكرة عندما كانت في السادسة من عمرها عندما أخذها والدها معه لمشاهدة أحد الافلام، وكانت الممثلة آسيا داغر تلعب دور البطولة في الفيلم المعروض، وعندما بدأ جميع من في الصالة بالتصفيق لآسيا داغر، شعرت فاتن بأن الجميع يصفق لها.
فازت الطفلة فاتن بمسابقة أجمل طفلة في مصر، وبعدها أرسل والدها صورة لها إلى المخرج محمد كريم الذي كان يبحث عن طفلة تقوم بالتمثيل مع الموسيقار محمد عبد الوهاب في فيلم "يوم سعيد"، وأصبح المخرج محمد كريم مقتنعًا بموهبتها فقام بإبرام عقد مع والدها ليضمن مشاركتها في أعماله السينمائية المستقبلية، وبعد 4 سنوات استدعاها نفس المخرج مرة ثانية للتمثيل أمام محمد عبد الوهاب في فيلم "رصاصة في القلب"، ومع فيلمها الثالث "دنيا" بدأت في ترسيخ أقدامها بالفن، وبعدها دخلت المعهد العالي للتمثيل عام 1946.
عاصرت فاتن حمامة عقودًا طويلة في السينما المصرية، ولقبت بسيدة الشاشة العربية، حيث تعد علامة بارزة في السينما العربية، وفي عام 1996 أثناء احتفال السينما المصرية بمناسبة مرور 100 عام على نشاطها تم اختيارها كأفضل ممثلة، وتم اختيار 18 من أفلامها من ضمن 150 فيلمًا من أحسن ما أنتجته السينما المصرية، وفي عام 2007، اختارت لجنة السينما للمجلس الأعلى للثقافة في القاهرة ثمانية من الأفلام التي ظهرت فيها فاتن حمامة فيها ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.
قبل مرحلة الخمسينيات ظهرت في 30 فيلمًا وكان المخرجين يسندون لها دور الفتاة المسكينة البريئة، ولكن كل هذا تغير مع بداية الخمسينيات. حيث بدأت في تجسيد شخصيات أقرب إلى الواقع، ففي فيلم "صراع في الوادي" جسدت شخصية مختلفة لابنة الباشا فلم تكن تلك الابنة السطحية لرجل ثري وإنما كانت متعاطفة مع الفقراء والمسحوقين وقامت بمساندتهم، وفي فيلم "الأستاذة فاطمة" مثلت دور طالبة في كلية الحقوق من عائلة متوسطة وكانت تؤمن أن للنساء دورًا يوازي دور الرجال في المجتمع.
واستمرت في تقديم نماذج مختلفة للمراة المصرية، وفي السبعينيات قدمت فيلم "إمبراطورية ميم" مثلت دور الأم التي كانت مسئولة عن عائلتها في ظل غياب الأب، وفيلم "أريد حلا" الذي جسدت خلاله دور امرأة معاصرة تحاول أن يعاملها القانون بالمساواة مع الرجل، وفي عام 1988 قدمت مع المخرج خيري بشارة فيلم "يوم حلو يوم مر" ولعبت فيه دور أرملة في عصر الانفتاح والمبادئ المتقلبة وتحمل هذه الأرملة أعباءً ثقيلة جدًا دون أن تشكو وكلها أمل بالوصول إلى يوم حلو لتمسح ذاكرة اليوم المر.
يرى معظم النقاد أن فاتن وصلت إلى مرحلة النضج الفني مع فيلم "دعاء الكروان" الذي تم تقديمه عام 1959، هذا الفيلم الذي اختير كواحد من أحسن ما أنتجته السينما المصرية، ومن هذا الفيلم بدأت بانتقاء أدوارها بعناية فتلى هذا الفيلم فيلم "نهر الحب" عام 1960، وفيلم "لا تطفئ الشمس" عام 1961، وفيلم "لا وقت للحب" عام 1963، كذلك اشتركت في أول فيلم للمخرج كمال الشيخ "المنزل رقم 13" الذي يعتبر من أوائل أفلام اللغز أو الغموض، وفي نفس العام حصلت على جائزة أحسن ممثلة في الفيلم السياسي "لا وقت للحب".
تزوجت فاتن حمامة ثلاث مرات، الأول في عام 1947 حيث تزوجت من المخرج عزالدين ذو الفقار أثناء تصوير فيلم أبو زيد الهلالي عام 1947، وأسسا معًا شركة إنتاج سينمائية قامت بإنتاج فيلم موعد مع الحياة عام 1954، وكان هذا الفيلم سبب إطلاق النقاد لقب سيدة الشاشة العربية عليها. وظلّت منذ ذلك اليوم ولحد آخر أعمالها مسلسل "وجه القمر" الذي قدمته عام 2000 صاحبة أعلى أجر على صعيد الفنانات، انتهت العلاقة مع ذو الفقار بالطلاق عام 1954 وتزوجت عام 1955 من الفنان عمر الشريف، وبعد انفصالها عن عمر الشريف بعام واحد فقط، تزوجت من طبيب الأشعة الدكتور محمد عبد الوهاب عام 1975، وظلت تعيش معه في هدوء حتى وفاتها.
حصدت الراحلة العديد من الجوائز والتكريمات، منها أحسن ممثلة لسنوات عديدة، وشهادة الدكتوراة الفخرية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1999، وجائزة نجمة القرن من قبل منظمة الكتاب والنقاد المصريين عام 2000، وسام الأرز من لبنان، وسام الكفاءة الفكرية من المغرب، والجائزة الأولى للمرأة العربية عام 2001، ميدالية الشرف من الرئيس جمال عبد الناصر، ميدالية الشرف من الرئيس محمد أنور السادات، ميدالية لاستحقاق من ملك المغرب الحسن الثاني بن محمد، ميدالية الشرف من قبل إميل لحود، وسام المرأة العربية من قبل رفيق الحريري، عضوة في لجنة التحكيم في مهرجانات موسكو وكان والقاهرة والمغرب والبندقية وطهران والإسكندرية وجاكرتا، شهادة الدكتوراة الفخرية من الجامعة الأمريكية ببيروت عام 2013.
ورحلت الفنانة فاتن حمامة في مساء يوم السبت 17 يناير 2015 عن عمر يناهز 83 عامًا و8 أشهر إثر أزمة صحية مفاجئة.
