رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سد النهضة والمراهقة السياسية الإثيوبية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعيش إثيوبيا قصة خداع ومماطلة لمصر، لكى تكسب الوقت لتضعنا أمام الأمر الواقع، وهو قرار الملء المنفرد وبدون شروط وقيود ودون أى اعتبار لمصر، ولم ولن يفلح أو ينطلى هذا الخداع على مصر التى أصرت على إشراك أمريكا كأكبر دولة فى العالم لتكون شاهدة على تعنت الطرف الإثيوبى وحتى لا تختلق إثيوبيا الأكاذيب عن الموقف المصرى فى المفاوضات فما حدث هو أن مصر كشفت أمام العالم كذب وسوء نية الطرف الإثيوبى فى المفاوضات بشهادة أمريكا، وكى لا يتهم أحد مصر باستعراض القوة مع الضعفاء بدون حق مع أن هذا العالم لا يعترف بقوة الحق، ولكن يعترف بحق القوة وبعد أن أعلنت إثيوبيا عن قرارها بالملء بشكل فردى وبشكل استفزازى بعد أن انسحبت فى آخر لحظة من المفاوضات ضاربة عرض الحائط بما سبق وتوافقت عليه فى موقف متعنت وبعد أن رأت إثيوبيا جدية الموقف فى مصر وأنه مصيرى عادت لإبداء رغبتها فى استكمال المفاوضات، وهو ما رحبت به مصر رغم علمها أنها مراوغة جديدة لكسب الوقت أو لتحقيق مكاسب أخرى عبر المفاوضات ويعتبر موقف مصر يحمل فى طياته المثالية والخلق الرفيع المستمد من خلق قائدها الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يتمتع بدماثة الخلق النادرة وبالقوة والصبر والحكمة التى تحمى سفينة الوطن وتنقى شكل مصر أمام العالم فى كل المواقف.
إن نهر النيل هو نهر دولى عابر للحدود يحكمه قانون دولى توافقت عليه كل دول العالم وأقرته وينظم هذا القانون إدارة هذه الأنهار ومن أهم بنود هذا القانون عدم إقامة أى مشروعات أو سدود على مجرى النهر بدون موافقة دول المصب وهو ما تطالب مصر بتطبيقه وهو ما تنكره إثيوبيا۔
ولم يكن سد النهضة المشروع الأوحد أمام إثيوبيا لإحداث نهضة اقتصادية، ولم يكن الغرض من إنشاء هذا السد هو هدف تنموى بحت ولكن ظهر هذا السد كوسيلة لخلق خلاف بين الدولتين تستخدمه دول معادية نكاية فى مصر.
ومع أن هذا السد مجرد وجوده كارثة لمستقبل المياه فى مصر، ولكن لم تعترض مصر على المبدأ وسعت فى مفاوضات طويلة ومضطربة سنوات وسنوات لوجود حل وسط وعادل تتحمل فيه جميع الأطراف المسئولية والمشاركة والتعاون لتجنب وقوع ضرر جسيم على أحد الأطراف ولكن لم تقبل إثيوبيا أن تصبر لكى لا تضر الآخرين ويتلخص هذا الضرر فى أن سنوات الملء ليست سوى خطر مؤقت ليبدأ الخطر المستديم وأول أسباب هذا الخطر أولًا أن وجود السد سيعرقل تصرف المياه كيفًا وكمًا، أما كيفًا فهو إبطاء سرعة تدفق المياه والتى تؤثر فى زمن انتقال المياه مما يعرضها لفقدان كميات كبيرة نتيجة للبخر والامتصاص، ثانيًا: معدل التصرف الناتج من فتحتى السد لا يكفى لتوصيل المياه إلى مصر والسودان، أما الأخير فهو المستفيد الأول من السد وأشد استفادة من دولة السد نفسها حيث سينظم لها السد وجود المياه طوال الوقت، وبالتالى التوسع فى استخدامها بسهولة من قبل السودان بعد أن كانت فى شكل فيضان جامح لا يستطيع شيء الوقوف أمامه إلا السد العالى، ثالثًا: تريد إثيوبيا أن تتحكم فى كمية المياه، وفى هذه النقطة ترفض وجود مراقبين من دول المصب، وهو ما يعد مخالفًا للأعراف والقانون الدولى المنظم للأنهار العابرة للدول بجانب أن التصميم فى الأصل لم يعرض ولم توافق عليه مصر حيث طلبت وجود أربع فتحات فلم تستجب إثيوبيا وهو ما يجسد التعنت والفهم المتخلف للعلاقات الدولية وحقيقة موقف وواقع البلدين من حيث القوة والضرورات المصيرية لكل دولة فلا أهم من نقطة المياه لكل دول العالم وليس لمصر فقط ومن الواضح أن الجولة الأخيرة من المفاوضات التى سعت لها السودان ووافقت عليها مصر وإثيوبيا لهو الهاء للوصول إلى تمويع الموقف.. إن المنطقى أن تعلن إثيوبيا موافقتها على ما توصلت إليه سابقا وتوقع عليه. أما عودة للمفاوضات مرة أخرى فهو يفضح بما لا يدع مجالا للشك سوء نية الطرف الإثيوبى وهو ما جعل الولايات المتحدة تتوقف عن دعوة طرف متعنت مرة أخرى للمفاوضات.. وللحديث بقية.