الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

البوابة نيوز تكشف: مصر أول دولة استخدمت الطاقة الشمسية منذ 1911

تاريخ الطاقة الشمسية
تاريخ الطاقة الشمسية في مصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بالصور والوثائق والتصميمات "البوابة نيوز" تكشف
مصر أول دولة استخدمت الطاقة الشمسية منذ 1911 في المعادي.. وحكومة الببلاوي تخطط للعودة للفحم
"فرانك شومان" مخترع أمريكي للطاقة الشمسية رفضه العالم واستقبلته مصر عام 1912
منذ قرن من الزمان استطاعت مصر أن تروي مزارع القطن بقوة 55 "حصان شمسي"
وائل النشار: الاستغناء عن الطاقة الشمسية والعودة للفحم عودة للوراء واستراتيجية خاطئة



"البلد دي كانت أحسن من باريس.. كانت الموضة تنزل هنا وبعدين تنزل باريس.. الشوارع كانت نظيفة زي الفل وبتتغسل كل يوم.. المحلات كانت فخمة.. الناس كانوا مؤدبين"
بتلك العبارات لخص الزعيم عادل إمام الحالة التي وصلت إليها مصر في فيلمه الأشهر "عمارة يعقوبيان"، عندما صرخ بأعلى صوته في ميدان طلعت حرب في قلب القاهرة أو التي كانت قاهرة، قائلا :"يـبصوا علينا ليه؟.. يبصوا على البلد اللى باظت.. يبصوا على العمارات اللي كانت أحسن من عمارات أوروبا .. دلوقتي بقت مزابل من فوق ومن تحت مسخ.. إحنا فى زمن المسخ"

تلك الجمل اختصرت حالة التراجع الكبيرة التي وصلت إليها مصر طوال القرن الماضي، فلم تعد القاهرة تفتقد إلى الأناقة والشياكة والفنون فقط، ولكنها أيضا تحولت لمستنقع للرجعية العلمية، ففي الوقت الذي يطالب فيه قطاع الكهرباء أقدم قطاع في افريقيا وأسيا بالعودة لاستخدام الفحم في إنتاج الطاقة الكهربائية لتفادي أزمة الوقود تستعد مصر للاحتفال بمرور 100 عام علي إنشاء أول محطة للطاقة الشمسية في العالم.
الغريب أن تلك المعلومة رغم أهميتها وخطورتها في نفسي الوقت، لا تعلم هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة عنها أي شيء، بل أن الموقع الرسمي لكل مواقع الطاقة الجديدة والمتجددة ووزارة البيئة ومجلس الوزراء لا يوجد بها أي ذكر لتلك المعلومة أو لمنفذها أو حتي لرسومها التصميمية.
الكارثة الأكبر أن مصر بفضل تلك المحطة الشمسية كانت عنوان غلاف أكبر وأقدم مجلة أمريكية متخصصة في الولايات المتحدة الأمريكية وهي مجلة "Electrical Experimentr"، فقد نشرت في الصفحة 35 و36 و37 من العدد الصادر في مارس 1916 صورة ضخمة لصحراء المعادي والجمال تنقل المركزات الشمسية وخلفها يستظل المهندسون المصريون والأمريكان برئاسة العالم الأمريكي فرانك شومان داخل الخيام أسفل عدد من أشجار النخيل.
المحطة الشمسية بدأ العمل بها في 1911 وانتهت الانشاءات في 1913 وبدأ تشغيلها في مطلع 1914، مما يعنى أن مصر هي أول دولة فى العالم دخلت مجال الطاقة الشمسية والمتجددة، ليدخل شارع 101 بحي المعادي التاريخ من أوسع أبوابه، قبل أن يختفي في دروب التاريخ وتخفي المباني والرمال والأشجار موقع المحطة وتصبح في طي النسيان.
تاريخ المحطة
في أغسطس من عام 1907 حصل مهندس أمريكي يدعي فرانك شومان علي براءة اختراع عن تصميم لأول محرك بخاري ذو ضغط منخفض لاستخدامه مع خلايا جمع طاقة شمسية من مكتب براءات الاختراع الأمريكي بولاية سيرانيفادا، وفي صيف 1908 شيد شومان محرك شمسي تجريبي في فناء منزله في قرية "تاكوني" ليقوم بتخزين الأشعة الشمسية ويحولها لطاقة، وبعد نجاحة في تلك التجربة قام بتأسيس أول شركة للطاقة الشمسية لأنشاء المجاميع الشمسية، مع مستثمرين من ولاية فيلادلفيا بالولايات المتحدة وبريطانيا العظمى، لتكون نواه مؤسسة محركات شومان المحدودة في بريطانيا.
كالعادة لم يقتنع العالم بتلك الفكرة في توليد الطاقة والكهرباء ويستغني عن المصدر الرئيسي ممثلا في الفحم، فاضطر شومان للخروج من أمريكا لبريطانيا، لتنقذه الحكومة المصرية في 1911 وتوافق علي تجربة تلك التقنية الجديدة في صحراء المعادي، بل وتوفر له التمويل المناسب والعمالة المتخصصة.
وفي إبريل 1912 وصل المهندس فرانك شومان لميناء الإسكندرية قادما من لندن علي ظهر السفينة "موريتانيا"، واستلم قطعة الارض من الخديوي، إضافة لعدد كبير من المهندسين والعمال والفنيين المصريين، وفي يوليو 1912 يكلف مجلس إدارة الشركة البروفيسور فيرنون بويز من الفرع الرئيسي بلندن بمتابعة المشروع، ولكنه يكتب تقرير قاسي أن تصميمات شومان ليس مثاليا لتركيز أشعة الشمس المصرية.
كاد تقرير "بويز" يقضي علي حلم "شومان" بإقامة أول محطة شمسية في التاريخ لولا أن فرنك شومان استطاع أن يقنع مجلس الإدارة بلندن بالتصميم الأصلي وتحمل الحكومة المصرية المسئولية، وخرج الاجتماع بتوافق (شومان- بويز) وحملة الأسهم بالشركة علي التصميم المعدل للمحطة، علي أن تستبدل خطوط الصناديق الحرارية بقنوات هلالية الشكل، بدلا من بناء نموذج أول بعد التعديلات تقرر الشركة تشييد محطة جديدة في الموقع بالقاهرة.
وخرجت بالفعل أول محطة طاقة شمسية فى خريف عام 1913، فكانت أول وحدة رفع طاقة شمسية بحجم صناعي فى العالم بالمعادي، واحتوت على خمس جامعات طاقة شمسية، كل منها بطول 62 مترا وعرض 4 أمتار وتفصل بينهم مسافة 7 أمتار، واستمر تشغيلها لفترة أقل من عام، والمفارقة الغريبة أن التجربة الأولي التي أراد شومان أن يجريها أمام الجمهور تم تأجيلها بسبب انصهار الغلايات المصنوعة من الزنك لشدة درجة حرارة صحاري القاهرة وتم استبدالها بالحديد والزجاج.
وفي مطلع 1914 كان عدد كبير من ضيوف مصر من انحاء العالم وعلي راسهم اللورد كتشنر يشاهدون المحرك العملاق يعمل، وينتج طاقة تقدر بقوة ٥٥ حصان وتضخ حوالي ٢٠٠٠ لتر مياه في الدقيقة من النيل لري حقول القطن، وعلي اثر ذلك وافق اللورد كتشنر علي منح شركة الطاقة الشمسية ١٢٠٠٠ هكتار من زراعات القطن في السودان البريطانية لريها بالطاقة الشمسية.
رحل شومان بعد ذلك إلى ألمانيا لعرض مشروع محرك الطاقة الشمسية الأول فى البرلمان الألماني، وتحدث عنها العالم أجمع فى ذلك الوقت، وفى شتاء عام 1914 عاد شومان إلى فيلادلفيا فى إجازة لبضعة شهور احتفالاً بنجاحاته فى مصر وألمانيا، ليعرض على المجتمع الأمريكي مشاهد لمحطة الطاقة الشمسية المصرية عن طريق فيلم يتم عرضه بمسرح الحرية بتاكوني.
وكان لفرانك شومان كلمة شهيرة فى وقت تشييد المحطة هى: "إنني على يقين من شيء واحد.. أن البشرية لابد أن تتحول لاستخدام الطاقة الشمسية أو ترتد إلى البربرية، وما حدث في مصر انطلاقة لعصر جديد من الطاقة".
تلك كانت قصة مصر مع الطاقة الشمسية، بدأت قبل ان يسمع عنها العالم اجمع، ورغم ذلك تقرر حكومتها بعد 100 عام بمحو هذا التاريخ الحافل باسكتية، فقد أكد المهندس وائل النشار خبير الطاقة الشمسية ورئيس مجلس إدارة مؤسسة أونيرا سيستمز إحدى المؤسسات الرائدة في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة علي أن السياسات الخاطئة لاستراتيجيات الطاقة تبرر فشلها بالعودة الي الوراء بالاستعانة بالفحم مرة آخري في إنتاج الكهرباء، مشيرا إلى أن مصر كانت أول دولة في العالم تفتتح محطة للطاقة الشمسية عام 1916، ولكنهم مع الذكري المئوية يريدون العودة للفحم في نظرة قاصرة لأزمة الطاقة في مصر.